فن

الدبلجة بالسينما والدراما.. آلية تساعد على انتشار الأعمال أم “تفسد” قيمتها الفنية؟

الدبلجة بالسينما والدراما.. آلية تساعد على انتشار الأعمال أم “تفسد” قيمتها الفنية؟

أثار عرض الفيلمين الأمريكيين “باربي” و”أوبنهايمر” باللغة الفرنسية بالقاعات السينمائية المغربية، النقاش على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر نشطاء مغاربة عن رفضهم هذا الأمر، داعين إلى بث هذين العملين السينمائيين بلغتهما الأصلية؛ أي الإنجليزية.

هذا الرفض عزاه هؤلاء إلى كون الدبلجة “تفسد” على الجمهور متعة مشاهدة الأعمال السينمائية، مفضلين الاستمتاع بحواراتها بأصوات أبطالها. فهل تؤثر الدبلجة في القيمة الفنية للعمل السينمائي أو الدرامي؟.

الجمهور مخيّر

تعليقا على الحملة التي أطلقها بعض النشطاء حول رفض الترجمة الفرنسية بالقاعات السينمائية، أبدى الناقد السينمائي عبد الكريم واكريم “استغرابه” حينما شاهد فيديو لجمهور شاب يحتج على عرض فيلم “أوبنهايمر” مترجما للفرنسية، ويطالب بعرضه بلغته الأصل؛ الإنجليزية.

وذهب واكريم، في حديث إلى “مدار21″، أن “المحتجين” ربما يجهلون أن هناك نسختان تكونان معروضتين ويعلن عن ذلك خارج القاعة (vf-vo) وما على المتفرج سوى اختيار إحداهما قبل دخول القاعة ليشاهد الفيلم، إما بلغته الأصلية أو مدبلجا للفرنسية.

“هو مشهد مثير للسخرية لجيل يظن أن فهمه للغة الإنجليزية يعطيه الحق في مصادرة حق الآخرين، الذين يتقنون الفرنسية، من المشاهدة، ويبدو لي أن هؤلاء قد يفهمون الإنجليزية لكن تغيب عنهم المعرفة وبدونها لا تنفع أية لغة حتى ولو كانت اللغة الأولى عالميا. وعموما يمكن لي وصف هذه الحالة بالبلطجة لأنني لو كنت داخل هذه القاعة أنا الذي يمكن لي متابعة الفيلم بالفرنسية وأجد صعوبة في متابعته بالإنجليزية لأحسست أنهم يصادرون حقي في المشاهدة”.

آلية تساعد على انتشار العمل واستقطاب جمهور أوسع

بدوره، يرى الناقد الفني فؤاد زويرق، أن الدبلجة “قد لا تؤثر بشكل كبير في القيمة الفنية للعمل السينمائي أو الدرامي، إذا كانت متقنة بدقة في كل تفاصيلها، وهذا ما لا يحدث في أغلب الأحيان”، حسب حديثه إلى “مدار21”.

وأردف زويرق أن هناك من يجد الأعمال المدبلجة أفضل وأكثر أريحية، لأنها “توفر له الفرصة اللازمة والوقت الكافي للتركيز على الأحداث، حيث إنها تعفيه من التنقل المتعب أحيانا بين الصورة والترجمة، وبالتالي الاستفادة أكثر من متابعة كل تفاصيل الأحداث، ناهيك عن كونها تساعد الأشخاص الذين لم يسبق لهم ولوج المدارس، أو يعانون ضعف القدرات اللغوية التي تقف حاجزا بينهم وبين القراءة من التعرف على أعمال سينمائية من بلدان أخرى بثقافات مغايرة لثقافتهم خصوصا إذا دُبلجت إلى لهجتهم المحلية، إذ يكون الإنتشار أوسع”.

وأكد أن الاختيار “يبقى للجمهور نفسه بين النسخة المدبلجة أو النسخة باللغة الأصلية، وهذا الاختيار توفره القاعات السينمائية في الكثير من الدول حيث تعرض النسختان معا، ولكل نسخة عرضها الخاص”.

تسلب العمل روحه وواقعيته ومصداقيته

وبالرغم من مميزات الدبلجة، إلا أن الناقد ذاته يوضح أن “عيوبها تطغى على إيجابياتها”، لذلك فهو يفضل النسخة الأصلية مع الترجمة، وليس الدبلجة، مشيرا إلى أنه في الأخير يبقى للمُتلقي الحق في اختيار النسخة التي يرتاح في مشاهدتها ومتابعتها.

وفي ما يتعلق بالعيوب، يواصل زويرق، “فهي كثيرة، إذ يكفي أن تسلب الدبلجة من العمل روحه التي تتجلى في لغة الحوار الأصلية حتى ينفر منها، لذلك يحبذ عوضها الترجمة، إذا لم يكن ملمّا بلغة العمل”، مضيفا في الإطار ذاته: “فالحوار ليس كلمات منطوقة فقط، بل هو أحاسيس ومشاعر يعبر عنها الممثل في أثناء تقمصه للشخصية، ولا أظن أن الممثل البديل الذي يعوض الممثل الأصلي بصوته، سيتفوق مئة بالمئة في نقل هذه المشاعر إلينا مهما اجتهد، وفي الغالب وحسب تجربتي تفتقر الأعمال المدبلجة إلى الواقعية حيث تجد الصوت غير مطابق لحركات شفاه الممثلين مما يفقد العمل مصداقيته، بالتالي كلها عوامل تؤثر في قيمته الفنية”.

ومن جانب آخر، لفت الناقد عينه إلى أن للأفلام أو الأعمال المترجمة بالنص، وغير المدبلجة “ميزة بالنسبة للصم وضعاف السمع غير القادرين على الاستماع للحوار، إذ تتاح لهم في هذه الحالة قراءة الترجمة فقط”، مبرزا أنه من مميزات الأعمال الأصلية أو المترجمة أيضا كونها “تساعدك على متابعة الحوار كلمة كلمة بلغته الأصلية دون تدخل مقص الرقيب، الذي ينشط في الدبلجة سواء كان هذا المقص خارجيا، من جهة ما، أو داخليا، أي رقابة ذاتية من أصحاب مشروع الدبلجة أنفسهم، بالخصوص في عالمنا العربي أو باقي البلدان التي تتعامل بحساسية مفرطة مع ثقافة الآخر خصوصا إذا كان من الغرب”، وفق قوله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News