سياسة

الأمازيغية بالحملات الانتخابية.. تعامل موسمي مع لغة المملكة الرسمية

الأمازيغية بالحملات الانتخابية.. تعامل موسمي مع لغة المملكة الرسمية

تطغي اللغة الأمازيغية على ملامح الحملة الانتخابية للأحزاب المغربية حتى تلك التي عارضت اعتمادها في السابق لغةً رسميةً قبل المصادقة عليها ضمن دستور 2011، لكن التعامل معها يظل موسميا، حسب العديد من المهتمين.

ورغم تمييز المشهد الانتخابي بحروف “تيفيناغ” ضمن الشعارات واللّافتات لكافة الأحزاب المتنافسة على ترؤس الحكومة، فذلك لم يرو ظمأ أصوات أمازيغية تطالب بتحقيق مكتسبات حقيقية لها عوضا عن توظيفها كنوع من المراوَغة السياسية لتحقيق مكتسبات شخصية.

وبهذا الصدد، يرى رئيس المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات، أحمد عصيد، في تصريح لـ”مدار 21″ أن الأمازيغية لا تحتل مكانة بارزة ضمن برامج الأحزاب السياسية، ويُرجِع ذلك لعاملين اثنين، الأول يتجلى فيتجلى في “اعتبار الأحزاب أن ورش الأمازيغية منوط بالمؤسسة الملكية ويتجاوز الحكومة، وهو منظور خاطىء لأن تفعيل القانون التنظيمي الخاص بالأمازيغية مُسنَدٌ إلى السلطة التنفيذية” أما العامل الثاني فيتمثل
في “تهميش المسألة الثقافية في برامج الأحزاب والحكومات، ما يجعل قضايا اللغة والثقافة لا تلقى اهتماما من طرف الفاعلين السياسيين.”

ويعتقد عصيد أن ذلك التعامل مع الأمازيغية “خاطىء، لأن الثقافة جوهر الإنسان وعمق التنمية”، مشيرا إلى عامل آخر في إقصاء اللغة الأمازيغية يتجلى أساسا في “الجمود الإيديولوجي لدى بعض الأحزاب”، الذي يفسره متحدثنا بـ”بقايا القومية العربية، والإسلام السياسي الإخواني أو السلفي، التي ترى في الأمازيغية شيئا مضادا لتوجهاتها المعادية للأهداف الوطنية.”

كما اعتبرت حركات أمازيغية أن اللغة الأمازيغية مازالت مغيبة في شتى مناحي الحياة العامة بالمغرب، خصوصا ما يتعلق بالوثائق الرسمية التي تصدر باللغتين العربية والفرنسية رغم مرور عشر سنوات على إقرارها لغةً رسمية في دستور 2011.

وتيرة إدماج اللغة الأمازيغية في المغرب مرت بمنعطفات عديدة، وخطوات متباطئة بحكم أن القانون التنظيمي لم ير النور إلا عام 2019، لكن رغم ذلك يبقى المغرب أوّل دولة في شمال إفريقيا تعترف بالأمازيغية لغةً رسمية.

وتصف أصوات أمازيغية مُحصّلة التدريس بحروف “تيفيناغ” بـ”الخجولة والمخجلة” كذلك، فبعد مرور قرابة 18 سنة على توجه المغرب لتدريسها ضمن المناهج التعليمية الابتدائية، فنسبة خجولة من تتحدث بها، مُحمّلين المسؤولية للدولة باعتبارها المسؤول الأول عن انتشارها وتعميمها.

ومرد هذه المسؤولية يرجع إلى الاعتراف الرسمي بالأمازيغية في دستور 2011، إذ صرّح محلل الشؤون الأمازيغية، مصطفى بوجعبوط، لـ”مدار 21″ قائلا: “تحقيق مطالب الحركات الأمازيغية أصبح فعلا اجتماعيا غير مرتبط ببرنامج انتخابي، فهي مسؤولية الدولة لتنفيذ المكاسب التي تم برمجتها في البرامج الحكومية السابقة”،

وأضاف بوجعبوط “يصعب تحديد الأولويات ضمن البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية، فكلها متشابهة وتفتقر إلى المهنية والتنفيذ، إذ هناك بعض الأحزاب التي تثير مسألة الأمازيغية في شتى المحطات الانتخابية، وأخرى تثيرها بشكل تسويقي فقط للإثارة والتأثير على الناخب”، واصفا البرامج الانتخابية بأنها “تفتقر أساسا إلى الهوية الحزبية فما بالك بالهوية الأمازيغية.”

وعن معارضة بعض الأحزاب؛ المسمّاة بـ”المحافظة”، في السابق إقرار الأمازيغية لغةً رسمية، قال المتحدث نفسه أن داخل هذه الأحزاب مناضلون أكاديميون استطاعوا التأثر بمطالب الأمازيغية بالرغم من إيديولوجية الحزب المعارض، كما لا يمكن النظر إليها (اللغة) كمنطقة جغرافية أو كأداة ناخبة في المنظومة الانتخابية، فمعظم من يقود اللوائح الانتخابية اليوم أكاديميون يتولون مراكز القيادات السياسية في المجتمع المغربي.”

وما يميز هذا المجتمع، على حد تعبير مصطفى بوجعبوط، هو “الاندماج والتعايش المشترك بين مختلف الأطياف، وأن الحاجة إلى الاعتراف باللغة الأمازيغية تغذِّي منطلقات ثقافية تهفو إلى الارتقاء الاجتماعي، والاعتراف بقيمهم وهوياتهم ما يحقق نوع من الاستقرار النفسي للمكونات الأمازيغية التي مازالت تناضل من أجل تحقيق هامش النهوض بلغتهم.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News