سياسة

الأشعري يطالب اليسار بممارسة السياسة بالمعارك لا التوافق ويتهمه بخلق أزمة مع المثقفين

الأشعري يطالب اليسار بممارسة السياسة بالمعارك لا التوافق ويتهمه بخلق أزمة مع المثقفين

قال محمد الأشعري، كاتب ووزير سابق، إن اليسار خلق أزمة وقطيعة مع المثقفين الذين يختلفون في طبيعتهم عن السياسيين، وتكمن مهمتهم الأساسية في زعزعة اليقينيات، وزرع نوع من الشك والتساؤل والتمرد على الأفكار الجاهزة والبديهية التي يمكن أن تساعد السياسي في عمله، مشيرا إلى أن اليسار ظل يطلب منهم التعبير عن رأيهم في تبعية دائمة للسياسيين، وفي توافق مع أفكارهم.

ويرى الأشعرى أن “واحدة من المهام الأساسية لأحزاب اليسار تكمن اليوم في عدم ربط اليسار ومستقبله بيد اليساريين فقط إنما بالتلاقي مع المفكرين والمثقفين والمبدعين والأدباء، لتحقيق التوازن والانفتاح عليهم، من خلال تنظيم ندوات لفائدة الشعراء والأدباء والموسيقيين، لاستعادة مكانتهم داخل أحزابه”.

وشدد الأشعري  في مداخلة له خلال “الجامعة السنوية التي عقدها حزب التقدم والاشتراكية تحت شعار: اليسار بين الوفاء والتجديد”، اليوم السبت، على أن استعمال صفة “اليساري” لم تكن موجودة في السابق، حيث كان الأهم هو المضمون الذي تأسس على الصراع والنضال من أجل الاستقلال الوطني، ومن أجل الحريات والديمقراطية، وحقوق الإنسان والمساواة، مبرزا أنه “يجب العودة إلى هذا المضمون الذي يرتبط بتاريخ المغرب”.

وأضاف في السياق ذاته: “أحيانا نفكر في اليسار كأنه خط متصل ليس فيه هبوط أو صعود وإشكالات وصراعات”، مؤكدا أن اليسار لم يكن يوما ما نهرا هادئا، إنما كان مجال صراعات وانشقاقات واختلافات، وإبداعات سياسية مهمة.

وتابع الوزير السابق أن المضمون التاريخي لليسار انتصر للوطنية الذي يُغلب المصلحة العليا على المصالح الفردية، واهتم بالدفاع عن المساواة والعدالة، والدفاع عن ثقافة متعددة، واحترام الخصوصيات الثقافية، وعدم الخلط ما بين وحدة الأمة وإمكانية تعددها، لأن التعددية الثقافية واللغوية التي طُمست لعقود هي من صنعت وحدة المغرب في الواقع.

وواصل مداخلته قائلا: “نحن بحاجة اليوم إلى العودة إلى المضمون التاريخي لليسار، إذ لا يمكن اللجوء إلى إجراء مقارنات بين الفترات التي كان فيها اليسار قويا، وفترة الضعف والانحدار التي يعيشها اليوم”، مرجعا هذا الضعف إلى مشاكل حملها اليسار في أحشائه إلى أن طفت اليوم على السطح، والتي تتعلق بالفكر والممارسة الداخلية للأحزاب، والعلاقات التي بنيت في ما بعد للخروج من الأزمة السياسية التي شهدها المغرب.

ولفت الأشعري في مداخلته إلى أن أجيال متعاقبة من المؤسسين لليسار الذين عملوا على ترسيخ أفكار التقدم والحرية والمساواة، عاشوا مرحلتين من أقسى المراحل التي شهدها تاريخ المغرب، وهما مرحلة الاستعمار والنضال من أجل استقلال المغرب ومرحلة الاستبداد والصراع من أجل الديمقراطية، حيث قدموا تضحيات تعد الأهم في السجل السياسي للمغرب الحديث.

وأشار إلى أنه تم في العقود الأخيرة السطو على لغة اليسار وذاكرته ومنجزاته،  بموافقة هذا الأخير وعن طريق مشاركته سلبيا أو من خلال تواطئه في تنظيم هذه السرقة.

وأردف المتحدث ذاته: “خيانات وتراجعات وانتكاسات وكأنه الشيء الوحيد الذي تبقي من اليسار”، مشددا على أنه لا يمكن بيع بضاعة فاسدة للأجيال المقبلة، ما يتطلب إعادة الاعتبار إلى اليسار”.

ويرى الأشعري أنه “لا تقدم إطلاقا بدون نقد وتحليل وفهم دقيق لواقع اليوم، إذ ينبغي بناء قوة سياسية جديدة في المغرب بمبادرة من اليسار وتحت قيادته”.

وطالب الأشعرى، اليسار بالتوقف عن الحديث عن وحدته باستمرار، عادّا أنه “من كثرة ما تحدث عن وحدته أصبحت هذه الوحدة وعدا كاذبا يأكل من مصداقية اليسار نفسه، إذ يجب عليه اليوم التخلص من هذا المنطق”.

ودعا المتحدث ذاته إلى بناء العلاقة من جديد مع المجتمع عن طريق الحوار بنوع من التواضع والانفتاح والتنازل والاستماع المتبادل والعودة إلى الجوهر المؤسس لليسار، الذي يكمن في ممارسة السياسة بالمعارك وليس بالتوافقات التي يفقد فيها اليسار إمكاناته وروحه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News