سياسة

“حرب الأرقام” تشتعل بين الحكومة ومندوبية الحليمي حول مناصب الشغل بقطاع الصناعة

“حرب الأرقام” تشتعل بين الحكومة ومندوبية الحليمي حول مناصب الشغل بقطاع الصناعة

شّكك وزير الصناعة والتجارة رياض مزور في “مصداقية” التقارير التي تصدرها المندوبية السامية للتخطيط بشأن مناصب الشغل المحدثة بقطاع الصناعة، معبرا عن انتقاده الشديد للمنهجية التي تعتمدها المندوبية التي يرأسها أحمد العلمي الحليمي في التعاطي مع أداء ومردودية قطاع الصناعة الذي حقق حسب الوزير قفزة نوعية خلال السنوات الأخيرة.

وفي معرض جوابه على مداخلات النواب خلال اجتماع للجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب خصص لتقديم ومناقشة عرض حول “السياسة الصناعية الوطنية وسؤال النجاعة و الآثر”، قال مزور إن تقارير المندوبية السامية للتخطيط تتحدث عن تراجع السياسة الصناعية بالمغرب وأن هناك غيابا لأي قيمة مضافة وأي تنوع وليس هناك مناصب شغل، مضيفا ” لكن بالإطلاع على حجم الصادرات وعدد مناصب الشغل المصرح بها لدى مصالح صندوق الضمان الاجتماعي نجد أن أرقام المندوبية لا تمت للواقع بصلة”.

وسجلت المندوبية السامية للتخطيط “تباطؤ” أداء قطاع الصناعة المغربية من حيث مناصب الشغل المحدثة خلال الفترة الأخيرة، وقالت المندوبية ضمن تقرير أخير لها حول “النمو الممكن والتحولات الهيكلية للاقتصاد الوطني: تحديات وآفاق التشغيل والإنتاجية”، إن هذا الوضع، الذي يوصف بأنه تراجع مبكر عن التصنيع، يدعو  إلى التساؤل حول دور الصناعة التحويلية في خلق فرص الشغل ودورها كرافعة للنمو المستدام. حيث تعكس بيانات العمالة أعراض تراجع قطاع الصناعة من خلال حصته المنخفضة من إجمالي العمالة والمقدرة بنسبة 11بالمئة، وحصته في القيمة المضافة البالغة 22 بالمئة.

وقال وزير الصناعة منتقدا ما وصفه بـ”تبخيس” المندوبية لأداء قطاع الصناعة: “إذا تتبعنا تقارير المندوبية السامية للتخطيط سنوقف السياسة الصناعية لكونها لا تخلق بحسب رأي المندوبية أي مناصب للشغل وليس لها أي آثر على اقتصاد البلد”، وزاد: “لاش غادي نديروها كاع نوقفوها في مرة (..) المندوب السامي للتخطيط 10 سنوات وهو يقول بأن قطاع الصناعة لم يحقق نتائج على مستوى خلق مناصب الشغل”.

وأوضح مزور الذي بدا غاضبا بشدة من تقارير “مندوبية الحليمي” أن الوزارة ترى بأن هذه المؤسسة المستقلة لتقييم السياسات العمومية لا تقدم المؤشرات الحقيقية الموجودة في الواقع”، وأردف: “إذا أخذنا بأرقام المندوبية سنضطر لإلغاء كل نقوم به رغم آثره الايجابي المباشر على الصادرات وبالتالي هذه الهيئة لا تقدم المعطيات التي تحتاجها الحكومة لتدبير قطاع الصناعة”.

وتابع وزير الصناعة انتقاداته للمندوبية السامية للتخطيط بسبب “غياب الإنصاف” وقال :  ما كرهناش تكون عندنا مؤسسة مستقلة تعمل على تقييم أداء قطاع الصناع واقتراح الحلول والبدائل لتحسين مردوديته، قبل أن يستدرك “لكن منين كتجي المندوبية السامية للتخطيط وكتقول ما عندك والو فإن ذلك لا ينطبق مع الواقع”.

وكشف المسؤول الحكومي أن وزارة الصناعة قررت البدء في تجربة التقييم الداخلي لأداء القطاع، وأوضح أن “عملية التقييس التي تقوم بها المندوبية لا تعطي المؤشرات التي نحتاجها وإذا كان عند المندوب السامي للتخطيط الحق والمصداقية فيما ينشره من تقارير عن أداء قطاع الصناعة نوقفوا هذا الشي”.

وأضاف مزور “مندوبية التخطيط تقول باستمرار بأن قطاع الصناعة ما كايدير والوا لا يخلق مناصب الشغل، في وقت يصل فيه عدد المسجلين بصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إلى 40 بالمائة من مجموع المسجلين بينما تصل نسبة الصادرات المصنعة إلى 86 بالمائة من حجم الصادرات المغربية”.

واستغرب وزير الصناعة من إصرار المندوب السامي للتخطيط على تبخيس أداء القطاع وقال بأن “هناك أمورا غير مفهومة تُخفيها التقارير الصادرة عن المؤسسة والتي تقلل باستمرار من مردودية قطاع الصناعة الوطنية، قبل أن يستطرد : “يمكن أن المندوب السامي لم يلتقط بعض المؤشرات الايجابية في أداء قطاع الصناعة ولذلك قررت الوزارة تجاوز هذه التقارير والاعتماد على عدد المسجلين في الضمان الاجتماعي لاحتساب مناصب الشغل الحقيقية المحدثة من طرف قطاع الصناعة”.

وسجل أن هناك حوالي 12 ألف شركة صناعية بالمغرب تشغل الآلاف من مناصب الشغل، مؤكدا أن نتائج أداء قطاع الصناعة بالمغرب بادية للعيان، خاصة في عدة مناطق بالمملكة مثل قنيطرة وطنجة ومكناس وعين زورة، مشيرا إلى تحقيق 78 مليار من الصادرات مع تسجيل 40 بالمئة من القيمة المضافة بقطاع الصناعة.

وكشف وزير الصناعة أن هناك اتفاقا بين الوزارة والمندوب السامي للتخطيط “بصفة شخصية” بأنه لا ينبغي احتساب الصناعة وإنما يتعين التركيز على “المنظومات الصناعية”، بمبرر أن احتساب “الوظيفة الصناعية” يقوم على اشتغال الشخص في مهنة “صناعية محضة” لكن إذا تم على سبيل المثال توظيف أي سائق أو موزع في أي مصنع فإنه لا يتم احتسابه ضمن مناصب الشغل المحدثة بقطاع الصناعة.

وأضاف مزور حاولنا إيجاد نقطة التقاء فيما يتعلق باحتساب مناصب الشغل بقطاع الصناعة، قبل أن نتفاجأ بإصدار المندوبية تقرير جديد تتحدث فيه عن تباطؤ أداء قطاع الصناعة وهو ما أعادنا إلى نقطة الصفر بسبب خرق المندوبية لبنود الاتفاق المبرم بينها وبين وزارة الصناعة.

وأكدت مندوبية التخطيط ضمن تقريرها  حول ” تحديات وآفاق التشغيل والإنتاجية”، إن  الاندماج المحدود للأنشطة التصنيعية في النسيج الإنتاجي المحلي واعتمادها الكبير على المدخلات المستوردة يؤدي إلى إضعاف روابطها بين القطاعات مما يسهم في تقليل كثافتها من العمالة والحد من آثارها المضاعفة.

وسجل وزير الصناعة والتجارة أن “المندوبية لديها معاييرها الخاصة والدقيقة لإجراء الاحصائيات ونحن نحترم هذه المعايير لكن أن ترفض المندوبية احتساب المناصب المحدثة من طرف المقاولات والشركات الصناعية فهو أمر غير مقبول “.

وخلص المسؤول الحكومي إلى القول: “ما كرهت نسدوا هذا النقاش وتكون عندي مؤسسة عمومية مستقلة التي تقيس النجاحات والاخفاقات وتقول الحاجة المزيانة و تنبه للأشياء التي يعتريها النقص، لكن شريطة أن تكون هناك معايير شفافة وفيها نوع من المصداقية من أجل العمل على تصحيح الاختلالات المسجلة “.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News