أمن وعدالة

الحكومة تتصدى لـ”هشاشة العدالة” وتعتمد حلولا تشريعية لتجاوز اختلالات الممارسة القضائية

الحكومة تتصدى لـ”هشاشة العدالة” وتعتمد حلولا تشريعية لتجاوز اختلالات الممارسة القضائية

من المقرر أن تصادق الحكومة اليوم الخميس، وبعد طول انتظار، على مشروع قانون رقم 2.23 يتعلق بالمسطرة المدنية وهو المشروع الذي يحدد القواعد المسطرية التي تطبق على كافة القضايا باختلاف أنواعها، مدنية وتجارية وإدارية، مما يجعل من مقتضياته أهم الضمانات المسطرية لحماية حقوق المتقاضين، ما لم يوجد نص خاص.

وأوضحت وزارة العدل التي أشرفت على إعداد المشروع أنه من منطلق الوعي بأهمية العدالة الإجرائية، فقد كان من الضروري الانكباب على مراجعة قانون المسطرة المدنية، وذلك بهدف تحيين مقتضياته لتتلاءم والمعطيات الاجتماعية والاقتصادية الجديدة، ولتستجيب للحاجيات التي يعبر عنها المتقاضون وباقي الفاعلين المرتبطين بالمحيط القضائي.

ويأتي مشروع القانون الجديد، وفق مذكرته التقديمية ” تجسيدا للإرادة التي عبر عن الملك محمد السادس في خطاب 20 غشت 2009، في إطار توجيه الحكومة للشروع في تفعيل مشروع إصلاح القضاء في ستة مجالات ذات أسبقية، حيث دعا الملك إلى “الرفع من النجاعة القضائية للتصدي لما يعانيه المتقاضون من هشاشة وتعقيد وبطء العدالة، وهذا ما يقتضي تبسيط وشفافية المساطر، والرفع من جودة الأحكام والخدمات القضائية، وتسهيل ولوج المتقاضين إلى المحاكم، وتسريع وتيرة معالجة الملفات، وتنفيذ الأحكام”.

وبحسب مدلول النص التشريعي الجديد، فإن قانون المسطرة المدنية، كقانون إجرائي، يعتبر من القوانين المسطرية الهامة التي تعززت بها المنظومة التشريعية الوطنية الناظمة لحماية الحقوق كضمانة قانونية تنضاف إلى الضمانات الدستورية والقضائية ذات الصلة، وذلك بالنظر إلى المستجدات التي يحملها هذا القانون على مستويات متعددة، ولاسيما ما يرتبط منها بالعدالة الإجرائية التي تسہم، بصورة فعلية ومباشرة، في تحسين جودة الخدمات القضائية، وضمان شروط المحاكمة العادلة.

وفي بيان الأسباب الداعية إلى مراجعة هذا القانون، أوضحت وزارة العدل أنه إذا كانت الصيغة الأولى لقانون المسطرة المدنية الساري النفاذ ترجع إلى سنة 1913، فإن هذا النص القانوني مر بعدة محطات، عرف خلالها مجموعة من التغييرات ، من أهمها محطة التعريب والتوحيد والمغربة لسنة 1965، ومحطتا الإصلاح اللتان ترجعان إلى سنتي 1974 و 2011، ثم تعديلات سنتي 2019 و 2021.

وحسب الوزارة فقد أصبح من الضروري فتح ورش مراجعة قانون المسطرة المدنية وفق معطيات دستورية وتشريعية لم تكن قائمة من ذي قبل، تستدعي سن قانون جديد متكامل ومندمج، ينسخ قانون المسطرة المدنية المطبق حاليا، ويسد الفراغات التي أفرزها الواقع، ومنها الدور السلبي للقاضي المدني في الإشراف على إجراءات التقاضي.

ويرمي مشروع هذا القانون وفق الحكومة إلى تجاوز الاختلالات التي أبانت عنها الممارسة القضائية من تعقيد للإجراءات، وبطء في المساطر، سواء على مستوى تبليغ أو تنفيذ الإجراءات أو المقررات القضائية، مبرزة أن المشروع يواكب التطور التشريعي الإجرائي الدولي، والتوجهات التي تضمنتها قواعد الاتفاقيات الدولية، والتحولات المستجدة التي يعرفها العالم على كافة الأصعدة ومستويات.

ويعتمد هذا القانون من جهة أولى، على تجميع شتات المساطر المدنية والإدارية والتجارية، وتلك المتعلقة بقضاء القرب، بالاستناد إلى مبدأي وحدة القضاء والتخصص فيه، والضبط القانوني غير المسبوق للمقتضيات المتعلقة بالاختصاص القضائي الدولي، بالإضافة إلى اعتماده على وسائل التكنولوجيا الحديثة في إجراءات التقاضي من أجل الاستفادة من منافع الثورة الرقمية ونتائج التطور التكنولوجي.

ومن جهة ثانية، يراعي المشروع المستجد التشريعي الذي عرفه قانون المسطرة المدنية الحالي، باستخراج المقتضيات الناظمة للتحكيم والوساطة الاتفاقية بخصوص الفصول من 306 إلى 70-327، وهي المقتضيات التي صدر بشأنها القانون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 7099 بتاريخ 13 ذو القعدة 1443 (13 يونيو 2022).

وسجلت وزارة العدل أن من بين الموجبات الأساسية والمبررات الجوهرية التي كانت من وراء هذا القانون ونسخ القانون الساري النفاذ، هو السعي إلى ملاءمة مقتضياته مع المرجعية الدولية المتمثلة في نتائج وتوصيات التقارير الدورية التي تصدر عن الهيئات والمنظمات واللجان الدولية المتخصصة في تقييم الأنظمة القضائية عبر العالم، ولاسيما الملاحظات المنصبة على التشريعات الإجرائية، وكذلك مع المرجعية الوطنية.

ويتعلق الأمر وفق ما ورد في المذكرة التقديمية لمشروع قانون المسطرة المدنية الجديدة،  بالأحكام الدستورية التي تنظم، بصورة غير مسبوقة، حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة، وتضبط الحق في التقاضي، وتحمي حقوق الدفاع، وترسخ الحق في إصدار أحكام في أجال معقولة، وفي تعليل الأحكام، مع التأكيد على الصبغة الإلزامية للأحكام النهائية في مواجهة الجميع.

وقالت وزارة العدل إن هذا المشروع يستند إلى الخطب والتوجيهات الملكية السامية، الرامية إلى تأسيس مفهوم جديد لإصلاح منظومة العدالة يعتمد الإصلاح الشامل والعميق لهذه المنظومة، يقوم على أساس تبسيط الإجراءات والمساطر، ورفع تعقيداتها، وتيسير الولوج للمعلومة القضائية، والاستفادة من المساعدة القانونية والقضائية، وتوفير عدالة قريبة وفعالة للمتقاضي، مع الرفع من أداء منظومة العدالة؛

كما يأتي النص التشريعي الجديد، حسب وزارة العدل في سياق  تنزيل توصيات الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة، ولاسيما منها تلك التي تؤكد على تعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات، والارتقاء بفعالية ونجاعة القضاء، وتشجيع اللجوء إلى الصلح لحل المنازعات، وتسهيل الولوج إلى القانون والعدالة، وتوفير عدالة قريبة وفعالة للمتقاضين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News