تربية وتعليم

ورقة ترصد تأثير تدبير الحكومة للحوار الاجتماعي على مصداقية النقابات بعد أزمة النظام الأساسي

ورقة ترصد تأثير تدبير الحكومة للحوار الاجتماعي على مصداقية النقابات بعد أزمة النظام الأساسي

على الرغم من استحضارها عمل حكومة عزيز أخنوش بشكل إيجابي لإعادة عجلة الحوار الاجتماعي إلى الدوران بعد توقف طويل خلال ولاية الحكومتين السابقتين، أكدت ورقة رصدية حول “الاحتقان الاجتماعي.. التدبير الحكومي على المحك”، أن تدبير الحكومة لمخرجات الحوار الاجتماعي تطرح تحديات كبيرة على قدرتها على إنجاح الأوراش الإصلاحية الاجتماعية والحفاظ على البناء الحواري، وعلى مصداقية الشركاء الاجتماعيين.

وأوضحت الورقة، التي أنجزها مركز الحياة لتنمية المجتمع المدني ومرصد العمل الحكومي، أن النقابات “بدأت تفقد قدرتها على السيطرة على مجريات الأمور في عدد من القطاعات الكبرى وعلى رأسها التعليم الذي يضم أزيد من 75 في المئة من كتلة موظفي الدولة، والذي يبدو أن النقابات أصبحت متجاوزة بشكل كبير في السيطرة على مستويات الحركة الاحتجاجية التي يعيش على وقعها”.

وأضافت الورقة أنه “إذا كانت الحكومة قد نجحت جزئيا في إخراج عدد من التزامات اتفاق 30 أبريل 2022، كالنظام الجديد لأطر الصحة وأساتذة التعليم العالي والرفع من الحد الأدنى للأجر، فإنها في المقابل غير قادرة على تحديد الأفق لتنفيذ المخرجات الاستراتيجية للاتفاق الحوار الاجتماعي، المتجسدة في الزيادة العامة في الأجور وقانون النقابات وقانون الاضراب وتعديل مدونة الشغل وحل إشكالية صناديق التقاعد المهددة بالإفلاس”.

وتابعت الورقة أن تدبير الحكومة لاتفاق الحوار الاجتماعي أوجد أزمة حقيقية في صفوف النقابات الأكثر تمثيلية، “فعدم تحقيق نتائج الحوار الاجتماعي وتخلف الحكومة عن الالتزام بوعودها سواء الانتخابية أو المتضمنة في التصريح الحكومي أو اتفاق 30 أبريل، وتداخل مساحات وحيز العمل النقابي مع العمل الحكومي، خاصة في ظل تقارب عدد من النقابات مع مكونات الأغلبية الحكومية، دفع بشكل كبير إلى إفقاد النقابات قدرتها على التأطير وعلى الفعل الحاسم داخل الصف العمالي”.

هذا الوضع المأزوم للشركاء الاجتماعيين دفع، وفق المصدر نفسه، إلى “تبلور شكل جديد من أشكال تأطير الحركة العمالية، من خلال تنسيقيات متعددة، تعمل خارج النقابات وتدفع بأشكال احتجاجية أكثر زخما وأكثر قدرة على استقطاب الفئات العمالية، وهو ما أوجد مشكل تمثيلية خاصة في ظل رفض الحكومة الحوار المباشر مع هذه التنسيقيات بمبرر غياب الشرعية القانونية عنها”.

وتابعت أن بروز أزمة إضراب التعليم “جاءت كمظهر للتدبير الارتجالي لإخراج النظام الأساسي لموظفي هذا القطاع، بالإضافة إلى التدبير بالمرتبك للازمة ودفعها نحو التصاعد ومزيد من التوتر”، مشيرة إلى أن “الحكومة وبعد أن اعتمدت مقاربة تشاركية في أغلب مراحل التفاوض على هذا النظام فضلت عزل النقابات عند لحظة إخراج هذا النظام إلى حيز الوجود وجعلتها أمام صيغة غير متوافق عليها، تتضمن عدد من البنود الصادمة لرجال ونساء التعليم وخالية من أي تحفيز مادي حقيقي كما كانت تبشر به”، مضيفة أن ذلك جعل النقابات في موقف اتهام وشبهة التعاون مع الحكومة ضد مصالح الشغيلة.

وأبرزت أن تدبير الأزمة ابتدأ “بتعنت واضح وبسياسة فرض الأمر الواقع، ما جابهه ردة فعل قوية من طرف الشغيلة التعليمة بعيدا عن النقابات، التي وجدت نفسها في تباين بين مختلف مكوناتها، بين من أيد الإضراب وحمل الحكومة مسؤولية ما يقع، وبين من دعا الشغيلة التعليمية الى تعليق الاضراب والعودة  إلى الأقسام”.

وقالت إن “تدبير الحكومة المرتبك لهذا الملف لم يتوقف عند هذا الحد بل واصلت رفضها لأي حوار في ظل استمرار الإضراب، وهو ما عبرت عنه من خلال الخرجتين الإعلاميتين غير المحسوبتين لوزيرين من أعضائها وخاصة وزير العدل عبد اللطيف وهبي، الذي كانت تصريحاته في أحد البرامج الحوارية كصب الزيت على النار، وهو ما أجج الاحتجاجات ووسع من رقعتها الجغرافية ومن أشكالها”.

وأفادت بأن الإسراع بإخراج قانون النقابات، كإطار قانوني ديمقراطي يسمح بتجاوز الأزمة الحالية للنقابات، ويفتح الباب أمام تمثيلية حقيقية للشغيلة، بما يضمن انخراط وانصهار مختلف الأشكال التاطيرية الموجودة حاليا (التنسيقيات)، ويقطع مع الممارسات اللاديمقراطية التي تسود العمل النقابي حاليا والتي تضرب في العمق مصداقية النقابات كشريك اجتماعي رئيسي وأساسي في العملية التنموية التي تعيشها البلاد.

وأوصت الورقة بـ”تجميد مرسوم النظام الأساسي لموظفي التعليم وإيجاد الصيغ المناسبة لإشراك التنسيقيات التعليمية إلى جانب النقابات الأكثر تمثيلية في الحوار باعتبار أنها المتحكمة الرئيسية في الحركة الاحتجاجية، والتزام الحكومة بتنفيذ مختلف التزاماتها المتضمنة في اتفاق 30 أبريل 2023، بما يقوي موقع النقابات ويعيد الاعتبار لأدوارها كشريك وكممثل موثوق للشغيلة المغربية”.

ودعت الحكومة إلى تجاوز “المقاربة المحاسباتية وتبنيها لمقاربة الأداء والفعالية والعمل على إشاعة أجواء الثقة والشعور بالجدية اتجاه تنزيلها للبرامج الإصلاحية لدى مختلف الفئات المجتمعية”، إضافة إلى “تبني الحكومة لخطة تواصلية أكثر قدرة على النفاذ إلى المجتمع والتخلي عن لغة التصادم التي ينهجها بعض وزرائها، وتكثيف الحملات التواصلية حول مختلف البرامج الإصلاحية، وفرض واجب حضور وزرائها لجلسات البرلمان والإجابة عن الأسئلة النيابية الخاصة بكل وزير حسب القطاع الذي يشرف عليه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News