بورتريه

من شاحنة البهائم إلى الطائرة.. فتيحة امرأة عافرت الظروف القاهرة لتربية أبنائها من ذوي الاحتياجات

من شاحنة البهائم إلى الطائرة.. فتيحة امرأة عافرت الظروف القاهرة لتربية أبنائها من ذوي الاحتياجات

أن تكوني أما لطفلين من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتقاومين الفقر وقلة الحيلة وكلام الناس الجارح أمر صعب، لا تقوى عليه سوى امرأة بشجاعة وجلد فتيحة، التي استطاعت من رحم معاناتها أن تنجب قصة نجاح ملهمة تستحق أن تروى على مسامع من تنبؤوا بفشلها.

تسرد فتيحة لكاميرا جريدة “مدار 21” تفاصيل قصتها الملهمة بفخر توحي به تقاسيم وجهها قبل صوتها، فالذي مرّ على هذه الستينية لم يكن سهلا بحسب ما تروي.

تبدأ فتيحة سرد قصتها بداية من زواجها في ثمانينيات القرن الماضي وإنجابها لطفلين مصابين بالصم والبكم، واصفة المعاناة الذي كانت تعيشها طيلة تلك السنوات نتيجة الكلام الجارح الذي كانت تُرمى به من طرف محيطها. والذي لم يسهم إلا في شحذ همتها للكفاح في سبيل تربية طفليها الذين صارا رجلين اليوم بعد أن هاجر أحدهم إلى الديار الفرنسية، واشتغل الآخر هنا بالمغرب بعد زواجه.

“كنت محكورة، وعندي جوج ديال الصم والبكم ماشي ساهلة، وكانو كيعايروني الناس بيهم كيقولو ليا والدة الزيازين”، تحكي فتيحة بعينين دامعتين أثر هذه الكلمات على امرأة تقاوم قساوة الأيام وقساوة ألسنة البشر.

شعور”الحكرة” هذا الذي لازم فتيحة طيلة هذه السنوات، لم يكن سوى دافع لها للصبر والتحمل لضمان مستقبل طفليها، غير أن رحلتها التي بدأتها على متن شاحنة البهائم، لم تكن سهلة، إذ كانت فتيحة تقاوم الإهانات التي تحيط بها من جهة، والوضع الإقتصادي الصعب الذي كانت تعيشه أسرتها من جهة أخرى، بعد تقاعد زوجها وقلة حيلتها التي دفعتها للعمل بمختلف الوظائف الممكنة للتمكن من تغطية مصاريف أبنائها. حيث تقول بابتسامتها الواثقة التي لا تفارقها: “خدمت فالموقف، كنت كنمشي فالكاميو ديال البهايم مع الربعة وما كنجي حتى للجوج ديال النهار”.

الزوج الداعم والمساند كان نقطة قوة فتيحة، التي تتحدث عنها بابتسامة عريضة تشي بالحب الذي تكنه هذه المرأة لزوجها الذي تقول عنه: “أنا فخورة بيه حيت عطاني حريتي”، غيرأن فتيحة كانت أيضا الزوجة الصالحة والداعمة لزوجها بعد مرضه وإجراءه لعملية جراحية لاستئصال ورم سرطاني من البروستات.

ولعل المميز في شخصية فتيحة إصرارها وعزيمتها اللذان يظهران من خلال حديثها عن المعاناة التي عايشتها طيلة هذه السنوات، والتي أوصلتها لما هي عليه اليوم بعد نجاح التعاونية التي تشتغل بها، والتي لا تخفي فتيحة فرحتها وسعادتها بنجاحها “أنا فرحانة مللي جيت للتعاونية، بحال شي مشروع شاداه بسناني لحقاش تغيرات ليا الوضعية فاش كنت”.

تقول فتيحة إنها حققت أمنيتها من خلال عملها في التعاونية؛ “ما عمرني حلمت نركب طيارة، ولا نمشي للريسطورات ولا لوطيلات، حتى وليت تساريت المغرب كامل”. ففتيحة التي تقول إنها قد نالت نصيبها من التعليم لم تتوقع أن تصل قصتها لأمنية لركوب طائرة باتجاه مكة المكرمة بعد أن كانت تركب شاحنة البهائم كل صباح باتجاه “الموقف”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News