أمن وعدالة

وهبي يستعرض بمؤتمر إقليمي حصيلة الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب

وهبي يستعرض بمؤتمر إقليمي حصيلة الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب

قال وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، إن المملكة المغربية، تحت قيادة الملك، أن تجعل من حماية حقوق الانسان والنهوض بها مرتكزا استراتيجيا في تحديث الدولة وعصرنتها، وهو الخيار الذي جسدته العديد من الأوراش الإصلاحية والمبادرات النوعية التي أطلقتها مع نهاية العقد الأخير من القرن الماضي ومع مطلع الألفية الثالثة، معتبرا أهم مكتسباتها الانخراط في جميع الاتفاقيات الأساسية في مجال حقوق الانسان ومن ضمنها اتفاقية مناهضة التعذيب وكذا البرتوكول الاختياري الملحق بها.

وأشار وهبي في كلمة له افتتاح هذا المؤتمر الإقليمي حول “دور المؤسسات الأمنية في الوقاية من التعذيب: تجارب وتحديات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة، إلى أن المملكة أيضا عززت مكانة حقوق الانسان في الدستور المغربي، على ضوء نتائج تجربة العدالة الانتقالية، بما فيها حظر وتجريم الانتهاكات الجسيمة والخطيرة لحقوق الانسان ومن بينها التعذيب، وتعزيز استقلالية السلطة القضائية وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة، وهو المجال الذي شهد إصلاحات هامة تنفيذا لأحكام الدستور ونال عناية كبيرة، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، وإعمالا لنتائج الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة.

وأردف:”قد كان من المكتسبات الوطنية دسترة مؤسسات حماية حقوق الانسان ومن بينها المجلس الوطني لحقوق الانسان الذي احتضن الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب التي جاء احداثها بعد مسار وطني تشاوري عميق وهادئ كان من بين مرتكزاته استثمار خلاصات الملتقيات الدولية والإقليمية والوطنية ذات الصلة بموضوع الوقاية من التعذيب، والتفاعل مع نتائج الحوار مع لجنة مناهضة التعذيب في إطار مناقشة التقرير الوطني الرابع سنة 2011″.

وبحسب كلمة وهبي في المؤتمر، الذي تنظمه المفوضية السامية للأمم المتحدة، بشراكة مع المديرية العامة للأمن الوطني والمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان والمجلس الوطني لحقوق الانسان بالمملكة المغربية، شكل انفتاح المغرب على زيارات الإجراءات الخاصة دفعة إضافية في هذا الاتجاه، ولاسيما استقبال المقرر الخاص المعني بالتعذيب سنة 2012 وفريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي سنة 2013، اللذان زارا بكل حرية عددا من المدن المغربية والمؤسسات السجنية وباقي أماكن الحرمان من الحرية. كما يعد انخراط المملكة سنة 2014، الى جانب أربعة دول، في قيادة مبادرة المصادقة العالمية على اتفاقية مناهضة التعذيب في أفق 2024، خطوة محفزة لهذا المسار.

وسجل أن هذه الأعمال والمبادرات أسهمت في تهيئة الشروط السياسية والحقوقية لانضمام المملكة الى البرتوكول الاختياري في سنة 2014. كما كانت عاملا مساعدا على تحقيق مزيد من الانفتاح والشفافية في هذا المضمار أسهم في تيسير زيارة اللجنة الفرعية لمنع التعذيب سنة 2017، وأثمر انجاح مسار مراجعة القانون المنظم للمجلس الوطني لحقوق الانسان الذي أفضت المناقشات التي جرت في سياقه الى اعتماد خيار احتضان المجلس الوطني للآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، بموجب القانون 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الصادر في 22 فبراير 2018.

ونوه وزير العدل المغربي بمبادرة عقد هذا اللقاء الهام، معتبرا إياه حدثا نوعيا، لكونه الأول من نوعه على الصعيد الإقليمي، واعتبارا لطبيعة المشاركين من مسؤولين أمنيين من دول المنطقة، ومن خبراء دوليين متخصصين في مجال مناهضة التعذيب على صعيد الأمم المتحدة، إضافة الى مسؤولين مؤسساتيين رفيعي المستوى من المملكة المغربية، فضلا عن أهمية موضوعه الحيوي والمتجدد في سياق ما تشهده حاليا المنطقة من تحولات وأحداث تسائل المؤسسات والمنظمات الدولية والإقليمية والدول والمشترك البشري والضمير الإنساني الحي.

وأوضح أنه إذا كان المنتظم الدولي يجمع على مناهضة التعذيب باعتباره انتهاكا خطيرا يجرد الإنسان من آدميته ويهدد بقاءه، ولما يمثله من مهانة واستباحة لكرامة البشر، فإن الجهود الدولية لحظره والوقاية منه برزت منذ اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الانسان سنة 1948 الذي نحتفل هذه السنة بذكراه 75، وهي الإرادة التي تكرست مع اعتماد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966، وتعززت مع اعتماد اتفاقية مناهضة التعذيب لسنة 1984، بل إن منظومة الأمم المتحدة لحقوق الانسان اهتدت، في مواجهة هذه الجريمة غير العادية، الى وضع آليات إجرائية ومؤسساتية من شأنها تعزيز الحماية والوقاية من هذه الآفة التي تشكل مسا خطيرا ومحذقا بالحق في الأمن والسلامة الشخصية.

“وفي هذا الاطار، شكل اعتماد البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب سنة 2002، الذي خلد العالم هذه السنة الذكرى العشرون لاعتماده، نصا دوليا معززا لآليات الرقابة الدولية، من خلال الدعوة الى احداث آليات وطنية للوقاية من التعذيب، وتمكين اللجنة الفرعية لمنع التعذيب من القيام بزيارات قطرية للدول الأطراف، وهو توجه ديناميكي خاص بهذا المجال ولا مثيل له على صعيد باقي اتفاقيات حقوق الانسان، بحيث يرمي إلى إضفاء مزيد من الحماية المؤسساتية الدولية والوطنية، وتقوية الشفافية داخل أماكن الحرمان من الحرية، وتعزيز الانفتاح والحكامة على صعيد أعمال المؤسسات المشرفة على هذه الأماكن” يضيف المسؤول الحكومي.

وأكد أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أولت في الآونة الأخيرة عناية خاصة لموضوع مناهضة التعذيب، من خلال تحقيق انخراط متزايد لدول المنطقة في اتفاقية مناهضة التعذيب، معتبرا أن هذه العزيمة مطلوبة لتشمل ضمان الانخراط في البروتوكول الاختياري الملحق بهذه الاتفاقية بنفس القوة، لاسيما وأن تطبيق التزامات الدول بموجب هذه الاتفاقية سيبقى محدود الأثر في غياب آليات رقابة مؤسساتية قوية وفعالة، وفي ظل تزايد مخاطر وتحديات كبرى تشكل تهديدا حقيقيا لجهود حماية حقوق الانسان وتقوية البناء الديمقراطي وتعزيز سيادة القانون والمؤسسات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News