مجتمع

التامك: موظفو السجون يشتغلون “فوق طاقة البشر” والاكتظاظ يُهدد حقوق المعتقلين

التامك: موظفو السجون يشتغلون “فوق طاقة البشر” والاكتظاظ يُهدد حقوق المعتقلين

أكد المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محمد صالح التامك، أن مستوى الاكتظاظ داخل المؤسسات أصبح خطيرا ويهدد بنسف كل الجهود المبذولة للحفاظ على حقوق الإنسان داخل أماكن الحرمان من الحرية، مسجلا أن سجون المملكة لم تعد قادرة على استقبال نزلاء جدد بسبب ضيق المساحة التي لا تقل عن مترين لكل معتقل.

وأوضح التامك، الذي كان يتحدث خلال مناقشة الميزانية الفرعية لإدارة السجون بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، بمجلس المستشارين، أنه لم يصدر بيانا حول عدد الساكنة السجنية التي تجاوزت 100 ألف، إلا بعد مراسلته لكل من رئيس الحكومة والسلطة القضائية والنيابة العامة وجميع المتدخلين لإبلاغهم بأن وضع السجون خطير بسبب الاكتظاظ.

وانتقد المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج ردود الفعل التي أعقبت إصداره للصرخة التي أطلقها في وقت سابق لدق ناقوس خطر اكتظاظ السجون، والتي وصفها بردود “فعل هوجاء ومجانبة للصواب”، بسبب اتهامه بالتدخل في سلطات القضاة والمحامين، وأورد: “لنفترض أنني أخطأت، إذن ما هو الجواب على هذه الإشكالية؟، ويجب التركيز على المضمون بدل الشكل”، معتبرا أن الإشكالية تكمن في القانون الجنائي والمسطرة الجنائية وفي مفهوم ودلالات السجن الاحتياطي.

وبنوع من الاستغراب تساءل التامك: “ما معنى أن أبعث بشخص إلى السجن احتياطا مع العلم أنه يتوفر على الضمانات المالية وغيرها ولن يتمكن من الفرار؟”، قبل أن يستدرك أن “القاضي والوكيل لديهم قناعاتهم وهناك ضغط من الشارع وعدة عوامل أخرى، ولكن إحصاء الساكنة السجينة وصل إلى مستوى اللاعودة”.

وسجل المندوب العام لإدارة السجون، أن المندوبية لم تعد تتوفر على الإمكانيات لاستقبال المزيد من السجناء، وأشار إلى أنه منذ شهرين بلغنا 100 ألف والآن أصبحنا في 103 آلاف سجين، والأعداد في تزايد مستمر بدل الانخفاض. واستغرب من قدرة المؤسسات السجنية على ايواء وتغذية 103 ألاف سجين في ظل الظروف الصعبة التي سبق أن نبه إليها؛ لحد الآن ليس هناك مشاكل الجميع ينضبط والكل يستفيد من حقه في العلاج الطبي.

وعاد التامك لإثارة الانتباه إلى ما يصفه بـ”الحيف” الذي يعاني منه موظفو السجون، وقال إنهم “يقومون بعمل فوق طاقة البشر، وأنهم يشعرون بالغبن بسبب تأخر إنصافهم (..) وهؤلاء الموظفين ضايعين وهذه حقيقة ساطعة وليست مجرد ادعاء لأن موظفي السجون هم الوحيدين الذين تم إقصاءهم من أي زيادة في أجورهم منذ 2010”.

وبخصوص قانون العقوبات البديلة، الذي تعول عليه وزارة العدل للحد من معضلة اكتظاظ السجون، أكد المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أنه لم يستشار في إقرار العقوبات البديلة من عدمها، و أنه سيقوم بتطبيقها إذا توفرت الشروط، خاصة في ظل نقص الموارد المالية والبشرية التي تفقتر إليها مندوبية السجون.

وكشف التامك خلال مناقشة ميزانية مندوبية السجون برسم 2024، أنه لتنفيذ قانون العقوبات البديلة “يلزمنا منذ البداية 4 آلاف موظف للسهر على هذه العملية دون الحديث عن الجانب التقني”، مضيفا أن إدارة السجون تعاني من نقص حاد في الموارد البشرية يصل إلى 12 ألف موظف، في الوقت الذي تخصص 1000 منصب مالي فقط للمندوبية سنويا.

وبعدما أشاد التامك بالدينامية التي تميزت بها سنة 2023 في الجانب التشريعي المرتبط بقطاع إدارة السجون وإعادة الإدماج، والتي أثمرت عن المصادقة على مشروع قانون العقوبات البديلة في الغرفة الأولى للبرلمان، اعتبر المندوب العام لإدارة السجون أن أثر هذه العقوبات في التخفيض من عدد السجناء يبقى نسبيا.

ويرى التامك أنه، ومن خلال استقراء تجارب عدد من الدول، تبين أن هذه الأخيرة لازالت تسجل ارتفاعا في ساكنتها السجنية رغم تفعيلها للعقوبات البديلة، معتبرا أن مشروع القانون المنظم للمؤسسات السجنية، سيرفع من سقف تحديات المندوبية العامة على مستوى أنسنة ظروف الاعتقال، الشيء الذي سيزيد من صعوبة ربح هذا الرهان دون إيجاد حلول فعالة لظاهرة الاكتظاظ”.

وشدد المندوب العام لإدارة السجون، على أن طبيعة هذه الظاهرة المعقدة تستدعي تبني حلول عملية في إطار مخطط مندمج يشمل الجوانب التشريعية والقضائية والإدارية، مؤكدا ضرورة العمل على تجويد الترسانة القانونية الجنائية وضمان مواكبتها لتطور المجتمع المغربي ووتيرة نمو الجريمة تبعا للمتغيرات السوسيو اقتصادية مع استحضار متطلبات استباب الأمن.

ودعا التامك إلى معالجة ظاهرة الجريمة بشكل عام ووضع آليات لتعزيز التكفل بالسجناء المفرج عنهم للحيلولة دون عودتهم إلى الجريمة وهو ما يقتضي قيام القطاعات الحكومية المعنية بأدوارها على مستويات التربية والتعليم والتكوين والإدماج المهني والتكفل بالإدمان وتشجيع مبادرات جمعيات المجتمع المدني في مجال إعادة الإدماج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News