سياسة

تعديلات برلمانية تدعو لتضييق دائرة العقوبات البديلة وتطالب بالتشدّد مع إهمال الأسرة

تعديلات برلمانية تدعو لتضييق دائرة العقوبات البديلة وتطالب بالتشدّد مع إهمال الأسرة

شَرعت الفرق والمجموعة النيابة في تقديم تعديلاتها على مشروع قانون رقم 43.22 يتعلق بالعقوبات البديلة بعد انتهاء الآجال التي حددتها لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، في أعقاب استكمال المناقشة التفصيلية للمشروع الذي يأمل وزير العدل اللطيف وهبي تسريع مسطرة التصديق عليه خلال دورة الخريف القادمة.

وتتجلى أهم مستجدات المشروع الذي تعول الحكومة عليه لتقليص اكتظاظ السجون، في إقرار عقوبات بديلة حددت في العمل لأجل المنفعة العامة والمراقبة الإلكترونية وفرض تدابير تأهيلية أو علاجية كالخضوع لعلاج نفسي أو العلاج من الإدمان على الكحول والمخدرات والمؤثرات العقلية وأخرى تقييدية كعدم الاقتراب من الضحية والخضوع للمراقبة لدى مصالح الشرطة والدرك الملكي والخضوع لتكوين أو تدريب وغيرها، كما تم في إطار إقرار العدالة التصالحية إضافة عقوبة إصلاح الأضرار الناتجة عن الجريمة.

تضييق المسطرة

وفي هذا الصدد دعت تعديلات برلمانية لفرق المعارضة إلى تضييق دائرة الاستفادة من العقوبات البديلة التي يقترحها المشروع الحكومي الجديد، عبر الاقتصار على الأحكام التي تصدر العقوبة فيها لمدة تقل على سنتين، بدل خمس سنوات التي جاءت في الصيغة التي تقدمت بها وزارة العدل أثناء عرض المشروع على أنظار المناقشة العامة والتفصيلية داخل لجنة العدل والتشريع.

وطالبت المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، باعتماد مبدأ تدرج القوانين، وعدم اللجوء مباشرة إلى توسيع الاستفادة من هذه القاعدة الاستثنائية، إضافة إلى كون القاضي الجنائي، وإن كان مجرد مُنَزِّل آلي للعقوبات، فهو يتمتع بالسلطة التقديرية لتخفيضها إلى ما يقل عن سنتين.

وأوضح الفريق الاشتراكي ضمن تعديلاته التي أحالها على لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان أن مجموعة من التجارب المقارنة تعتمد مدد أقل مما هو مقرر للجنح، أحيانا نجد إقرار العقوبات البديلة بدل العقوبات السالبة للحرية التي تقل عن ستة أشهر فقط، مقترحا تمكين الجانح من الاستفادة من العقوبات البديلة مرة واحدة، لتفادي تنويع أفعاله الجرمية، بالنظر أن وجود سوابق دليل على عدم تأهيله.

التعديلات البرلمانية للمعارضة الاتحادية التي اطلع عليها “مدار21” دعت أيضا في سياق رغبة الفريق النيابي في تضييق مسطرة اللجوء إلى العقوبات البديلة، إلى  التنصيص على تنفيذ باقي العقوبات الأصلية الأخرى التي يمكن أن يتضمنها الحكم، سيما حينما يتعلق الأمر بالغرامات المالية.

ويعرف مشروع قانون رقم 43.22 العقوبات البديلة،  بالعقوبات التي يحكم بها بديلا للعقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتجاوز “العقوبة المحكوم بها من أجلها خمس سنوات حبسا نافذا”، على أن لا يحكم بالعقوبات البديلة في حالة العود.

وتحُولُ العقوبة البديلة وفق النص التشريعي الجديد، دون تنفيذ العقوبة السالبة للحرية على المحكوم عليه، في حالة تنفيذه للالتزامات المفروضة عليه “بمقتضاها، وفقا للشروط والأحكام المنصوص عليها في مشروع القانون. وتسري على العقوبات البديلة المقتضيات القانونية المقررة للعقوبة الأصلية للجريمة بما فيها قواعد تفريد العقاب. ولا “يحول تنفيذ العقوبة البديلة دون تنفيذ العقوبات الإضافية والتدابير الوقائي”.

وشدد الفريق الاشتراكي على ضرورة التنصيص على عدم استفادة الشخص الذي يرتكب الفعل المنصوص عليه في المادة 647-11 من قانون المسطرة الجنائية، من العقوبات البديلة، من أجل ضمان تنفيذ هذا التدبير، مع التنصيص على أن العقوبات البديلة هي العقوبات التي يحكم بها بديلا للعقوبات السالبة للحرية في المخالفات، وكذا الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها من أجلها سنتين حبسا نافذا.

وحسب تعديلات المعارضة الاتحادية، “لا يحكم بالعقوبات البديلة في حالة العود، أو سبقية الاستفادة منها بشأن فعل آخر، أو وجود سوابق قضائية تتضمن عقوبة سالبة للحرية، وتحُولُ العقوبة البديلة، وفق مقترحات الفريق الاشتراكي، دون تنفيذ العقوبة السالبة للحرية على المحكوم عليه، في حالة تنفيذه للالتزامات المفروضة عليه بمقتضاها، وفقا للشروط والأحكام المنصوص عليها في هذا الباب.

تشديد العقوبة

من جانب آخر، دعت تعديلات المعارضة الاتحادية إلى إضافة خيانة الأمانة وكذا النصب والاحتيال والتزوير والاتجار في المخدرات، إلى قائمة الجرائم التي يحظر الحكم فيها بالعقوبات البديلة، وذلك اعتبارا لخطورتها، خاصة حينما ترتبط بالأموال.

كما اقترح الفريق النيابي الاتحادي إضافة إهمال الأسرة، وكذا قضايا العنف ضد النساء، اعتبارا لكون إرادة المشرع أثناء وضع القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، كانت تتجه نحو تشديد العقوبة بهدف القضاء على هذه الأفعال، اعتبارا لخطورة الجريمة وآثارها السلبي على المجتمع.

وشدد المصدر ذاته، على ضرورة التنصيص على عدم استفادة الشخص الذي يرتكب الفعل المنصوص عليه في المادة 647-11 من قانون المسطرة الجنائية، من العقوبات البديلة، من أجل ضمان تنفيذ هذا التدبير.

يأتي ذلك، في وقت اقتصر فيه المشروع الذي أعدته وزارة العدل، على أنه لا يحكم بالعقوبات البديلة في الجنح المتعلقة بجرائم أمن الدولة والإرهاب، الاختلاس أو الغدر أو الرشوة أو استغلال النفوذ أو تبديد الأموال العمومية، و غسل الأموال، والجرائم العسكرية، و الاتجار الدولي في المخدرات، و الاتجار في المؤثرات العقلية، والاتجار في الأعضاء البشرية، والاستغلال الجنسي للقاصرين أو الأشخاص في وضعية إعاقة.

ويتوخى المشروع الحكومي المعول عليه لتقليص اكتظاظ السجون، إرساء سياسة عقابية ناجعة تهدف إلى تجاوز الإشكالات التي تطرحها العدالة الجنائية خاصة ما يرتبط بالعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدى، والتي ما فتئت العديد من الوثائق المرجعية الدولية والوطنية تدعو إلى اعتماد نظام العقوبات البديلة.

وأوضح وزير العدل عبد اللطيف وهبي أن مشروع قانون العقوبات البديلة يهدف إلى الحد من حالات الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية والتي تجاوز عدد ساكنتها 100 ألف نزيل، مسجلا أن نصف الساكنة السجنية محكوم بعقوبات قصيرة المدة لا تتجاوز في أغلبيتها ثلاث سنوات الشيء الذي يؤثر على العديد من البرامج والخدمات المعدة من قبل الإدارة المكلفة بالسجون.

كما يرمي النص التشريعي الجديد، حسب وهبي، إلى إيجاد حلول للإجرام البسيط وفق مقاربة تأهيلية وإدماجية بعيدة عن السجن وغرس روح المواطنة والواجب والالتزام خاصة من خلال عقوبة العمل من أجل المنفعة العامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News