فن

إبداع كمال حيمود في تجسيد معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة يُغطي”سقطات” فيلم “أحلام صغيرة”

إبداع كمال حيمود في تجسيد معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة يُغطي”سقطات” فيلم “أحلام صغيرة”

إجماع كبير على براعته في التشخيص وإشادة واسعة بموهبة الممثل الشاب كمال حيمود، الذي أبدع في تجسيد معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة بكل تفاصيلها بالمجتمع، في فيلم “أحلام صغيرة”، حيث إنه عرض أول مرة، مساء أمس الثلاثاء، بقاعة “ميغاراما” بالدار البيضاء، وسط حضور أبطاله، وثلة من وجوه الشاشتين الصغيرة والكبيرة، وكذا عواطف حيار، وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة.

ّتشخيص قوي

حيمود استعد لهذا الدور لأشهر قبل الشروع في تصويره، حتى يضبط بدقة سلوكيات ذوي الاحتياجات الخاصة ونقل معاناتهم، على المستويين الجسدي والنفسي حسب ما أفصح عنه لـ”مدار21″.

ويضيف في هذا الصدد: “أعيش في هذا الفيلم الذي صورته فقي أواخر سنة 2017 معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة النفسية والجسدية”.

نجاح حيمود في تجسيد الشخصية باحترافية وتفان كبيرين جعل الحضور ينغمس في القصة، ويتابع الأحداث بكل جوارحه ومشاعره، إذ مع نهاية الفيلم اهتزّت القاعة بالتصفيقات على ممثل شاب كان في الموعد وبصم على أداء قوي فاق كل التوقعات.

حلم الدراسة “مجهض”

كمال حيمود تقمّص شخصية شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، يدعى “إبراهيم”، للمرة الأولى في مساره، والذي يكابد ويسعى إلى تحقيق حلمه بمواصلة دراسته، غير أنه يصل إلى سن الـ18 دون بلوغه.

أمام عدم تمكنه من ولوج المدرسة إسوة بأقرانه من الأطفال، يُقرر “إبراهيم” رفع دعوى قضائية ضد مدير المؤسسة، الذي صادر حقه في التعلم والتمدرس، بدعوى أنه “معاق”، وفق ما جاء في الفيلم.

وينطلق الفيلم من مشهد مراقبة “إبراهيم” دخول تلاميذ، من المدرسة وخروجهم، من شباك منزله، اعتاد عليه منذ أن كان في سن الـ7، على أمل تحقيق حلم التمدرس في يوم من الأيام.

القضاء يتدخل

ويظهر المحامي “حميد”، الذي يجسد دوره الممثل رشيد الوالي، للدفاع عن قضية “إبراهيم” أمام القضاء، في إشارة إلى معاناة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين لا يتمتعون بأبسط الحقوق، ضمنها التعليم، فيترافع ضد مدير المدرسة، ووزير التعليم، إذ يصور الفليم بأن الوزارة “لا تهتم بهذه الفئة من المجتمع وتحاول تهميشها”.

في مشهد من الفيلم، يحاول وزير التعليم تسوية الملف الذي أصبح قضية رأي عام، مع المحامي، للتخلص من “الفضيحة” التي طالت منصبه، إلى جانب مدير المدرسة الذي يصر على إنكار التهمة الموجهة إليه وتسخير مسؤولين للتفاوض مع دفاع المدعي.

وفي هذا الإطار، يقول رشيد الوالي، في تصريح لجريدة “مدار21″، إنه رغم المشاكل الخاصة التي يعانيها “حميد”، غير أنه يؤمن بقضية الشاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، واخذ على عاتقه الدفاع عنها.

وأضاف الوالي: “مدير المدرسة ووزير التربية حرما “إبراهيم” من الحصول على مقعد في القسم، وحكما عليه بالأمية، وأشعراه بإعاقتين، إحداهما يوم وُلد، وأخرى يوم حُرم من الدراسة”.

 الفيلم يحمل رسالة

وشارك في هذا العمل أيضا الممثل هشام الوالي، الذي يطل في مشهد مؤثر في الفليم، للكشف عن سر للشاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، أخفته عنه والدته لـ18 سنة.

وفي هذا الصدد، يقول الوالي: “مشهد واحد جسدته بكل حب وطواعية، لأن الفيلم يحمل رسالة، وينضاف إلى الخزانة السينمائية المغربية، ويختلف عما اشتغلته أنا وشقيقي رشيد الوالي وباقي الأبطال، إذ يبعث رسالة قوية ومباشرة، حول فئة تعيش معنا وتتعايش معنا، لكن نظرة المجتمع إليها “خاطئة””، وفق تعبيره.

وأشار المتحدث نفسه إلى أن هذه الفئة “لا تحصل على أبسط الضروريات، منها تسهيل ولوجها إلى السينما ووسائل النقل والفضاءات العامة”، مشددا بالقول: “نضم صوتنا إليها ونبعث رسالة إلى الدولة بأن هؤلاء هم مغاربة مثلنا من حقهم التعليم والسفر، والعيش بكرامة”.

سقطات الفيلم

ويبدو أن نجاح الممثل الشاب كمال حيمود في تقمص شخصية من ذوي الاحتياجات الخاصة غطّى على “سقطات الفيلم”، حيث استعملت كلمات “معوَّق” و”إعاقة” و”معاق” في الفليم في غير محلّها، للإساءة إلى فئة من الجتمع، حيث عوض أن يحارب العمل النظرة “الدونية” إليها، سقط في “فخ جهل السيناريست”.

ولم يتم استعمال مفردة “ذوي الاحتياجات الخاصة” أو “ذوي الهمم” بشكل نهائي في الفيلم، إذ استعمل القاضي والمحاميان عبارة “إعاقة” في حواراتهما، واستخدمها المخرج في الرسائل التي وجهها في نهاية الفيلم بشكل مكتوب.

وأبرز الفليم وقوع الشاب من ذوي الاحتياجات الخاصة في حب طفلة قاصر تبلغ من العمر 15 سنة، وإقحامها في حوار جريئ في أحد مشاهد العمل.

وظهر محامي مدير المدرسة الذي يجسد دوره المثل “أحمد ولاد”، وهو يدافع عن موكله بالفصحى، مرتكبا أخطاء فادحة في اللغة العربية، إذ ظهر أنه غير متمكن من النص الذي يقرأه.

وعلى مستوى الإخراج، لم تخدم الصورة فكرة الفليم الذي يعود زمن وقوع أحداثه إلى سنة 1993، إذ يمكن وصفه بـ”البسيط”، وأنقذه تشخيص الثنائي رشيد الوالي وكمال حيمود من الفشل.

يذكر أن منتج الفيلم لم يحضر إلى العرض ما قبل الأول، حيث أفادت مصادر لجريدة “مدار21” بأن عددا من الاتهامات التي تلاحقه حول “الاستيلاء” على أموال، جعلته يختفي من الساحة الفنية في الآونة الأخيرة.

 مبادرات فنية وثقافية

وعلى هامش هذا العرض، كشفت عوزاطف حيار، وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، أن تناول الفليم قضية تمدرس الأطفال في وضعية “إعاقة” دفعها إلى حضور العرض.

وأكدت حيار، في تصريح لجريدة” مدار21″، أن الحكومة المغربية، وتنفيذا لأوامر الملك محمد السادس، قامت برصد 500 مليون درهم في سنة 2022 و2023 لدعم تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة، والأنشطة المدرة للدخل لهم، غير أنها ترى أن التحسيس على نطاق واسع في المجتمع لا يمكن أن يكون بدون مبادرات فنية وثقافية، للتوعية حول حقوق الأشخاص في وضعية “إعاقة”، التي يضمنها الدستور، خاصة الولوج إلى التمدرس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News