سياسة

دعم قدرة المغاربة الشرائية يُكلِّف 50 مليارا والحكومة تتسلّح بـ”الجدية” لتقليص آثار الأزمة

دعم قدرة المغاربة الشرائية يُكلِّف 50 مليارا والحكومة تتسلّح بـ”الجدية” لتقليص آثار الأزمة

كشف رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، عن أولويات مشروع قانون المالية لسنة 2024، والمتمثلة في توطيد تدابير مواجهة التأثيرات الظرفية ومواصلة إرساء أسس الدولة الاجتماعية ومواصلة تنزيل الإصلاحات الهيكلية وتعزيز استدامة المالية العمومية، مسجلا أن وضع هذه الأولويات يأتي تجسيدا لمرتكزات البرنامج الحكومي، وتفعيلا للتوجيهات الملكية خاصة المتضمنة في خطاب العرش الأخير، وهو الخطاب دعا فيه الملك محمد السادس مؤسسات الدولة إلى التحلي بـ”الجدية” لمواجهة التحديات التي تواجه المملكة.

وقال الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير، إن “الجدية يجب أن تظل مذهبنا في الحياة والعمل، وأن تشمل الحياة السياسية والإدارية والقضائية، من خلال خدمة المواطن، واختيار الكفاءات المؤهلة، وتغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين، والترفع عن المزايدات والحسابات الضيقة”.

ويأتي إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2024، ومنشور وجهه إلى الوزراء والمندوبين الساميين والمندوب العام، في سياق دولي يطبعه توالي الأزمات وتصاعد التوترات الجيوسياسية التي ألقت بتداعياتها على النمو الاقتصادي وعلى القدرة الشرائية في مختلف أنحاء العالم نتيجة ارتفاع الضغوط التضخمية التي تفاقمت خلال السنوات الثلاث الأخيرة لاسيما سنة 2022 التي بلغ معدل التضخم خلالها ما يعادل 8.7 بالمئة على الصعيد العالمي و8,4 بالمئة في منطقة اليورو و8 بالمئة في الويات المتحدة الأمريكية.

مواجهة الأزمة

وسجل منشور أخنوش الذي حصل “مدار21” على نسخة منه أن الحكومة “نجحت في مواجهة هذه الضغوط وفي تدبير هذه الأزمات المتلاحقة والحد من تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية عبر سياسة فعالة تقوم على بعدين متكاملين أولهما استباقي ينبني على مواجهة الإكراهات الظرفية وتقليص آثارها المباشرة على الاقتصاد الوطني وعلى المستوى المعيشي للمواطنين، وثانيهما هيكلي طويل الأمد يقوم على المضي قدما وفي تنزيل الإصلاحات الضرورية لتحسين ظروف عيش المواطنين وتحقيق معدلات نمو أكبر لخلق المزيد من فرص الشغل مع استعادة الهوامش المالية الكفيلة بتوفير التمويل الضروري لهذه الإصلاحات.

ولفت أخنوش إلى اتخاذ حكومته لمجموعة من القرارات الاستباقية للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين ودعم القطاعات المتضررة جراء توالي الأزمات وهو ما كلف ميزانية الدولة نفقات إضافية بلغت 40 مليارا برسم سنة 2022، وما يزيد عن 10 مليارات درهم خلال السنة الحالية.

وقد مكنت هذه الإجراءات، حسب رئيس الحكومة، من الحد من ارتفاع التضخم وحصره في معدل 6.6 بالمئة عند نهاية سنة 2022، مبرزا أن التدابير التي تم اتخاذها بداية سنة 2023، لاسيما دعم المواد الأساسية ودعم الأعلاف المخصصة للمواشي والدواجن والمواد الأولية الفلاحية المستوردة، ساهمت في تراجع معدل التضخم من 10.1 بالمئة خلال شهر فبراير إلى 5.5 بالمئة، خلال شهر فبراير إلى 5.5 بالمئة نهاية شهر يونيو 2023، ومن المتوقع أن يتم حصر هذا المعدل في حدود 5.6 بالمئة مع نهاية هذه السنة.

وإلى جانب الإكراهات المرتبطة بالسياق الدولي، أكد أخنوش أن ندرة المياه التي تفاقمت نتيجة توالي سنوات الجفاف خلال الفترة الأخيرة، تشكل تحديا كبيرا بالنسبة للمملكة، وهو ما حرصت الحكومة على مواجهته من خلال التسريع من وتيرة تنزيل البرنامج الوطني للتزود بالماء الصالح للشرب ومياه السقي 2020-2027 مع الرفع من الاعتمادات المالية المخصصة لقطاع الماء بـ5 ملايير درهم برسم قانون لسنة 2023، وفتح اعتمادات إضافية بـ1.5 مليار درهم خلال نفس السنة وذلك تنفيذا للتوجيهات المليكة.

وبالموازاة مع حرصها على مواجهة التداعيات الظرفية على القدرة الشرائية للمواطنين وعلى مجموعة من القطاعات الحيوية، سجل أخنوش، أن الحكومة واصلت مجهوداتها الرامية لتنزيل مختلف الأوراش الإصلاحية، التي التزمت بها، وعلى رأسها هذه الإصلاحات تعميم الحماية الاجتماعية وإصلاح المنظومتين الصحية والتعليمية وإلى جانب تنزيل ميثاق الاستثمار وتنزيل الاستراتيجية السياحية والاستراتيجية الطاقية.

انعاش الاقتصاد

وأوضح أنه إذا كانت الحكومة قد تمكنت من تخصيص الاعتمادات الضرورية للحد من تبعات الظرفية الحالية لمواصلة تنزيل الإصلاحات الهيكلية والاستراتيجيات القطاعية فإنها “حرصت في الوقت نفسه على تعبئة المواد الضرورية لتمويل هذه الاعتمادات وذلك بالموازاة مع عملها على تقليص عجز الميزانية حفاظا على استدامة المالية العمومية”.

وكشف رئيس الحكومة أنه تم تقليص عجز الميزانية من 7,1 بالمئة سنة 2020، إلى 5,9 بالمئة سنة 2021، ثم إلى 5,1 بالمئة سنة 2022. كما عرف النصف الأول من سنة 2023 مواصلة الدينامية الإيجابية للموارد، حيث ارتفعت الموارد الضريبية بـ4 بالمئة أي بما يعادل 5.3 ملايير درهم.

وقال أخنوش إن الاقتصاد الوطني عرف نفس الدينامية منذ بداية سنة 2023، حيث إنه وبعد أن تم تسجيل معدل نمو بـ3.5 بالمئة خلال الفصل الأول من هذه السنة، تشير التقديرات الأولية إلى تحقيق معدل نمو بـ3.2 بالمئة خلال الفصل الثاني، و3.4 بالمئة خلال الفصل الثالث، مقابل 2 بالمئة و1.9 بالمئة المسجلين خلال هذين الفصلين على التوالي من سنة 2022.

وتأتي هذه المؤشرات الإيجابية، حسب رئيس الحكومة، نتيجة لاستعادة مجموعة من القطاعات الاقتصادية لنشاطها، حيث يقدر ارتفاع القيمة المضافة الفلاحية بـ6,3 بالمئة خلال الفصل الثاني من السنة الحالية، بعد انخفاض يقدر ب13,5 بالمئة خلال نفس الفترة من السنة الماضية.

كما يقدر نمو القيمة المضافة للقطاعات غير الفلاحية بـ3 بالمئة، مدفوعة بتحسن الطلب الخارجي، حيث ارتفع حجم الصادرات من السلع والخدمات بنسبة 12,4 بالمئة، وذلك بفضل ارتفاع صادرات صناعة السيارات ب34.3 بالمئة، وصادرات الصناعات الالكترونية والكهربائية بـ33.3 بالمئة، وصادرات صناعات النسيج والصناعات الجلدية بـ13.6بالمئة.

تعليقات الزوار ( 1 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News