فن

ارتداء ممثلين مغاربة قبعة الإخراج بين “الإضرار” بالإبداع الفني و”اللهث” وراء أموال الدعم

ارتداء ممثلين مغاربة قبعة الإخراج بين “الإضرار” بالإبداع الفني و”اللهث” وراء أموال الدعم

اتجه أخيرا بعض الممثلين المغاربة إلى مجال الإخراج، والانتقال من التشخيص والأداء إلى تصويب الكاميرا تجاه زملاء لهم وترجمة نصوص إلى صورة بصرية، وذلك بعدما راكموا تجربة في مجال التمثيل، ورغبة منهم في اكتشاف قدراتهم في ميدان “الإخراج”.

وأجمع نقاد على أن التجارب الأجنبية أكثر نجاحا من التجربة المغربية، التي تراوحت بين الإخفاق والمقبول في المستويين الفني والتقني، مشددين على ضرورة احترام التخصص لتطوير مسار الإبداع، وعدم الاستخفاف بهذا المجال الذي يتطلب تكوينا وخبرة، والبحث عن التربح من وراء ارتداء قبعة “المخرج”.

ويرى الناقد السينمائي عبد الكريم واكريم أنه يحق لأي ممثل التوجه إلى الإخراج السينمائي أو الدراما التلفزية، وهناك نماذج ناجحة في هذا السياق عالميا، بل هناك ممثلون تحولوا لمخرجين كبار مثال “الممثل والمخرج كلينت إستوود، ثم وودي ألان، وروبيرتو بينييني، وجون كازافيتس، أما شارلي شابلن فقد زاوج بين الإخراج والتمثيل منذ البداية، واللائحة طويلة نجد فيها كبار الممثلين عالميا كشون بين، وكيفن كوستنر وميل غيبسون، وكينيث براناه، ووارن بيتي وغيرهم”.

ويشاطره الناقد الفني مصطفى الطالب الرأي، ويقول إن ظاهرة تعاطي بعض الممثلين للإخراج ليست جديدة بل انطلقت في أمريكا مع مجموعة من الممثلين المرموقين في عالم السينما مثل “وودي آلان” و”دينزيل واشنطن” وغيرهما من الممثلين الذين تعاطوا للإخراج، بعدما راكموا تجربة طويلة في ميدان السينما التي تعد صناعة.

وأضاف الطالب في تصريح لجريدة “مدار21” أن الممثل عندما يشعر بأنه راكم خبرة تقنية وفنية يصبح باستطاعته ممارسة مهمة الإخراج، مبرزا أن “هذه المسألة حدثت في مصر أيضا والتي تعد السينما الأولى عربيا، مثل يوسف شاهين الذي كان ممثلا ومارس الإخراج في نهاية مساره ومجموعة من الممثلين الآخرين”.

وبخصوص التجربة المغربية، قال الطالب إن بعض الممثلين والممثلات شرعوا أخيرا في الإشراف على الإخراج، ومنهم رشيد الوالي وسناء عكرود وسامية أقريو وغيرهم، عادّا أن المسألة ترتبط بالقيمة المضافة للإبداع الدرامي أو سينمائي وليس بقبولها أو رفضها، مردفا: “هل تمكن هذا الممثل أو الممثلة من تقديم إضافة، وبمستوى فني وتقني جيدين، أم المسألة مجرد نزوة عابرة، ولها أهداف معينة، حيث إن مجموعة من الممثلين يقدمون على الإخراج لتأسيس شركات إنتاج”.

ويرى الناقد السينمائي عبد الكريم واكريم أنه يصعب في المغرب الحديث عن تيار أو تجارب مهمة في هذا السياق، فرغم أن بعض الممثلين قد مروا للإخراج السينمائي إلا أن أغلبهم لم يستطع منافسة فئة مهمة من المخرجين والمخرجات المغاربة الذين كرسوا أسماءهم كمخرجين متميزين.

وأضاف واكريم أنه بشكل عام يظل مستوى الأفلام التي قام بإخراجها ممثلون مغاربة متأرجحا بين المتوسط والأقل من المتوسط والذي لا تتوفر فيه شروط العمل السينمائي الجيد كأفلام سعيد الناصري وأفلام فركوس.

ويشير واكريم إلى أن هناك تجارب تمكنت من التوفر على الحد الأدنى من متطلبات العمل السينمائي تقنيا وفنيا مثل أفلام إدريس الروخ ومحمد نظيف الذي استطاع بفيلمه الأخير “نساء الجناح ج” منافسة مخرجين ومخرجات متمرسين، أما رشيد الوالي فرغم أن أفلامه جيدة تقنيا إلا أنها لا ترقى لتكون أفلاما سينمائية فيها رؤية إخراجية.

واستحضر الناقد السينمائي واكريم تجربة نبيل لحلو بالقول: “تجربة يمكن التوقف عندها سواء أحببناها أم لا فهي تظل تجربة متميزة لمسرحي كبير أخرج أفلاما سينمائية تَراوحَ مستواها الفني لكنه لم يستطع أن يرقى ليصل سينمائيا لما وصل إليه كمسرحي مُتمرَّس، وأظن أن تجربة نبيل لحلو كانت ربما تبشر في بداياتها بكوننا أمام مخرج قادم بقوة لكن لم تكن البشائر بحجم النهايات”.

وأردف: “هناك مجموعة من الممثلين المغاربة الذين أخرجوا أفلاما قصيرة قليل جدا منها ما تميز إخراجيا وأغلبها كانت محاولات للحصول على بطاقة المخرج من المركز السينمائي المغربي قصد تقديم مشاريع أفلام لنيل الدعم، ومنهم من توقف عند هاته المحاولات ولم يستمر”.

وواصل واكريم قائلا: “أهم التجارب تعود للممثل والمخرج المغربي فوزي بنسعيدي الذي يعد، بإجماع المهتمين والنقاد، من بين أهم المخرجين المغاربة والعرب إضافة لكونه ممثلا متمكنا من أدواته سواء في الأفلام التي أخرجها أو برفقة مخرجين آخرين”، مردفا “تميُّز بنسعيدي يتجلى في كونه مخرجا صاحب رؤية ومشروع سينمائيين عكس آخرين الذين قد يُخرجون فيلما مقبولا لكن ليس لديهم مشروع سينمائي. ويمكن إضافة مخرج وممثل آخر ينطبق عليه نفس ما قلته عن فوزي بنسعيدي هو الجيلالي فرحاتي”.

بدوره، يقول الناقد الفني مصطفى الطالب إنه “في بعض الحالات نشاهد أفلام ومسلسلات لا تكون في المستوى المطلوب، في الشق المتعلق بالإخراج وإدارة الممثل، لكون هؤلاء الممثلين يتخرجون من المعهد العالي للمسرح بصفتهم ممثلين، وبالتالي الممثل يتقن بشكل أكبر مجال تخصصه”.

ويرى الطالب أنه ليس كل من يلج مجال الإخراج ينجح فيه، لاسيما إن كان مشاركا في نفس الفيلم بدور من الأدوار وفي الوقت ذاته يشرف على الإنتاج والإخراج، فغالبا، حسبه، “ما يختل أحد هذه العناصر، ما يؤدي إلى إخفاق العمل، خاصة وأنه في المغرب ليست لدينا صناعة سينمائية أو درامية تتيح الفرصة لمزاولة الممثل مجال الإخراج بشكل يجعله متمرسا، عبر سلسلة من الأعمال السينمائية والدرامية والوثائقية، إذ غالبا ما يعمل في عمل واحد فقط”.

وشدد الطالب على أنه يؤمن بالتخصص، ويميل إلى ضرورة احترام الممثل أو الممثلة مجاله، لأن التميز في ميدان ما يتطلب الإتقان والاستمرار فيه، مردفا: “أما أن تمثل مرة وتُخرِج مرة فذلك لن يخدم الفن المغربي”.

وسجل الطالب أن المسألة في غالب الأحيان تكون مرتبطة بالربح المادي، عادا أن الإخراج ليس سهلا ويحتاج إلى دراسة وخبرة وجهد، لكن الواقع يشير إلى أن هذا المجال أصبح يمتهنه الممثل وغير الممثل ما يضر بالإبداع الفني السينمائي والدرامي بالبلاد وفقه، داعيا إلى تقنينه واشتراط التكوين والدراسة من أجل الرقي به، وإلا سوف تطغى الرداءة على هذا الميدان.

تعليقات الزوار ( 1 )

  1. الإخراج عملية إبداعية بامتياز؛ وليست مجرد عمل تقني. فالتقنية كما يقول عنها المخرج الفرنسي الكبير “جون رونار”: «هي في كل شيء؛ ولكنها ليست كل شيء (elle est dans tous ; mais elle n’est pas tout)». وأسهل شيء يمكن تعلمه واكتسابه هو التقنية. أنما الإبداع فيحتاج للكثير؛ وأفضل من يقوم بالإخراج هم الممثلون المجربون؛ ولكن بشرط التوفر على ثقافة عالية وخيال خصب؛ أما عندما يرتجل الممثل نفسه مخرجا وهو فارغ من كل هذه المقومات؛ فإن النتيجة تكون دائما كارثية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News