اقتصاد

وسط تراجع التضخم.. الحليمي يتوقع تحسّن نمو الاقتصاد الوطني ويُحذر من انكماش الصادرات

وسط تراجع التضخم.. الحليمي يتوقع تحسّن نمو الاقتصاد الوطني ويُحذر من انكماش الصادرات

من المنتظر أن يحقق النشاط الاقتصادي الوطني نموا يقدر بـ2.4 بالمئة خلال الفصل الثالث من 2023، حسب التغير السنوي، مدعوما بارتفاع القيمة المضافة للقطاع الفلاحي، وفقا لما أعلنت عن ذلك المندوبية السامة للتخطيط ضمن موجز حول الظرفية الاقتصادية للفصل الثالث من 2023 وتوقعات الفصل الرابع من السنة الجارية.

وأكدت مندوبية التخطيط أن الأنشطة غير الفلاحية ستواصل تقدمها خلال نفس الفترة بنفس معدل النمو 2.4 بالمئة، مدفوعة بالأساس بدينامية الخدمات العمومية، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن يصل النمو الاقتصادي إلى 2.6 بالمئة خلال الفصل الرابع من 2023، مستفيدا من التعافي التدريجي للطلب الداخلي.

في المقابل، من المرجح أن تظل مساهمة الاستثمار في النمو الاقتصادي الوطني سلبية خلال الفصل الثالث من 2023، حيث سيعرف انخفاضا بنسبة 2.7 بالمئة، حسب التغير السنوي، عوض 3.1- بالمئة خلال الفصل السابق.

ويعزى ذلك إلى تراجع استثمار الشركات على مستوى قطاعات الصناعة وبعض الخدمات. حيث تفيد نتائج بحث الظرفية الأخيرة الذي قامت بإنجازه المندوبية السامية للتخطيط على مستوى تجار الجملة، انخفاض توقعات الطلب على سلع التجهيز الصناعية وتكنولوجيا المعلومات بمقدار 1.7 و5 نقاط على التوالي، حسب التغيرات السنوية.

تراجع التضخم

ومن المرتقب أن يرتفع معدل نمو أسعار الاستهلاك بوتيرة أقل خلال الفصل الثالث من 2023، وذلك في أعقاب تباطؤ الأسعار العالمية للمواد الأولية، بعد أن سجل ذروته خلال الفصل الأول من 2023 بزيادة قدرها 9.1+ بالمئة، حسب التغير السنوي. وينتظر أن يبلغ معدل التضخم الكلي4.7 + بالمئة خلال الفصل الثالث من 2023، عوض 6.8+ بالمئة خلال الفصل الثاني و8.1 بالمئة خلال نفس الفترة من العام السابق. ويعزى هذا التراجع إلى استمرار تقلص نمو أسعار المنتجات غير الغذائية وإلى ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية بوتيرة أدنى.

ومن الراجح أن تظل مساهمة منتجات الطاقة في معدل التضخم سلبية خلال الفصل الثالث من 2023، على الرغم من الزيادات الجديدة التي عرفتها أسعار المحروقات خلال صيف 2023، تحت التأثير الإيجابي لسنة الأساس. وسيساهم هذا الأخير لوحده في تراجع التضخم بما يقدر ب 0.5 نقطة. كما ستعرف أسعار الخدمات بدورها تطورا بنسبة 2.1+ بالمئة، حسب التغير السنوي، عوض 2.3+ بالمئة خلال الفصل السابق، بفضل انخفاض أسعار بعض خدمات النقل التي يقابلها جزئيا ارتفاع أسعار خدمات الإقامة.

وعلى مستوى المنتجات الغذائية، يرتقب ان تستقر أثمانها في مستويات مرتفعة نسبيا مع مساهمة ستبلغ 3.9 نقاط في معدل التضخم الكلي، بالموازاة مع تصاعد أسعار المواد الطازجة، بينما ستستمر أسعار المنتجات الغذائية غير الطازجة والسلع المصنعة في التراجع، في اعقاب تخفيف الضغوط على أسعار المدخلات.

وفي نفس السياق، يتوقع أن يتراجع معدل التضخم الكامن الذي يستثني الأسعار المقننة والمواد ذات السعر المتقلب ليصل إلى 4.8+ بالمئة، خلال الفصل الثالث من 2023، حسب التغير السنوي، عوض 6.5+ بالمئة خلال الفصل السابق، مدعوما بانخفاض معدل ارتفاع اسعار المنتجات الغذائية غير الطازجة والمصنعة.

تحسن الأنشطة الفلاحية

ومن المنتظر أن تعرف القيمة المضافة الفلاحية تحسنًا بنسبة 6 بالمئة خلال الفصل الثالث من 2023، حسب التغير السنوي، عوض 6.3 بالمئة خلال الفصل السابق. ويعزى ذلك بالأساس إلى تطور إنتاج الحبوب بما يناهز 62 بالمئة مقارنة ب 2022. بينما ينتظر أن تعرف الزراعات الأخرى ضعفًا نسبيًا في الإنتاج، سيساهم في دعم تزايد أسعار الخضروات والفواكه الطازجة بنسبة 24.1 بالمئة و9.2 بالمئة، على التوالي، حسب التغيرات السنوية.

وفي نفس المنحى، يرجح أن تشهد أسعار اللحوم الحمراء ارتفاعا، يقدر بـ15.7 بالمئة، حسب التغير السنوي، حيث ما تزال أنشطة تربية الماشية متأثرة بموجات الجفاف المستمرة التي ميزت السنوات الأخيرة ونجم عنها زيادة تكاليف الإنتاج وانخفاض العرض من الماشية الموجهة للذبح.

في ظل ذلك، بدأت أسعار اللحوم في التصاعد منذ بداية السنة، لكنها شهدت بعض التباطؤ على إثر رفع الواردات من قطيع الحيوانات الحية الموجهة للاستهلاك بمقدار أربعة أضعاف تقريبًا.

وباستثناء اللحوم الحمراء، يتوقع أن تشهد أسعار منتجات اللحوم الأخرى خاصة الدجاج، تباطؤ، بالموازاة مع زيادة الإنتاج بنسبة 10.4 بالمئة.

وستعرف أسعار الحليب بدورها استقرارا مع تقلص وتيرة انخفاض الإنتاج، عقب توقف استنزاف الأبقار الحلوب وتقلص تكاليف بعض الأعلاف، كما يرجح، بالموازاة مع ذلك، أن تشهد كميات الحليب المستورد تقلصا بنسبة 38.3 بالمئة خلال شهري يوليوز وغشت 2023.

تباين معدلات نمو

وتشير التوقعات إلى نمو الأنشطة غير الفلاحية بمعدل 2.4 بالمئة، حسب التغير السنوي، خلال الفصل الثالث من 2023 عوض 3.2+ بالمئة خلال بداية السنة، متأثرة بتباطؤ نشاط الاقتصاد العالمي وتداعيات الظروف المناخية الجافة التي أثرت بشكل خاص على بعض فروع الإنتاج.

ويعكس هذا التطور بالأساس ضعف دينامية قطاع الخدمات بعد الزخم الذي شهده خلال السنتين الاخيرتين، حيث من المرجح أن تعرف قيمته المضافة زيادة بنسبة 3.3 بالمئة، خلال الفصل الثالث من 2023، عوض 4.4 بالمئة خلال الفصل السابق بسبب تباطؤ أنشطة الخدمات القابلة للمتاجرة.

وسيعرف قطاع التجارة زيادة متواضعة كما تشير نتائج بحوث الظرفية المنجزة من طرف المندوبية السامية للتخطيط على مستوى تجار الجملة التي تؤكد انخفاض توقعات المبيعات والإمدادات في جميع فروع هذا القطاع مقارنة مع نفس الفترة من السنة الفارطة، ولاسيما تجارة السلع الفلاحية والغذائية المصنعة، على خلفية استمرار ارتفاع مستويات الأسعار.

في المقابل، ستحقق القيمة المضافة للقطاعات الثانوية تطورات متباينة، حيث سيتقلص انكماش نشاط الصناعات الاستخراجية، الذي بدأ منذ بداية 2022، ليصل إلى 4.3- بالمئة خلال الفصل الثالث من 2023، عوض 9.4- بالمئة خلال الفصل السابق. ويعزى هذا الانخفاض إلى استمرار تراجع صادرات المعادن غير الحديدية، بينما سيعرف الطلب الداخلي الموجه من الصناعات الكيماوية تحسنا طفيفا، وذلك في ظل انخفاض تكاليف المدخلات وتحسن حجم المبيعات الخارجية من الأسمدة.

وعلى العكس من ذلك، يرجح أن تشهد الصناعات التحويلية زيادة بنسبة 0.5 بالمئة خلال نفس الفترة، بعد انخفاضها بنسبة 2.1 بالمئة في الفصل الثاني. حيث يرتقب أن يتقلص تراجع انشطة الصناعة الغذائية ليصل إلى 1.8- بالمئة، في ظل تحسن طفيف في انشطة تصنيع الأسماك المعلبة والمنتجات القائمة على الحبوب سيقابله جزئيا انخفاض الإنتاج على مستوى تعليب اللحوم والفواكه والخضر.

وفي نفس المنحى، سيتراجع انكماش القيمة المضافة للصناعات الكيماوية الى حدود 1.3- بالمئة، بفضل تحسن الكميات المصدرة من الأسمدة كما ستحقق انشطة فروع معدات النقل والكهرباء والإلكترونيات أداء إيجابيا مدفوعة بتحسن الطلب الخارجي، بينما ستتأثر أنشطة الفروع الصناعية الأخرى بضعف تنامي مبيعاتها الموجهة نحو الأسواق المحلية والخارجية.

وسيعرف نشاط قطاع البناء، بدوره، ارتفاعا خلال الفصل الثالث من 2023، مسجلا نموا يقدر ب 1.3 بالمئة عقب ستة فصول متتالية من الانخفاض، مدعوما بتحسن أنشطة الاشغال العمومية.

في ظل ذلك، يرتقب أن تعرف مبيعات الأسمنت ارتفاعا بنسبة 6.5 بالمئة، خلال الفصل الثالث من 2023 مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، عوض انخفاض بـ3.9 بالمئة خلال الفصل الثاني.

وعلى العموم، وباعتبار المعطيات التي تم جمعها حتى نهاية شتنبر 2023، من المنتظر أن يصل النمو الاقتصادي الوطني إلى 2.4+ بالمئة، خلال الفصل الثالث من 2023، عوض 2.3+ بالمئة خلال الفصل السابق.

 انكماش المبادلات التجارية

من المتوقع، بحسب معطيات “مندوبية الحليمي”، أن يشهد حجم الصادرات الوطنية من السلع والخدمات ارتفاعًا بنسبة 2.6 بالمئة، وفق التغير السنوي، خلال الفصل الثالث من 2023، عوض 6.5 بالمئة خلال الفصل السابق، بينما سيعرف حجم الواردات انخفاضًا بنسبة 1.4 بالمئة.

بخلاف ذلك، يرجح أن تنخفض صادرات السلع من حيث القيمة بنسبة 5.9 بالمئة خلال نفس الفترة بسبب تقلص مبيعات الفوسفاط ومشتقاته مع مساهمة سلبية تقدر ب 8.2- نقطة في التطور الإجمالي لقيمة الصادرات. بينما ينتظر أن تواصل المبيعات الخارجية لكل من “التجميع” و”الأسلاك” و”المقاعد الجلدية” المرتبطة بقطاع السيارات وكذا منتجات الصناعات الكهربائية والإلكترونية حيويتها، حيث ستصل مساهمتها إلى 9.9+ نقطة و 1.4+ نقطة على التوالي في تطور الصادرات.

على مستوى الواردات، من المنتظر أن تشهد قيمتها تراجعا للفصل الثاني على التوالي بما يعادل 10.7- بالمئة، بسبب تقلص فاتورة الطاقة، وخاصة مشتريات الفحم والغازوال والفيول

ما يرتقب أن تشهد المقتنيات من المواد نصف المصنعة انكماشا بما في ذلك الأمونياك والمنتجات الكيميائية والأوراق والكرتون، بالإضافة إلى المنتجات الخام. بينما سترتفع المقتنيات من المعدات الصناعية وخاصة أجهزة القطع والتوصيل الكهربائي والآلات والأجهزة المتنوعة ومن المواد الاستهلاكية وخاصة المقتنيات من الأدوية وسيارات السياحة وقطع غيارها خلال نفس الفترة.

وسيساهم تراجع قيمة الواردات من السلع مقارنة بقيمة الصادرات، خلال الفصل الثالث من 2023، في التخفيف من العجز التجاري للسلع وارتفاع معدل نسبة تغطية الواردات بالصادرات بـ2.9 نقطة مقارنة مع نفس الفترة من 2022، ليصل إلى 56.8 بالمئة.

من المتوقع أن يشهد الطلب الداخلي تحسنا خلال الفصل الثالث من 2023، يعود بالأساس إلى تنامي استهلاك الإدارات العمومية بحوالي 3.6+ بالمئة عوض 3.1+ بالمئة خلال الفصل السابق.

كما سيحقق استهلاك الأسر، الذي يظل معرضا للتأثيرات الضغوط التضخمية رغم تراجعها، ارتفاعا يقدرب0.7 بالمئة خلال نفس الفترة، عوض 0.4 بالمئة خلال الفصل السابق، وذلك في ظل لجوء أكثر أهمية إلى استعمال الادخار. وسيهم هذا الارتفاع على وجه الخصوص السلع المنزلية، بينما سيعرف استهلاك المواد الفلاحية والغذائية المصنعة تراجعا طفيفا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News