سياسة

الدخول البرلماني.. الأغلبية تتسلّح بالتفاؤل لمواجهة الأزمة والمعارضة تشكّك في قدرة الحكومة

الدخول البرلماني.. الأغلبية تتسلّح بالتفاؤل لمواجهة الأزمة والمعارضة تشكّك في قدرة الحكومة

تكتنف الدخول البرلماني الجديد رهانات وتحديات عديدة على رأسها الورش الأولوي المتعلق بتدبير مخلفات زلزال الحوز، وتسائل التداعيات الناجمة عن الزلزال الذي ضرب عدة جهات من المملكة مخلفا خسائر بشرية ومادية كبيرة، جدية ونجاعة أداء المؤسسة التشريعية ولاسيما من خلال المواكبة والمساهمة في التنزيل الناجع والسريع لبرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة.

ووسط تفاؤل الأغلبية مقابل توجس المعارضة من أداء الحكومة في مواجهة الأزمة، يتجدد النقاش بمناسبة الدخول البرلماني حول الأدوار الرقابية والتشريعية لمؤسسة البرلمان التي ستستهل سنتها التشريعية الثالثة من الولاية البرلمانية الحالية في ظل سياق وطني موسوم بتعبئة شاملة لمواجهة تداعيات الزلزال الذي ضرب عدة مناطق من المملكة.

وتُهمين على أجندة السنة التشريعية الجديد، مشاريع قوانين مهيكلة ذات أهمية بالغة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي لاسيما في سياق وطني ودولي موسوم بتناسل الأزمات وتعاظم التحديات، وعلى رأس الملفات المطروحة على أجندة الدخول البرلماني الجديد يوجد إصلاح مدونة الأسرة فضلا عن ورش إصلاح منظومة العدالة واستكمال مسار إرساء أسس “الدولة الاجتماعية”.

مخلفات الزلزال

ويرى نور الدين مضيان رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية أن حجم الرهانات المعقودة على الدخول البرلماني الجديد كبير جدا، خاصة ما يتعلق بالتعبئة الشاملة لتجاوز مخلفات الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز والأقاليم المجاورة، لاسيما المرحلة الثانية المتعلقة بإعادة الإعمار، وتخفيف معاناة ساكنة تلك المناطق.

وعبر مضيان عن تطلع فريقه إلى تواصل عمل الحكومة ومختلف السلطات العمومية بهدف التنفيذ الأمثل لبرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من الزلزال عبر مخطط طموح ومندمج لتنمية أقاليم الأطلس الكبير، مشيرا إلى مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2024، تشكل مناسبة لإقرار عدد من الإجراءات الاستثنائية الرامية للنهوض بهذه المناطق على كافة المستويات.

وأكد محمد غيات رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، أن الدخول البرلماني الحالي مطبوع بسمتين أساسيتين، الأولى مرتبطة بتبعات الزلزال والتزامات الحكومة بهذا الخصوص، أما الثانية فتتعلق بمواصلة ورش تنزيل الدولة الاجتماعية، خصوصا، دعم الأسر في وضعية هشاشة وتوفير السكن.

وسجل غيات أن السياقات المرتبطة بأحداث الزلزال تفرض نفسها اليوم على كل الفاعلين بما في ذلك المؤسسة التشريعية، نظرا لما أفرزته هذه الكارثة الطبيعية الكبرى من تحديات نجحت المملكة في التفاعل معها بشكل آثار اعجاب العالم.

انسجام الأغلبية

ويرى رئيس الفريق التجمعي أن هذا الأمر يحتاج إلى مواكبة قوية من المؤسسة التشريعية لكي يتم التنزيل بالكفاءة والفاعلية والجدية التي دعا لها الملك محمد السادس، مشيرا إلى أن البرلمان اشتغل خلال الولاية الحالية على ملفات مهمة ومهيكلة لمستقبل البلاد خصوصا ملف الحماية الاجتماعية، وورش تأهيل المنظومة الصحية.

وقال غيات إن الأغلبية تدخل غمار هذه الدورة البرلمانية متماسكة وبحس وطني عالي، وملتفة حول المصلحة الوطنية، مضيفا أنها “تعي جيدا أهمية التماسك والالتزام أمام الرأي العام و الأغلبية البرلمانية التي وضع المغاربة ثقتهم فيها لن تقابل هذه الثقة إلا بماهو أفضل”.

وفي نفس الاتجاه، سجل مضيان أن الأغلبية البرلمانية الحالية استثنائية في تاريخ الممارسة الديمقراطية بالمملكة، حيث تتشكل من ثلاثة أحزاب فقط، واعتبر أن “هذا دافع مهم لتحقيق انسجام وتعاون بين مكوناتها، فالأغلبية البرلمانية التي تعمل في إطار ميثاق موحد يتسم عملها بكثير من الدينامية والتواصل السلس حول كل القضايا المطروحة في جو من المسؤولية والصراحة.

ولفت رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس النواب، إلى أن ظروف هذا الدخول البرلماني تختلف بشكل كبير بفعل التأثر الجماعي بما خلفه الزلزال من خسائر بشرية مؤلمة، لكن الرهانات المطروحة تجعلنا أكثر قوة وانسجام لتحويل هذه التحديات إلى فرص.

ملفات ساخنة

من جهة أخرى، يواجه الدخول البرلماني الجديد ملفات ساخنة، إذ على الرغم من التحديات التي تواجه المالية العمومية، سواء تأثير التغيرات المناخية على القطاع الفلاحي وأزمة الماء، وتقلبات أسعار المواد الأولية في السوق العالمية، فإن إرساء أسس الدولة الاجتماعية بكل محاورها الاستراتيجية فضلا عن مواصلة تنزيل ورش اصلاح العدالة وأنظمة التقاعد ، وهي تحديات إصلاحية كبرى تستلزم منا اتخاذ كافة التدابير اللازمة للحفاظ على توازنات المالية العمومية واستدامتها.

وفي هذا الصدد، يؤكد رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب رشيد حموني، أن أجندة الدخول البرلماني الحالي تأثرت بزلزال الحوز المفجع، وهو ما يفرض أن نكون جميعا في مستوى الانتظارات، لا سيما من حيث الحكامة والسرعة والنجاعة والإنصات في تنفيذ هذا البرنامج الطموح والواقعي.

وشدد حموني ضرورة  الحرص على بلورة وتنفيذ الحلول الاستعجالية فيما يتعلق بالساكنة المنكوبة في موسم الشتاء القادم، مسجلا أن فريقه النيابي “سيمارس دوره الاقتراحي والرقابي والتنبيهي إزاء الحكومة في هذا الشأن”.

ودعا رئيس الفريق التقدمي الحكومة إلى اتخاذ إجراءات قوية وملموسة وذات أثر حقيقي، لحماية القدرة الشرائية للمغاربة، مشددا على  ضرورة الأجرأة العاجلة للدعم المباشر للأسر المعوزة في ارتباط مع التفعيل الشامل للسجل الاجتماعي الموحد.

وأكد حموني أن فريق “الكتاب”، سيكون في مقدمة المدافعين عن تكثيف وتسريع الاستثمار في مجال الماء، سواء من حيث المنشآت العادية، أو من حيث اللجوء إلى المياه غير التقليدية، أو من حيث تدابير الاقتصاد في الماء وتعديل السياسات المستنزفة للماء، مضيفا أن الحكومة مطالبة بالتفعيل الأمثل لميثاق الاستثمار الجديد، خاصة بالنسبة لدعم المقاولات الصغرى والمتوسطة.

رهانات قانون المالية

وسيشكل مشروع قانون مالية 2024 مناسبة من أجل إعادة طرح عدد كبير من القضايا التي ترى مكونات المعارضة أنها على الحكومة أن تتحمل المسؤولية فيها، وفي مقدمتها إصلاح قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية، وإقرار إصلاح ضريبي عادل، بالموازاة مع محاربة التهرب الضريبي.

ويرى عبد الرحيم شهيد رئيس الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، أن أهم التحديات المطروحة علينا كنواب أمة خلال هذا الدخول البرلماني، هو أنه يأتي في سياقات استثنائية وطنية ودولية.

وسيكون أول تحد أمام البرلمان-حسب شهيد- هو الإسراع بتجويد واعتماد المشاريع التي ستأتي بها الحكومة في إطار البرنامج الذي أعلنته كتنفيذ لبرنامج إعادة البناء والإعمار والتأهيل على إثر زلزال الحوز.

وككل سنة تشريعية جديدة، هناك تحد ثان، يتمثل في اعتماد قانون المالية الذي يدشن النقاش العمومي والسياسي في مستهل كل سنة تشريعية، وقال شهيد إن المعارضة الاتحادية تنتظر من  الحكومة أن تتجاوز المنطق المحاسباتي لاسميا وأن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالبلد، الموسومة باستمرار موجة الغلاء وبتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، باتت اليوم تفرض تدخلا استعجاليا.

تعلميات ملكية

ويرى شهيد أن الدخول البرلماني خلال هذه السنة التشريعية الجديدة، سيكون محكوما بالعديد من القضايا الرئيسية، وعلى رأسها تنزيل وتنفيذ التعليمات الملكية المتعلقة بإعادة إعمار المناطق المتضررة بزلزال الحوز، وأخيرا البحث في الآليات القانونية الكفيلة بضمان حسن تنزيل مشروع الحماية الاجتماعية وتفعيل تصورات النموذج التنموي الجديد.

ولفت رئيس الفريق الاشتراكي إلى أن مجموعة من القضايا الأخرى سيتم تحديدها انطلاقا من مضامين الخطاب الملكي الذي سيتوجه به الملك محمد  إلى البرلمان خلال افتتاح هذه السنة التشريعية، ذلك أن الخطب الملكية دائما ما تكون بمثابة خارطة طريق للحكومة وللبرلمان على حد سواء.

وعبر شهيد عن الأمل في تتجاوز الحكومة المنطق الذي حكم تعاطيها مع البرلمان خلال السنة التشريعية الماضية، حتى يتم استدراك التأخر التشريعي الحاصل، مضيفا ننتظر من الحكومة خلال هذه السنة التشريعية، أن تفي بالتزاماتها وأن تتدارك الزمن السياسي الذي أهدر، وأن تتخذ إجراءات وتدابير ملموسة لحماية القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News