تربية وتعليم

“تقنوقراطية” بنموسى.. هل أوصلت قطاع التعليم للنفق المسدود بعد تواصل احتجاجات الأساتذة؟

“تقنوقراطية” بنموسى.. هل أوصلت قطاع التعليم للنفق المسدود بعد تواصل احتجاجات الأساتذة؟

بالرغم من انتماء شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، قائد الأغلبية الحكومية، إلا أنه غالبا ما ينظر إليه بوصفه “تقنوقراطي”، ما يطرح أسئلة حول علاقة تكوين هذا الوزير بإيصال القطاع إلى النفق المسدود إثر تواصل احتجاجات الشغيلة التعليمية، بعد فرضه النظام الأساسي الجديد لموظفي الوزارة.

من رئاسة لجنة النموذج التنموي إلى قطاع التعليم، بعث انتقال بنموسى لإدارة أحد أعقد القطاعات الحكومية جرعات أمل في الأسر والأساتذة، غير أن سنتين من المفاوضات وعشرات الاجتماعات انتهت إلى محاولة الوزير فرض النظام الأساسي عكس إرادة النقابات والتنسيقيات التعليمية، ما دفع إلى إعلان “تمرد” جماعي للشغيلة التعليمية ضد قانون طال انتظاره.

دخول الحكومة على الخط عبر لجنة حكومية لإعادة التفاوض حول النظام الأساسي بغرض تجويده أكثر، رغم ما اختزله من دعم للوزير بنموسى، إلا أنه حمل إشارة واضحة بأن أمواج الاحتجاجات تتجاوز القدرات التقنية التي يتوفر عليها الوزير، وتتطلب تحركا سياسيا لاحتواء الأزمة المتفاقمة.

باستحضار التكوين التقنوقراطي لبنموسى، ذهب المحلل السياسي محمد شقير إلى أن “تعيينه في هذا القطاع لا يمكن إلا أن يؤدي إلى هذا النوع من الاحتقان، ذلك أن قطاع التعليم له عدة أبعاد، لسيت فقط تقنوقراطية، بل هي سياسية واجتماعية..، وتضم رهان مصير شعب بأكمله ومصير أجيال طيلة عقود”.

ويستنتج شقير، في تصريح لجريدة “مدار21″، أن “تناول قطاع التعليم بهذا الشكل واختزاله في نظام أساسي والتسرع في المصادقة عليه من طرف الحكومة، يؤكد وجود تصور تقنوقراطي للأمور”، مضيفا أن قطاع التعليم “يتطلب تصورا سياسيا أكثر مما هو تقنوقراطي، أو على الأقل أن يتم الجمع بين النظرة السياسية والنظرة التقنوقراطية”.

وتابع المحلل السياسي نفسه أن الوزير شكيب بنموسى “يفتقد للجمع بين النظرتين، مما أدى به إلى تعقيد الأمور والوصول إلى هذا الوضع، الذي كان من تداعياته فقدان الثقة بين الوزارة والنقابات ونساء ورجال التعليم، الذين يشنون اليوم إضرابات متوالية داخل القطاع”.

وخلص المتحدث نفسه إلى أن تكوين شكيب بنموسى “ساهم بشكل كبير في الاحتقان لأنه لم يدرك أبعاد ورهانات هذا القطاع، والمتدخلين الكثر به، خاصة بين الوزارة والنقابات والتنسيقيات، وكذلك الرأي العام المتجسد في أمهات وآباء وأولياء أمور التلاميذ”.

وأوضح شقير بأن الوزير بنموسى “لم يستوعب تعقد هذه المعادلة حينما أراد فرض النظام الأساسي، الذي رفضته النقابات والتنسيقيات، وفي نفس الوقت أفقد الثقة بين الوزارة وباقي الفاعلين، مما سيكون له انعكاسات كبيرة في تناول هذا الملف، خاصة مع المطالب بتدخل رئيس الحكومة بعدما أصبح التفاوض مع الوزير المسؤول عن القطاع دون نتيجة”.

وحول غياب وزير التربية الوطنية عن المشهد وعدم قيامه بخرجات تواصلية ومساهمة ذلك في تعقيد الحل، وعلاقة الأمر بطبيعة تكوينه، أفاد شقير أن المشكل بالأساس هو “فقدان الثقة، والوزير التقنوقراطي ليست له هذه القدرات التواصلية، والحكومة ككل تفتقد لهذه القدرات، مضيفا أنه بالنسبة لبنموسى فهو يرى أنه رجل ملفات وأرقام”.

وأكد المحلل السياسي نفسه أن الوزير “تعوزه القدرات التواصلية”، مضيفا أن “جميع خرجاته التواصلية مُنيت بالفشل لأنها تؤدي إلى نوع من الاستفزاز”، مشددا على أن “المشكل الأساسي الآن هو غياب الثقة، وهذه الأخيرة من الصعب إرجاعها في فترة وجيزة وفي ظل هذا الضغط المماراس من رجال التعليم وأولياء أمور التلاميذ، والاحتقان الموجود حاليا داخل القطاع”.

عامل التكوين التقنوقراطي لبنموسى لعب، وفق شقير، “دورا أساسيا في الاحتقان الذي يعرفه قطاع التعليم، ولكن ليس هذا هو السبب الوحيد، إذ توجد عدة أسباب؛ من بينها معاناة هذا القطاع من تراكمات عدة واختلالات تراكمت لعدة عقود، إضافة إلى أن هذا القطاع كان دائما قطاعا للتسييس ويتم توظيفه سياسيا ما بين الحكم والمعارضة، وهذه المسألة أثرت على الاحتقان خاصة وأن المعارضة الحالية وجدت في هذه المسألة حصان طروادة لضرب حكومة أخنوش”، مؤكدا أن “خلف الإضرابات المتواصلة يوجد توظيف سياسي”.

وأشار المحلل السياسي إلى أن “هناك تواطؤ بين الحكومة والنقابات، ذلك أن هذه الأخيرة، نظرا إلى أنها لا تستطيع احتواء وتأطير كل التنسيقيات وبين الطرفين خلافات، خاصة منها تنسيقية المتعاقدين التي ساهمت احتجاجاتها في توقيف الدراسة لفترات عديدة منذ الموسم السابق”.

ولفت شقير إلى أن التنسيقيات “أصبحت تشكل الثقل الفعال لأنها تضم العدد الأكبر من نساء ورجال التعليم، وعدم حضورها للحوار سينعكس لا محالة على تعثر المفاوضات”، داعيا “لإيجاد صيغة تحضر من خلالها التنسيقيات للحوار، لكن هنا يطرح السؤال حول الانسجام بين هذه التنسيقيات التي تضم عدة فئات وعليهم اختيار منسق عام لهذه التنسيقيات للتحدث بلسان واحد وبخطاب واحد، مما سيطرح تحدي اختيار هذه التنسيقيات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News