تربية وتعليم

تسرع ميراوي في تنزيل مسالك جديدة ينبئ بدخول جامعي مرتبك وتدني مرتقب لمعارف الخريجين

تسرع ميراوي في تنزيل مسالك جديدة ينبئ بدخول جامعي مرتبك وتدني مرتقب لمعارف الخريجين

ينبئ قرار عبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، بحذف مسالك الإجازة القديمة التي يعتبرها “عامة” بمسالك جديد أكثر تخصصا بدخول جامعي مرتبك، لا سيما مع التأخر في الإعلان عن هذه المسالك التي سيضطر المقبلون على التسجيل بالجامعات على الاختيار بينها، دون أن يكون لهم دراية مسبقة بها.

وإلى جانب الخلل القانوني الذي رافق الإعلان عن هذه المسالك الجديدة، قبل المصادقة على المرسوم المتعلقة بها، وصدور دفتر الضوابط البيداغوجية بالجريدة الرسمية، فإن هذا “الإصلاح” يطرح إشكالا كبيرا حول المستوى المعرفي لخريجي الجامعات مستقبلا، أمام تقليص الوحدات المعرفية بما يناهز 30 في المئة لصالح “مهارات القوة” بتعبير الوزارة واعتماد اللغات الأجنية.

سياق القرار الجديد

عبد الناصر الناجي، رئيس مؤسسة أماكن لجودة التربية والتعليم، أكد في تصريح لجريدة “مدار21” أن “قرار تغيير الشعب يأتي في سياق مخطط تسريع تحويل التعليم العالي الذي بدأت الوزارة في الترويج له منذ سنة ونصف تقريبا، وأعلنت الوزارة أن الموسم الدراسي المقبل سيشهد تطبيق جزء من هذا المخطط يتعلق بإصلاح سلك الإجازة بعد مشاورات انطلقت حول الموضوع”، مضيفا أن هذا الإصلاح “ينضبط لدفتر الضوابط البيداغوجية الذي يحدد المسالك الجديدة التي سيتم اعتمادها مع الدخول الجامعي، وهي المرتبط بالمرسوم الذي تمت المصادقة عليه في المجلس الحكومي الأخير حول اختصاص المؤسسات الجامعية والشهادات التي يمكن أن تسلمها هذه المؤسسات الجامعية”.

وأفاد الناجي أن “هذا المرسوم جاء ببعض التغييرات المتعلقة بسلك الإجازة، إذ ألغيت الإجازة المهنية، وهذا الإصلاح الجديد يؤكد على ضرورة الانفتاح على ما يسمى المهارات الحياتية أو مهارات القوة وفق تعبير الوزارة واللغات الأجنبية، بالإضافة إلى وحدتين ممهننتين في كل الأسلاك، حيث انتقلنا من نوعين من الإجازة؛ إجازة أساسية وإجازة مهنية، إلى تصور جديد يتمحور حول إجازة واحدة يدرس فيها الطالب وحدتين مُمهننتين لكي يقترب أكثر من سوق الشغل”.

خلل قانوني!

وأورد الناجي أنه من بين الملاحظات حول هذا النظام الجديد أنه لم يكن هناك تحضير كافي للطلبة لهذا الدخول الجامعي المقبل نظرا للارتباك على مستوى مسطرة اعتماد هذه المسالك الجديدة، ذلك أنها اعتمدت قبل صدور المرسوم المرتبط بها أو قرار دفتر الضوابط البيداغوجية، ذلك أن المرسوم لم يصادق عليه إلا بداية هذا الأسبوع، في حين المسالك أُحدت وصُودق عليها قبل المرسوم، ما يطرح وجود خلل قانوني على هذا المستوى.

ويوضح رئيس مؤسسة أماكن لجودة التربية والتعليم هذا الخلل القانوني بالقول: “بدأ الإعداد لهذه المسالك الجديدة دون وجود المرجعية القانونية التي يتم الاعتماد عليها جاهزة ومصادقا عليها، إضافة إلى قرار دفتر الضوابط البيداغوجية لم يصدر بعد بالجريدة الرسمية، وهو الدفتر الذي تم الاعتماد عليه قبل صدوره في عملية تغيير سلك الإجازة ووضع مسالك جديدة بناء عليه، ما يؤكد الخلل القانوني”.

ويتابع عبد الناصر الناجي موضحا أنه “لم يتم بعد إخبار الطلبة بهذه المسالك الجديدة، لأن الجامعات المعنية خرجت للتو من مسطرة المصادقة وتم إخبارها بأن المسالك التي قدمتها لمسطرة الاعتماد تم المصادقة عليها، والمذكرة التي تطلب من رؤساء الجامعات البدء في حملة التعريف بهذه المسالك الجديدة لم تصدر إلا قبل أيام قليلة، ونحن اليوم في نهاية الموسم الدراسي وجل الطلبة غادروا الجامعات”.

دخول جامعي مرتبك..

وتوقع الناجي، في حديثه لجريدة “مدار21″، أن يكون الدخول الجامعي المقبل مرتبكا نوعا ما، نظرا لأن الطلبة الحاصلين على شهادة البكالوريا اليوم والذين ينتظر أن تخبرهم الجامعات بالمستجدات جميعهم في عطلة، وعند بداية الموسم الجامعي فقط سيبحثون حول هذه المسالك وسيكون مطلوبا من الجامعات تعريفهم بها لاختيار المسالك التي تناسبهم وتلاءم توجهاتهم وميولاتهم”.

وانتقد الناجي هذا الارتباك المتوقع، مستحضرا رأي المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي الأخير الذي أكد فيما يخص التوجيه على الحكومة “بأن تبلور تصورا شاملا للتوجيه المدرسي والمهني والإرشاد الجامعي، نظرا للمشكل الكبير القائم في التوجيه بالنسبة للطلبة الحاصلين على شهادة البكالوريا، إذ لا يعرفون ما يكفي عن الجامعة حتى في وضعها الحالي، فبالأحرى مع الوضع الجديد مع مسالك جديدة ومسارات دراسية جديدة”، وفق المتحدث نفسه.

وأبرز المتحدث ذاته أنه كان على الوزراة أن “تتريث قليلا للاستعداد للدخول الجامعي ما بعد المُقبل لإطلاق هذه المسالك الجديدة وفق تصور متكامل وبعد توفير جميع المستلزمات والإمكانيات الضرورية لتنطلق هذه المسارات الجديدة بشكل جيد”، مشيرا إلى أن المسالك الجديدة ستعوض المسالك القديمة التي تعتبرها الوزارة مسالكا عامة وستعوضها بمسالك متخصصة.

مشكلة إعادة التوجيه

وأوضح الناجي أن هذه المسالك الجديدة المتخصصة التي تم وضعها من طرف الوزارة ستطرح مشكلا كبيرا على مستوى إعادة التوجيه، لأن الطالب الذي سيختار هذه المسالك سيجد صعوبة في إعادة التوجيه إلى مسالك أخرى لأنه سيكون قد دخل في تخصص معين أكثر دقة، وبالتالي فالرجوعه إلى مسالك أخرى سيتطلب منه وقتا وجهدا أكبر مما كان عليه الحال مع التوجهات والشعب العامة”.

ويرى الناجي أنه سيكون صعبا جدا على الطالب الجديد ن يحسم اختياره للمسلك الذي يلاءم ميولاته ومؤهلاته، مجددا التأكيد على أنه كان أولى أن تتريث الوزارة إلى ما بعد الموسم الدراسي المقبل لتمكن الطلبة من الاختيار الواعي لهذه المسالك بناء على معلومات دقيقة توفرها للطلبة، وأن تعتمد منتديات جهوية أو إقليمية للتعريف لهذه المسالك.

وذهب رئيس مؤسسة أماكن لجودة التربية والتعليم إلى أن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة هي الأخرى معنية بالانخراط في هذا المجهود لتعريف الحاصلين على البكالوريا، وأن يكون هناك تنسيق مع وزارة التعليم العالي لتنظيم هذه المنتديات لتعريف المُقبلين على التسجيل بالجامعات بهذه الشعب الجديدة.

تكوين معرفي ضعيف..

وحول تأثير هذا الإصلاح الجديد على التكوين المعرفي لخريجي الجامعات المغربية، أوضح الناجي أنه بالفعل فهذا الإصلاح سيقلص من الوحدات المعرفية، ذلك أن إدخال المهارات الحياتية أو مهارات القوة وإدخال اللغات الأجنبية سيكون على حساب الوحدات المعرفية التي ستتقلص بحوالي 30 في المئة مما عليه الأن.

وتابع الناجي أنه “إذ استحضرنا المستوى المتدني للحاصلين على البكالوريا بسبب أزمة التعليم الثانوي، وأضفنا لها أن الوحدات المعرفية بالجامعات ستكون مقلصة، فهذا معناه أن الحاصلون على الشواهد الجامعية مستقبلا سيكون مستواه متدنيا مقارنة بمستواه الحالي، ولن يتمكن من مواصلة دراساته العليا بسلك الماستر وبالتالي سلك الدكتوراه”.

وأفاد الناجي أنه في التقدم المعرفي الحاصل في شتى العلوم، فإن هذه الأخيرة تتوسع وكل علم تنبثق منه علوم، وهذا الأمر يهم حتى العلوم الإنسانية، مضيفا أن المشكل ليس في إحداث مسالك جديدة بناء على التطور العلمي ولكن في تقليص الوحدات المعرفية لهذه العلوم، الأمر الذي لن يمكن الطالب من اكتساب المعارف اللازمة للتمكن من التخصص الذي يدرسه.

وأضاف رئيس مؤسسة أماكن لجودة التربية والتعليم أن هذا الأمر سينتج عنه أنه “سيصبح لدينا حاصلون على الإجازة لا يتمكنون من الحد الأدنة من التخصص الذي يريدون اكتساب معارفه، ثم إن التخصص الفرعي يكون مرتبط بالضرورة بمعارف عامة مشتركة مع العلوم أو التخصصات القريبة منه، فمثلا لدراسة التاريخ يجب التمكن من مجموعة من المفاهيم المرتبطة بعلم التاريخ من طرف الطالب قبل أن يتخصص في مرحلة تاريخية ما”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News