سياسة

“تضارب المصالح” يحوم حول “المنع المزاجي” للصحافيين من تغطية أشغال لجان بمجلس المستشارين

“تضارب المصالح” يحوم حول “المنع المزاجي” للصحافيين من تغطية أشغال لجان بمجلس المستشارين

تفاجأ صحافيون واكبوا مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2024 من الغرفة الأولى للبرلمان دون “تضييق” أو “منع” من حقهم في الوصول على المعلومة، بإغلاق أبواب بعض اللجان البرلمانية بمجلس المستشارين.

واختار رؤساء لجان برلمانية بمجلس المستشارين مناقشة الميزانيات الفرعية لعدد من القطاعات الحكومية برسم 2024 بعيدا عن أعين الصحافة، وذلك باللجوء إلى تفعيل سرية اللجان التي ينص عليها الدستور والنظام الداخلي لمجلسي البرلمان.

ويتعلق الأمر بلجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية الذي اختار رئيسها المنتمي للتجمع الوطني للأحرار مع افتتاح اجتماع مناقشة الميزانية الفرعية لوزارة التجهيز والماء التذكير بأن أشغال اللجان سرية وبأن الصحافيين ممنوعون من حضورها، وهو ما حدا بالصحافيين الموجودين في القاعة إلى مغادرتها.

وعَمد عثمان الطرومنية، المستشار البرلماني عن الفريق الاستقلالي للوحدة التعادلية، اليوم الأربعاء، إلى طرد صحافيين من البرلمان خلال مناقشة الميزانية الفرعية لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات أمام لجنة البنيات الأساسية بمجلس المستشارين، بحضور الوزير الوصي على القطاع، محمد صديقي.

الطرمونية اختار إغلاق لجنة البنيات الأساسية بمجلس المستشارين في وجه الصحافة بحجة تطبيق مقتضيات النظام الداخلي المتعلقة بسرية اللجن، غير أن هذا القرار “الانتقائي” لم يشمل عددا كبيرا من الموظفين من أطر المجلس ووزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية بل استهدف فقط الصحافيين دون غيرهم.

وحسب مصادر برلمانية حضرت هذا الاجتماع، فإن القرار الذي اتخذه رئيس لجنة البنيات الأساسية عثمان الطرمونية جاء من أجل إخفاء “لغة المصالح” التي لجأ إليها عدد من المستشارين البرلمانيين للدفاع عن مشاريعهم الفلاحية، خاصة أن منهم من يملك رخصا للصيد في أعالي البحار، مؤكدة أن رئيس اللجنة البرلمانية ارتأى إبعاد الصحافة عن مناقشة الميزانية الفرعية لوزارة الفلاحة للتغطية على فضائح بعض البرلمانيين الذي حضروا بكثرة من أجل الترافع عن مصالحهم الخاصة.

ورفض المستشار البرلماني عن مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، خليهن لكرش، منع الصحافيين من حضور أشغال مناقشة الميزانيات الفرعية للقطاعات الحكومية، مسجلا أن مشروع قانون المالية يهم 40 مليون مغربي وأن النقاشات حوله لا ينبغي أن تظل حبيسة أسوار البرلمان بل ينبغي تبلغيها للرأي العام الذي من حقه الاطلاع على جميع الحيثيات المتعلقة بتوزيع المناصب والتدابير التي تهم المعيش اليومي.

وأكد لكرش في تصريح لـ”مدار21″ أن المؤسسة البرلمانية تمثل الشعب المغربي ولا تمثل فقط نفسها أو أشخاص أو جهات معينة مما يستدعي توسيع هامش حرية الصحافة ومنحها حق الحضور إلى مناقشات قانون الميزانية السنوية ونقل الحقيقة والواقع الذي يجري داخل اللجن، مضيفا” وهو ما يخدم البرلمان الذي ينبغي أن يضطلع بأدوار تمثيل الأمة وإعادة الثقة في المؤسسة التشريعية”.

ويأتي قرار منع الصحافة من تغطية أشغال اللجن رغم أن عددا من الفرق والمجموعات البرلمانية بمجلس المستشارين سبق لها أن راسلت رئيس المجلس النعم ميارة لفتح اللجنة أمام الصحافيين، وتقديم كافة التسهيلات لهم من أجل القيام بعملهم وتتبع أشغال اجتماعا اللجنة لتنوير الرأي العام.

والتمست الفرق البرلمانية ضمن مراسلات متفرقة من ميارة تطبيق مقتضيات النظام الداخلي لمجلس المستشارين ولا سيما المادة 204 منه، والتي تخول له الحق في طلب عقد اجتماعات اللجن الدائمة بشكل علني.

ودعت المراسلات التي تحصل “مدار21” على نسخة منها رئيس مجلس مجلس المستشارين لجعل اجتماعات اللجن الست الدائمة علنية في وجه الصحافة،لاسيما وحسب منطوق المادة 204 من النظام الداخلي، أن هذا الموضوع يستأثر باهتمام الرأي العام الوطني.

وليست المرة الأولى التي تمنع فيها الصحافة من تغطية أشغال اللجن البرلمانية بمجلس المستشارين، حيث فوجئ الصحافيون في أكتوبر الفائت، بقرار منعهم من تغطية أشغال مجلس المستشارين وهو القرار الذي اتخذه مكتب المجلس بإيعاز من أحد الفرق البرلمانية، وتم منع الصحافة من تغطية اجتماع لجنة الشؤون الاجتماعية المخصص لتقديم عرض من طرف وزير التربية الوطنية والتعليم والأولي والرياضة، شكيب بنموسى، حول حيثيات وتداعيات اعتماد النظام الأساسي الجديد لموظفي التعليم.

كما فضل عبد الرحمان أبليلا، المستشار البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، اليوم الأربعاء أن يلجأ إلى “السرية” لكي يغلق أبواب لجنة البنيات الأساسية بمجلس المستشارين في وجه الصحافة خلال مناقشة ميزانية قطاع التجهيز والماء، بحضور الوزير الوصي على القطاع، نزار بركة.

ويتمسك رؤساء اللجان البرلمانية بمجلس المستشارين بسرية أشغال اللجان البرلمانية، بشكل انتقائي، لكنهم في المقابل لا يقدمون بديلا لوساشل الإعلام ضمانا لحق عام في الوصول للمعلومة، حيث بات بعض المستشارين البرلمانيين لا يفضلون وجود الصحافيين من الأصل بجانبهم في المؤسسة التشريعية.

ويستغرب عدد من الصحافيين ممن دأبوا على تغطية أشغال مناقشة مشروع قانون المالية من إغلاق بعض اللجان البرلمانية في وجوههم، خصوصا بمجلس المستشارين، معتبرين أن الأمر قد لا يتعلق بتفعيل “سرية اللجان” بقدرما لا يريد البعض إطلاع الرأي العام ما يروج داخل هذه اللجان.

وأوضح المستشار البرلماني خليهن لكرش، أنه بعيدا عن سلاح “السرية” فإن الدستوري يعطي الحق لأي مواطن مغربي في الحصول على المعلومة، خاصة أنه من حق الشعب المغربي أن يعرف حقيقة ما يدور في مؤسسة دستورية صوت على ممثليه داخلها، مردفا “ربما يعتبر البعض أن الصحافة تنقل فقط بعض آراء الخاصة لكن ذلك يندرج ضمن حريتها وأنها تبقى مسؤولة عن أخلاقيات المهنة.

وشدد المستشار ذاته، على أنه لا يمكن للبرلمان أن يتدخل في هذا المجال بل بالعكس يجب توفير جميع الامكانيات والتسهيلات من أجل أن يؤدي الصحافي، دوره بشكل شفاف ونزيه، مشيرا إلى أن مجموعته البرلمانية راسلت رئيس مجلس المستشارين  النعم ميارة، من أجل فتح أبواب المجلس في وجه الصحافة على غرار مجلس النواب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News