ثقافة

90% من المخطوطات غير محققة.. باحثون يؤكدون أهمية كتابة التاريخ رقميا لإنقاذ التراث

90% من المخطوطات غير محققة.. باحثون يؤكدون أهمية كتابة التاريخ رقميا لإنقاذ التراث

كتابة التاريخ في عصر الثورة الرقمية، والتحديات المتعلقة بكتابة التاريخ في ظل الثورة الرقمية والمعلومات ودور المؤرخ في الزمن الرقمي، مواضيع استوقفت باحثين ودكاترة بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط.

وأكد مشاركون ضمن ندوة حول التاريخ الرقمي، اليوم الثلاثاء بمعرض الكتاب، على ضرورة التوجه إلى هذا النوع من الكتابة، وتجاوز التحديات المطروحة وعلى رأسها ضعف تحقيق المخطوطات والوثائق والكتب العربية.

وفي مقاربته للموضوع، انطلق الباحث العراقي أحمد حسو، الدكتور في التاريخ الإسلامي، من عنوان الندوة “التاريخ الرقمي ومستقبل الكتابة التاريخية في زمن الأنترنت”، موضحا أن التاريخ الرقمي أهم ثمرة نجمت عن مسار طويل من المنهج الكمي وتطبيقاته.

وتساءل حسو حول ما إن كانت الظروف المواتية لاستثمار هذا النهج في الكتابة كميا وفي إقرار كتابة تاريخ رقمي، موضحا أن تجربة كتابة التاريخ الأوروبي في أوروبا قامت داخل بيئة متوفر فيها كل شيء، مضيفا “وثائقهم محققة، ومصادرهم متوفرة، ولديهم بيئة ثقافية تستقبل الجديد ولا تتمسك بأمور جاءتها عبر الزمن”.

وفي السياق ذاته يضيف الدكتور العراقي “نحن كأمة انتقلنا من العصور الوسطى وقبلها إلى العصور الحديثة دون إجراء أي دراسا نقدية لهذا الإرث الكبير”، مضيفا “تفكيرنا في الماضي جعلنا نعيش في هذا الماضي وكأننا مخلوقات تاريخية”.

وتابع أحمد حسو “انتقل إلينا التاريخ بسلبياته وايجابياته ولم تتوفر لنا الظروف لتنقيته ومعرفة قوته وكا يصلح منه ليكون ماضيا وحاضرا ومستقبلا”، مؤكدا أن أوروبا عندما بدأت كتابة تاريخها الرقمي توفرت لها بيئة صالحة، ولكن نحن كيف نكتب التاريخ وتسعين بالمئة تقريبا من مخطوطاتنا ولُقانا التاريخية ووثائقنا كلها ليست محققة ومدروسة بعد.

وشدد الباحث العراقي أن من ألفوا تلك الكتب قبل ألف عام لم يكونوا يريدون له أن يبقى محجورا في رفوق مكتبة، وأن يكون قطعة تراثية يرى جمال خطها، مؤكدا إنه إذا لم تكن هذه الوثائق محققة لا يمكن الاعتماد عليها.

ويشير حسو إلى أنه لا ينبغي لنا التوقف عن العمل في انتظار التحقيق، بل التوجه ينبغي نحو التاريخ الرقمي وتعميق المنهجية، واستحداث قاعدة للمخطوطات المصورة كاملة بدل الاحتفاظ بها في المكتبات، والأمر ليس من خلال توجه كل مكتبة لتصوير الوثائق لأن هذه بعثرة، بل يجب استحداث قواعد لمعرفة نسخ ومكان كل مخطوط.

ودعا الباحث العراقي كذلك إلى حركة ترجمة كبرى للأدب الكمي وكل ما يتعلق به في الأداب الغربي، مشيرا إلى أننا لا نعرف عن ما كتب في جميع البلدان، إذ ينبغي العمل على إخراجه بالحرف العربي.

ومن جانبه، أوضح الباحث المغربي إبراهيم القادري بوتشيش، صاحب كتاب مستقبل الكتابة الرقمية التاريخية، الصادر سنة 2000، والذي كان من أوائل من طرقوا هذا الموضوع، أنه ينبغي التمييز بين التاريخ بالأرقام والتاريخ الرقمي، مشيرا إلى أن الأول ظهر منذ خمسينيات القرن الماضي وتجلى في التاريخ الكمي، أما الثاني فهو فلسفة ومنظور جديد نشأ نتيجة للثورة الرقمية والتكنولوجية التي حدثت مع انتشار رياح العولمة.

وأضاف المؤرخ القادري أن التاريخ الرقمي هو تمثل لمعرفة تاريخية ولكن بإنتاج إلكتروني، موضحا أنه ما قبل ظهور العولمة كانت المعرفة التاريخية ورقية لكن الثورة الرقمية جعلت هذه المعرفة إلكترونية قابلة للقراءة الآلية.

وأفاد القادري أن الكتابة الرقمية هي تمثيل وتجميع لمجموعة من المعطيات التاريخية وتحويلها ضوئيا وتقديمها جاهزة للباحث، وهذا التحول سيكون له أثر كبير في مجال الكتابة التاريخية، من بينها انتقال المصادر من الورقي إلى مصادر إلكترونية جاهزة بدل حاجة الباحث إلى التنقل من أجل الاطلاع عليها.

وأضاف أن مجال الكتابة الرقمية هو الذي يمكن من خلاله تجديد الكتابة التاريخية، داعيا إلى إقامة مسافة بين الانفجار في المعطيات وما بين النقد والتثبت والحيطة، مشيرا إلى أن عقل المؤرخ يجب أن يتثبت من هذه المعطيات.

وأكد القادري أنه إذا استطعنا الجمع بين السخاء الرقمي وعقل المؤرخ ستكون هناك ثورة تاريخية كبرى، مشيرا كذلك إلى أنه سيكون هناك تغير حتى في مفهوم الحقيقة التاريخية، التي تبقى نسبية، ذلك أن الصورة ستكون مؤثرة بشكل كبير على القارئ، فعندما نشاهد شاهد تاريخي يتفاعل ليس مثل الإطلاع على ذلك ورقيا.

ومن جهتها، قالت الباحثة الأردنية سوسن الفاخري الحاصلة على الدكتوراه في تحقيق وتحليل المخطوطات، إن الثورة الرقمية جعلت العالم قرية صغيرة وبالرغم من هذه الثورة لتبادل المعلومات والخبرات، إلا هناك من معارض لها ون هو موافق.

واستحضرت الفاخري أن من أوائل من تحدثوا في موضوع التاريخ الرقمي الدكتور إبراهيم بوتشيش القادري من خلال كتابه الثورة الرقمية والتاريخ الرقمي، الذي ناقش أهمية التاريخ الرقمي والفرق بين العولمة والعالمية، موضحة أننا بحاجة إلى عولنة نستفيد منها في نشر عالمية الإسلام، حتى لا يبقى مفهوم العولمة منحصرا في السيطرة الاقتصادية والهيمنة السياسية.

وأكدت الفاخري أن التاريخ دخل في مجال الثورة الرقمية، حيث طالب بوتشيش برقمنة التاريخ مع ضرورة حذر المؤرخ من السقوط في مزاليق العولمة، وأن يتم تحويل العولمة ليس فقط حرب اقتصادية وإنما لتفاعل اقتصادي وسياسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News