“زلزال الحوز”.. ضعف تنسيق الجمعيات والسلطات يخلق عدم توازن في توزيع المساعدات

بينما عرفت مختلف المدن المغربية هبة تضامنية مع المناطق المنكوبة جراء الزلزال المدمر الذي ضرب أقاليم الحوز وتارودانت وشيشاوة بشدة 7 درجات على سلم ريشتر، سجل مشاركون ضمن حملات المساعدة تأثير غياب التنسيق بين القافلات التضامنية والسلطات والجمعيات على وصول المساعدات إلى مستحقيها.
كما طرح الإشكال ذاته تحديات أمام السلطات وفرق الإنقاذ من أجل الوصول إلى المناطق المتضررة، بسبب الازدحام الشديد الذي خلقته قوافل من الشاحنات وسيارات المواطنين المتوجهة للمساعدة، ما آخر وصول بعض الجرحى والمصابين إلى المستشفيات الميدانية التي شيدها الجيش المغربي.
وسجل وليد اتباتو، صحفي ومشارك ضمن حملة توزيع مساعدات بإقليم شيشاوة، أن “عدم التنسيق سبب وصول المساعدات إلى دواوير بشكل غير متوازن، إذ استفاد بعضها لأكثر من مرة بينما دواوير مجاورة لم تصلها المساعدات بنفس القدر”، مرجعا العامل الرئيس إلى “غياب معطيات محينة للدواوير المحتاجة لعدم وجود قاعدة بيانات موحدة أو خريطة تفاعلية لتنظيم المساعدات وتعميمها على المناطق المنكوبة”.
ولفت المتحدث الذي زار دواوير بجماعة الزاوية النحلية بإقليم شيشاوة إلى أن “توجه المساعدات من طرف الجمعيات والمواطنين إلى مناطق بعينها يكون بناء على نداءات تتم مشاركتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما يجعل المواطنين يفكرون في إغاثتها دفعة واحدة، الأمر الذي يخلق ازدحاما في الطرق المؤدية إليها، والتي لا تحتمل كما كبيرا من السيارات”.
وأشار إلى أن هذا الأمر “يطرح مشكلة في وصول سيارات الإسعاف وآليات الجيش والسلطات العمومية، لمواصلة عمليات الإغاثة وانتشال الجثث من تحت الأنقاض، مما يخلق مشكلا للسلطات ولقوافل المساعدة في الوقت نفسه، إذ تحتاج عملية إعادة السير لمجراه الطبيعي وقتا قد يكون ثمينا في عمليات الإنقاذ”.
وأوضح المتحدث أيضا أن “عدم التواصل المسبق مع ساكنة المنطقة ومعرفة حاجياتهم الأساسية يجعل المساعدات لا تغطي بعضا منها”، مؤكدا أن “أغلب المساعدات تركز على المواد الغدائية، في حين أن أولوية المتضررين تهم بالأساس توفير الخيم والأغطية، وهو الأمر الذي بدأت قوافل المساعدات تتنبه إليه في اليوم الأخير”.
ودعا اتباتو “الجمعيات والمبادرات المدنية إلى التنسيق مع السلطات وفيما بينها، والاستشارة مع مؤسسة محمد الخامس للتضامن، هذه الأخيرة التي من المفترض أنها على إطلاع أكبر بالمناطق المنكوبة وبكيفية توزيع الإعانات والتعامل مع هذه الكوارث، لما لديها من خبرة مسبقة في توزيع المساعدات الإنسانية”.
وشدد على أن “ضعف التنسيق لا يسبب فقط حرمان بعض الدواوير من الإعانات، بل يفتح المجال كذلك أمام تجار المآسي الذين يحاول بعضهم استغلال الظرفية من أجل الاسترزاق بالمساعدات الإنسانية”.
وقال اتباتو إن بعض الدواوير بإقليم التي زارتها القافلة بناء على معلومات تفيد بعدم استفادتها من الدعم “تعاملت بحس كبير من التضامن والإنسانية عبر تأكيد توصلها بالمساعدة من قبل، موجهة إيانا إلى دواوير مجاورة استفادت بدرجة أقل أو منعدمة في بعض الحالات، ما يؤكد أن الحس الإنساني متأصل بهذه القرى رغم فداحة الكارثة التي أصابتها”.
ونبه المتحدث إلى أن الرهان المطروح الآن هو “التفكير في سيناريوهات تجميع الدواوير ضمن نقاط محددة، من خلال تشييد الخيم وإيصال الأغطية والأفرشة، لاسيما مع اقتراب موسم الأمطار وموجات البرد، في أفق التفكير من طرف الحكومة والسلطات في طرق إعادة الإعمار”.
وأبرز وليد اتباتو “أهمية مواقع التواصل الاجتماعي في إيصال نداءات الساكنة، مفيدة أن الجماعات الترابية وجميعات المجتمع المدني المحلية مطالبة بالاستفادة من الإمكانيات التواصلية المهمة لهذا الفضاء، من خلال تقديم الإحصائيات الدقيقة وتحيين الأخبار وتفنيد الإشاعات ما يسهل توجيه المساعدات، في أفق تكفل السلطات بشكل أكبر بعمليات توزيع المؤن”.