خبير نفسي واكب ضحايا الزلزال: خطابات دينية حول “غضب الله” أثرت في المتضررين

قال الطبيب النفسي، عادل غزالي، إنه لمس خلال مواكبته لضحايا الزلزال في المناطق المنكوبة، عدم استيعاب أغلب المتضررين لحالتهم، في ظل الارتباك والفوضى وسيطرة الخوف نتيجة المأساة التي لحقت بهم.
وأوضح غزالي الذي حل بمكان الكارثة الطبيعية التي دمرت مناطق مغربية، أن الرجال الذين حلوا بالعيادات التي نصبت لأجل متابعة الحالة النفسية للمتضررين من الزلزال، لا يستطعون التعبير عن مشاعرهم ووصف ماعاشوه، إذ “تبدو عليهم علامات الصدمة بشكل ملحوظ أكثر من النساء”.
وأكد غزالي في تصريح لجريدة “مدار21” أن معظم الأشخاص في المناطق المنكوبة لا يستطعون النوم في الخيم التي نصبت لهم للإيواء، مبرزا أن ما يجري على أرض الواقع لا يمكن عكسه أبدا في مواقع التواصل الاجتماعي، فهناك، حيث تستقر الأسر المتضررة حقائق أخرى، وفق تعبيره.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن مشكل التنسيق يهدر العديد من المجهودات التي تكون بشكل مبالغ فيه في كثير من الأحيان، ما يمكن أن يؤدي إلى مفعول عكسي، مشيرا إلى أن التراجع عن المساعدة بعد الحضور القوي بالشكل الذي عليه اليوم سيعطي نتائج سلبية.
ودعا الخبير النفسي إلى تنظيم هذه المساعدات والمجهودات المقدمة، وتوزيعها على مراحل وفترات، موضحا أن “الجميع ذهب بمنطق الكل يساعد فعلي أن أساعد أيضا في أسرع وقت، كالشجرة التي نسقيها كثيرا مرة واحدة، حيث إن الفاجعة تستدعي المتابعة والاستمرارية”.
وشدد الغزالي على أن خطابات بعض رجال الدين أثرت بشكل سلبي في نفوس المتضررين من الزلزال، مردفا: “سرد لي بعضهم أن ما حدث لهم هو غضب من الله عليهم بحسب آراء دينية، وهذا ما يعد تدميرا لنفسيتهم، ويمنحهم شعورا بالذنب، ويُصعب علاجهم وتخطيهم للأزمة”.
وبخصوص وضعية الأطفال النفسية، أفصح غزالي بأنه رصد خلال الورشات التي نظمت لهم للرسم من أجل التخفيف من وطأة الأزمة، بأنهم يحاولون جميعا تقاسم المواساة في ما بينهم، غير أنهم يواجهون في لليل صعوبات في النوم ويتعرضون لنوبات هلع وخوف وكوابيس نتيجة ما عاشوه ليلة الثامن من شتنبر، وفق ما توصل به من آبائهم.
ويرى الخبير في علم النفس، أن عودة التمدرس ينبغي أن تتضمن حصص المصاحبة والدعم النفسي لهؤلاء الأطفال، مقترحا تكوين الأساتذة في هذا الجانب لتجاوز آثار هذه الفاجعة التي لم تكن سهلة على كل من عاشها.
واستحضر غزالي في حديثه إلى جريدة “مدار21” دراسة لباحث فرنسي اشتغل على نفسية عائدين من الحرب، والذي توصل إلى خلاصة تفيد بمعاناتهم من الذاكرة المرتبطة بالصدمة، أي عدم تمكن الذاكرة من التطور، فيظل الشخص مرتبطا بالحدث المفجع، ما يتطلب في حالة المغرب الكثير من الوقت والصبر والجهد لتجاوز آثار الفاجعة.
وأشار عادل غزالي إلى أن ظروف اشتغال الأطباء ومجموعة من الفاعلين في مجالات مختلفة، بعيدا عن الصورة غير الحقيقية التي يبثها بعض المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي، صعبة للغاية، فالارتباك والفوضى، ورائحة الموت تطغى في كل مكان، وسط تشبث وارتباط الناس بأراضيهم.