حوارات | فن

حسناء البدوي: مسرح أبي يعيش “التضييق” ولا نعرف هل السبب “تصفية حسابات” معه

حسناء البدوي: مسرح أبي يعيش “التضييق” ولا نعرف هل السبب “تصفية حسابات” معه

قالت الفنانة المسرحية حسناء البدوي، نجلة رائد الفن المسرحي الراحل عبد القادر البدوي، إن “مسرح البدوي” يعاني “التضييق” و”التهميش” من قبل الفاعلين السياسيين، ولا يحظى بالمكانة التي يستحقها، لاسيما وأنه تجاوز عقده الـ70، ودخل التاريخ من أبوابه الواسعة.

وترى حسناء، في حوار أجرته مع جريدة “مدار21″، أن المسؤولين عن الشأن الثقافي في المغرب لا يقدرون قيمة “أبي الفنون”، الذي يشكل، وفقها، مصدر رقي المجتمع وتطويره.

وتتساءل نجلة البدوي، في الحوار نفسه، عما إذا كان هذا “التضييق” الذي يتعرض له مسرح والدها الراحل، و”إقبار” أعماله في التلفزيون، “تصفية” حسابات، مبرزة أن هذا المسرح التاريخي يستحق عوض ذلك اهتماما كبيرا.

وفي ما يلي نص الحوار: 

بداية، هل يحظى “مسرح البدوي” بالمكانة التي يستحقها بالمغرب؟

إن “مسرح البدوي” يحظى بالمكانة التي يستحقها لدى الملك محمد السادس، ولدى الشعب المغربي، ولكنه لا يحظى بالمكانة ذاتها عند السياسيين. بكل صراحة لم يلق “مسرح البدوي” الاهتمام الذي يليق به من قبل السياسيين والمسؤولين عن الشأن الثقافي، علما أن الملك محمد السادس والعائلة الملكية يعزان هذا المسرح ويقدرانه، إذ يكفينا شرف الرسالة الملكية التي توصلنا بها في عزاء والدي الراحل، التي كانت أفضل مواساة لنا في تلك اللحظة، خصوصا حديثها عن المسرح البدوي بوصفه مسرحا جلب الحداثة إلى المغرب، وبكونه مسرحا راقيا ومسرح الأخلاق. تكفينا شرفا الكلمات التي قالها الملك محمد السادس في حق هذا المسرح التاريخي ذي السبعين سنة.

والجمهور أيضا يُعز مسرح البدوي، ويردد حوارات مسرحيات الراحل عبد القادر البدوي، فقد ارتبط بهذه الفرقة التي لها رصيد كبير لدى الشعب، وأظن أنه حان الوقت ليضع السياسيون والمسؤولون عن الشأن الثقافي “مسرح البدوي” ضمن أجندتهم، وأن يلتفتوا إليه، لأنه مسرح الشعب.

بمناسبة مرور 70 عاما على تأسيسه، ما الذكريات التي تحملينها عن هذا المسرح؟

أحمل ذكريات كثيرة من تأسيس “المسرح البدوي”، ومنها ذكرى صعودي على خشبة المسرح للمرة الأولى وأنا طفلة، وقدمت حينها مسرحية للأطفال تحت عنوان “مغامرة السندباد” رفقة الفنان عبد الله شاكيري والراحل إدريس حدادي، وكان عرضا ناجحة جدا.

فالمسرح البدوي يعد من المؤسسين لمسرح الطفل في المغرب، ومن مؤسسي مسرح الطالب أيضا، في هذا الإطار قدم المسرح البدوي عروضا هنا على خشبة المسرح البلدي التي تسمى حاليا مسرح “عفيفي”، حيث قدمنا مسرحية للأطفال كان اسمها “مغامرة السندباد”، واقتنص المسرح البدوي آنذاك جائزة كبرى في مهرجان مسرح الطفل.

الراحل عبد القادر البدوي كان عمود هذا التأسيس. ماذا يشكل غيابه؟

من الصعب أن أصف غياب أبي عن حياتنا، ولكن بإحيائنا تاريخ المسرح البدوي يكون الغائب الحاضر، فعبد القادر البدوي يحضر معنا في يومياتنا، إذ أشعر دائما أنه معي، فالمسرحيات التي نردد حواراتها من كتابته، وحينما أرى الجمهور يصفق أشعر أنه بجانبي وسعيد بهذا الاستمرار.

الراحل كرّس حياته لخدمة المسرح. فهل حظي بتكريم يليق بمساره؟.

بكل صراحة لا. الأستاذ عبد القادر البدوي عاش في السنوات الأخيرة تهميشا وتضييقا كبيرين على أعماله، وكان يشكو في آخر خرجاته الإعلامية قبل وفاته إقبار أعماله الفنية في التلفزيون المغربي، وهذا التضييق ما يزال مستمرا حتى بعد وفاته، وندفع ثمن أشياء لا نعلمها ولا نفهمها.

وهذا ظلم كبير. نحن جيل جديد، وجيل أكاديمي ومن الأطر الدولية التي درست في الخارج وقررنا العودة للعمل في بلدنا، حيث من حقنا بصفتنا نساء الاشتغال أيضا في هذا المجال، والملك عندما استقبل شقيقتي في القاهرة طلب منها العودة إلى المغرب، وقال لها إن بلدنا في حاجة إلى نساء في الإخراج والتمثيل، والشيء نفسه بالنسية لي. أنا عدت إلى وطني بدعوة ملكية في سنة 2004، فالملك له رغبة في أن يستقر الفنانين والأطر الدولية في المملكة للاستفادة منها، والآن يجب أن يفسح لنا المجال، وكفى من التضييق على المسرح البدوي.   ونتساءل بعد رحيل الوالد، هل تحاربون فكر عبد القادر البدوي المرتبط بالحركة الوطنية؟ وتحاربون مسرحه الذي كان ضد الاستعمار الفرنسي؟ أم تحاربون المقاومين وتصفون حساباتكم مع أشخاص يحبون الوطن ويرتبطون به؟. نحن نحب وطننا ونعمل إلى جانب الملك محمد السادس الذي يدعم عودة الكفاءات المغربية إلى المملكة.

هل هناك تقدير للفن المسرحي بالمغرب؟

ليس هناك تقدير. أنا تكونت في الولايات المتحدة الأمريكية، واشتغلت بها، وكذلك عملت في المغرب، وأجد أن هناك اختلافا كبيرا بينهما، وحينما نقارن بين المغرب والدول المجاورة نجد أن هذه الأخيرة قطعت أشواطا كبيرة وتجاوزتنا، فالمسرح في المغرب ما يزال موسميا ومناسبتيا حسب مزاج السياسيين، وثمة تفضيل لفرق على حساب أخرى. المسرح لا ينجح هكذا، حيث إنه في العالم بأسره تبرمج العروض لسنتين وثلاث سنوات، ونحن اليوم لا نعرف إن كنا سنتمكن من عرض مسرحياتنا في الأسبوع المقبل أم لا.

أبو الفنون لا يحظى بالتقدير اللازم، وحتى التعويض يكون زهيدا جدا، ما يدفع العديد من الفنانين المسرحيين إلى الهروب من هذا المجال، فالأمر أصبح خطيرا، لأن المسرح مهم وبه يرتقي المجتمع.

كيف عاش الراحل أيامه الأخيرة ارتباطا بالفن؟

الراحل عاش أيامه الأخيرة من أجمل ما يكون، كان يشتغل على أرشيفه، وكان يحضر لكتابه “سيرة نضال”، ومع الأسف صادف طرحه فترة الحجر الصحي، إذ لم يتمكن من طبعه ونشره، إضافة إلى أنه كان يحضّر معنا للذكرى الـ70 على تأسيس المسرح البدوي، فطبعت أيامه الأخيرة الاشتغال والمطالعة، إذ كان يقرأ العديد من الكتب، ويقرأ القرآن، وكان يتحدث دائما عن موته، وكأنه يحضر للسفر إليه.

هل ستواصلون خدمة فرقة البدوي؟

سنواصل طبعا، وسنستمر رغم الداء والأعداء، وأتمنى من المسؤولين عن الشأن الثقافي في المملكة الاهتمام بهذا المسرح. فالمسرح البدوي الآن ليس مجرد فرقة مسرحية عادية، وإنما مؤسسة ثقافية، أرجو الالتفات إليه بجدية كما يُهتم بالأعمال الفركوفونية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News