سياسة

نواب يرفضون تسليم عبد النباوي مفاتيح إدارة “معهد القضاء” ووهبي يُبرّر تخليه عن تكوين القضاة

نواب يرفضون تسليم عبد النباوي مفاتيح إدارة “معهد القضاء” ووهبي يُبرّر تخليه عن تكوين القضاة

رفض نواب برلمانيون تخلي وزارة العدل عن تكوين الملحقين القضائيين، وإسناد المهمة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وذلك في سياق مراجعة الإطار القانوني المنظم للمعهد العالي للقضاء، منبهين إلى الإشكالات القانونية التي قد تنجم عن إسناد رئاسة المعهد العالي للقضاء إلى الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.

وبموجب مشروع قانون جديد يتعلق بالمعهد العالي للقضاء، يتم إسناد رئاسة مجلس إدارة المعهد للرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بناء على التوصية رقم 32 من ميثاق إصلاح منظومة العدالة، والتنصيص على اعتبار مجلس الإدارة أعلى هيئة تقريرية ومنحه تبعا لذلك صلاحيات استراتيجية يرسم من خلالها المعهد في كل ما يتعلق بمهامه ويقرر المتعين بشأنها ويتابع تنفيذ مختلف البرامج المسطرة وتعديلها متى اقتضت الضرورة ذلك.

وأثار أعضاء لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، خلال المناقشة التفصيلية لمشروع القانون رقم 37.22 المتعلق بالمعهد العالي للقضاء، بحضور وزير العدل عبد اللطيف وهبي، مسألة الطبيعة القانونية لمؤسسة المعهد العالي للقضاء، وعما إذا كان الأمر يتعلق بمؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية الاعتبارية أم لا، وكذا إشكالية الوصاية والرقابة التي تفرض عليها.

وسجل نواب من المعارضة أن إسناد رئاسة المعهد العالي للقضاء إلى الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، قد يطرح بعض الإشكالات من حيث القرارات التي سيتخذها المعهد، معتبرين أن مجال التكوين القضائي وإن كان ذا طبيعة خاصة إلا أن معهد القضاء يبقى مؤسسة “ذات طبيعة تعليمية تكوينية” مثلها مثل مؤسسات تكوين الأطر، ولا علاقة للتكوين بالمس استقلال السلطة القضائية.

واستحضر ممثلو الأمة السياقات التي جاءت في إعداده والمرتبطة بتمكن المملكة من مؤسسة متخصصة في مجال التكوين القضائي المتخصص والعالي الجودة وفق مقاربة شمولية ومتكاملة تعالج جميع الإشكالات، مسجلين أن إعادة تنظيم هذه المؤسسة الهامة وإرساءها على أسس صلبة وضمان مقومات نجاحها، تطرح مجموعة من الإشكالات والتساؤلات التي يتعين على الحكومة تنوير البرلمان بشأنها.

كما نبّه النواب إلى إشكالية ربط الولوج لمباراة الملحقين القضائيين باشتراط التوفر على شهادة الماستر أو الماستر المتخصص مشفوعة بالحصول على الإجازة في القانون الخاص، معتبرين أن هذا الشرط يطرح إشكالا يرتبط بقيمة الإجازة في القانون العام لا سيما وأن مجال القضاء أصبح مجالا واسعا ومنفتحا على العديد من التخصصات التي تفرضها الحياة الاقتصادية والاجتماعية والمالية.

ويرى أعضاء بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بالغرفة الأولى للبرلمان، أن استبعاد تخصصات لها ارتباط بالقانون العام، سيترتب عنه “إقصاء فئات واسعة من طلبة القانون العام وهذا فيه حيف ومجانب لمنطق الأشياء الذي يقتضي الانفتاح على جميع تخصصات العلوم القانونية”.

وفي معرض ردّه على تدخلات الفرق والمجموعة النيابية خلال المناقشة التفصيلية لمشروع المعهد العالي للقضاء داخل لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، دافع وزير العدل عبد اللطيف وهبي عن نقل رئاسة مجلس إدارة المعهد العالي للقضاء إلى الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بدل وزير العدل.

كما دافع وهبي عن تكريس الاستئثار التام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئيسه بكل ما يتعلق بتنظيم مباراة الولوج للملحقين القضائيين، سواء من حيث الإعداد المادي والإداري من خلال ما تخوله جميع السلطات المتعلقة بالإشراف على تنظيمها عوض وزارة العدل.

وأكد وزير العدل أن الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية محمد عبد النباوي “لم يطلب مني أن أمنحه سلطة رئاسة المعهد العالي للقضاء، بل أنا الذي اقترحت عليه واتصلت به وقلت له لماذا لا نفكر في تحويل رئاسة المعهد إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية”.

وأوضح وهبي أن التغييرات والمقتضيات الجديدة التي حملها مشروع القانون رقم 37.22، تأتي بالنظر إلى أن التكوين القضائي يعد من أهم دعائم إصلاح منظومة العدالة ومن أبرز مقومات تخليقها وتكريس استقلاليتها، مسجلا أن نجاح برامج إصلاح العدالة رهين في جزء كبير منه بنجاعة التكوين القضائي وجودته، واعتبارا للتحولات العميقة التي عرفتها منظومة العدالة بالمملكة خلال السنوات الأخيرة والتحديات الكبرى المطروحة من أجل الارتقاء بهذه المنظومة.

وشدد وزير العدل على أن الرهان أصبح كبيرا على تطوير منظومة التكوين لتكون قاطرة للإصلاح المنشود، بفعل ما أصبحت تواجهه العدالة المعاصرة من تحديات متسارعة نتيجة تنامي دور القاضي في المجتمع وكثرة النصوص التشريعية وانخراط القضاء في جهود التنمية والمساهمة في توفير المناخ الملائم للاستثمار وإنجاح تنزيل النموذج التنموي الجديد للمملكة.

وأضاف المسؤول الحكومي أنه في خضم هذه التحولات، فإن المعهد العالي للقضاء، واعتبارا للتجربة التي راكمها في مجال التكوين منذ إحداثه سنة 1962 مرورا بالإصلاح الهيكلي الذي خضع له سنة 2002، يوجد اليوم في صلب الإصلاح المنشود وذلك بحكم المهام التي يضطلع بها وما وهو منتظر منه مستقبلا للمساهمة بفعالية في تنزيل الإصلاح المنشود لمنظومة العدالة وتطوير القدرات المهنية للقضاة لضمان الاحترافية وتحقيق الجودة المطلوبة.

ويهدف مشروع هذا القانون، حسب وهبي، إلى وضع إطار قانوني جديد للمعهد العالي للقضاء يحدد قواعد تنظيمه واختصاصاته وكيفيات تسييره حيث تمت معالجة موضوع التكوين القضائي معالجة شمولية ومتكاملة وتم تجميع وإدماج مختلف النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بموضوع التكوين القضائي والتي كانت موزعة بين القانون رقم 09.01 المتعلق بالمعهد العالي للقضاء وظهير 11 نونبر 1994 المتعلق بالنظام الأساسي لرجال القضاء.

وينص المشروع الذي يضم 69 مادة موزعة على سبعة أبواب، على الاحتفاظ بنفس التسمية الحالية للمعهد، أي المعهد العالي للقضاء، وذلك انسجاما مع القانون التنظيمي رقم 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا الذي حافظ على هذه التسمية في اللائحة- أ- المرفقة به والمتعلقة بالمؤسسات العمومية الاستراتيجية.

ويؤكد المصدر ذاته، على تمتع المعهد العالي للقضاء بالشخصية الاعتبارية وبالاستقلال المالي وخضوعه لوصاية الدولة ومراقبة المالية، إلى جانب التنصيص على الطابع الاستراتيجي للمعهد العالي للقضاء استنادا لمقتضيات القانون التنظيمي رقم 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا الذي ارتقى بهذه المؤسسة إلى مصاف المؤسسات العمومية الاستراتيجية بعد التعديل الذي طرأ عليه سنة 2019.

ويضمن المشروع تمثيلية المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة والسلطة الحكومية المكلفة بالعدل بمجلس الإدارة مع تخصيص تمثيلية وزانة للقضاة وتشمل مسؤولي محاكم أول درجة ومحاكم ثاني درجة رئاسة ونيابة عامة، بما في ذلك المحاكم المختصة.

ويحدد المشروع الحكومي، مهام المعهد في مجال التكوين ليشمل التكوين الأساسي والتخصصي والمستمر، فضلا عن التكوين في مجال الإدارة القضائية وإمكانية قبول طلبة أجانب للاستفادة من التكوين الذي يقدمه المعهد وذلك في نطاق اتفاقيات التعاون التقني والقضائي في مجال التكوين المبرمة بين المملكة المغربية والدول الأجنبية وإمكانية تكوين في المجال القانوني والقضائي لفائدة أطر الإدارات والمؤسسات العمومية والخاصة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News