بيئة

48 ساعة من الحرائق تُكبِّد فلاحي واحات الجنوب الشرقي خسارة 2000 نخلة

48 ساعة من الحرائق تُكبِّد فلاحي واحات الجنوب الشرقي خسارة 2000 نخلة

لم تخرج حصيلة حريق واحات دوار الزاوية التابع لجماعة أفلاندرا وحي أسليم بجماعة أكدز بإقليم زاكورة عن واقع المأساة التي تعرفها هذه الفضاءات الإيكولوجية الحيوية، حيث قضت قرابة 48 ساعة من نشوب حرائق متفرقة في الحقول على 2000 نخلة بدواري الرباط والزاوية، لتصبح الحصيلة الإجمالية للنخيل الذي التهمته النيران خلال الصيف الجاري 7000 شجرة.

وتتزامن هذه المأساة البيئية التي حلت بواحات الجنوب الشرقي، خصوصاً بأكدز وزاكورة، مع حلول موعد جني التمور، الذي يعتبر أهم منتوج يحرك الاقتصادات المحلية لجماعات مغرب “السرعة الثانية”، ما يهدد بإفلاس عدد من الفلاحين في حال عدم تدخل وزارة الفلاحة من أجل دعم المتضررين وإعادة تأهيل المجالات الواحية المحترقة.

ووفق الأرقام والمعطيات الإحصائية التي حصلت عليها جريدة “مدار21” الإلكترونية من طرف فلاحين، فإن حرائق نهاية الأسبوع الماضي بواحة أفلاندرا بجماعة أكدز إقليم زاكورة أتت على مساحات واسعة من الحقول، معلنيين عن إتلاف هذه الحرائق لمئات أشجار النخيل بلغت تقديرياً ألفي نخلة.

وأضافت المصادر المحلية، في معطيات حصلت عليها الجريدة، أن إجمالي أشجار النخيل المتضرر من الحرائق التي نشبت خلال شهر الصيف الجاري بلغت 7000 نخلة باحتساب 5000 نخلة احترقت بواحة ترناثة بدوار بني زولي إقليم زاكورة في شهر غشت المنصرم.

جمال أقشباب، رئيسة جمعية أصدقاء البيئة وفاعل بيئي محلي، قال إنه “في سنة 2022 شهدت المنطقة حرائق مهولة بدواوير أفرا و تمكاسلت وأسليم وأفلاندرا كلها دواوير تابعة لدائرة أكدز وخلفت إتلاف ألاف من أشجار النخيل”، مشيراً إلى أنه “رغم مرور 3 سنوات لاشيئ تغير واستمرت الحرائق بهذه المنطقة”.

وأورد الفاعل البيئي، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن “هناك خلل في استراتيجة وبرامج محاربة الحرائق من طرف المعنيين بالأمر”، مشيراً في هذا الصدد إلى “جهة درعة تافيلالت ووكالة تنمية الواحات والمديرية الجهوية للفلاحة والسلطات الإقليمية بالإضافة إلى تأثير إقصاء السكان والمجتمع المدني من المشاركة في هذه البرامج”.

وتابع المتحدث ذاته أن “الطامة الكبرى هي أن الفلاحين المتضررين، وطيلة السنوات الماضية، لم يتلقوا أي دعمٍ مالي يساعدهم على مقاومة هذه المأساة التي يواجهونها وتثتهم عن الفكرة في الهجرة واعتزال نشاطهم الفلاحي المبني على خصوبة وسلامة الواحات”، مستدركاً أن “هذا إقصاء مرفوض، خصوصاً إذا قارناه بتعامل الدولة مع حرائق في جهات أخرى مثل جهات الشمال التي يعوض فيها الفلاحون بعد أي حريق”.

وفي تصريح سابق بعد وقوع الحريق الذي أفزع ساكنة واحات الجنوب الشرقي، قال أقشباب إن “الحريق الذي نشب في جماعة أفلاندرا وحي أسليم بجماعة أكدز بإقليم زاكورة كان حريقاً مهولاً لم تعرفه المنطقة منذ سنوات بحكم حجم المحاصيل التي لحقها الضرر”، مشيراً إلى أنه “لم نشهد مثل هذا الحريق إلا قبل حوالي 4 سنوات حينما احترقت قرابة 6 آلاف نخلة”.

واعتبر أقشباب أن “تكرار نفس الكارثة بعد سنوات ينم عن وجود خلل في تدبير هذا المجال الإيكولوجي الحيوي في منطقة الجنوب الشرقي، وخصوصاً في جماعتي زاكورة وأكدز”.

وعلى الرغم من عدم وجود معطيات رسمية حول الخسائر المسجلة بواحة النخيل بأكدز إلى اليوم، أورد المصدر ذاته أنه “من المتوقع أن تكون الخسائر كبيرة بالنظر للحرائق الكبيرة التي وجدت مصالح الوقاية المدنية صعوبة في إخمادها”.

ولدى سؤاله عن أسباب هذه الحرائق، أشار الناشط البيئي والمهتم بقضايا الواحات إلى “ارتفاع درجات الحرارة بالدرجة الأولى”، مستدركاً أن “الحرارة ليست وحدها هي السبب وإنما أيضا الأزمة التي حلت بالواحات نتيجة فشل سياسات تأهيلها طيلة السنوات الماضية وبالتالي تحول هذه المجالات إلى مقابر وأطلال تنتشر فيها النيران بسرعة”.

وانتقد المتحدث ذاته “جمود الجهات المعنية بإشكالية الواحات في التفكير في حلول تنهي هذه الأزمة ووقف نزيف الحرائق الذي أصبح يهدد باندثار هذا الفضاء الإيكولوجي المهم”، مبرزاً أنه “من بين الإشكاليات الضخمة بواحات الجنوب الشرقي عموما هو ضعف التحسيس بمخاطر هذه الحرائق”.

وارتباطاً بالحريق المهول الذي نشب بواحة أكدز للنخيل، لفت الفاعل البيئي إلى أن “المشكل الذي عرقل جهود مصالح الوقاية المدنية لإخماد هذه الحرائق هو صعوبة الولوج إلى الحقول وندرة المياه المستعملة في الإطفاء وهو ما أخر عملية السيطرة على هذه الحرائق”.

ولم يفت المصدر ذاته إثارة “عقم” البرامج التي همت تنمية وتأهيل مناطق الواحات خلال العقود الأخيرة، مشيراً إلى أنه “تم رصد ملايير الدراهم لإنجاحها دون أن تتحقق حتى 10% من أهدافها وفي غياب لأي تقييم موضوعي يحدد أوجه القصور ونقط قوتها لبلورة سياسات عمومية ناجعة في المجال الواحي”.

وشدد أقشباب على أن “مسؤولية ما آلت إليه الواحات من بؤس يقع على عاتق الجهة والجماعة بحكم أنها جهات منتخبة إلى جانب المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي من جانب وزارة الفلاحة إضافة إلى الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان”.

وأوضح المصدر عينه أن “الواحات تعيش اليوم واقع الاندثار أسوء من أي وقت مضى بحكم حدة الجفاف وتكرار حدوث الحرائق إضافة إلى غياب فعالية البرامج التي تطبق في هذه المجالات الإيكولوجية الحيوية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News