سياسة

نسَف راوية بنكيران بشأن “حراك 20 فبراير” ..قيادي يُعيد عقارب العدالة والتنمية للوراء

نسَف راوية بنكيران بشأن “حراك 20 فبراير” ..قيادي يُعيد عقارب العدالة والتنمية للوراء

في خطوة من شأنها أن تعيد عقارب العدالة والتنمية إلى الوراء وتشعل توترا جديدا داخل الحزب الإسلامي، كشف القيادي السابق بحزب “المصباح”، عبد الصمد سكال، عن معطيات جديدة بشأن المشاركة في “حراك 20 فبراير” تنسف الراوية “الوحيدة” التي ظل الأمين العام لحزب ثالبيجدي”، عبد الإله بنكيران، يقدمها باستمرار دون أن يتجرأ أي من قيادي الحزب على تفنيذها.

وخلافا لتسمك بنكيران خلال حديثه في أكثر من مناسبة بأن حزبه وقف موقفا شجاعا في 20 فبراير، الذي وجب أن يقفه، معلنا افتخاره تجنيب المغرب المخاطر التي كان من الممكن أن تنتج عنها عبر اتخاذ موقف عدم المشاركة في احتجاجات “الحراك العشريني”، خرج سكال الذي قرر في وقت سابق تجميد عضوية من الحزب الإسلامي، لينفي صحة الرواية التي قدمها بنكيران بشأن الموقف من حراك 20 فبراير.

وقرر سكال تجميد عضويته بحزب العدالة والتنمية، وبرر عضو مكتب المجلس الوطني السابق لحزب “البيجدي”، قراره هذا، بوجود “اختلافات عميقة”مع القيادة الحالية للحزب الإسلامي، خاصة ما يتعلق برفض الأمين العام الحالي للحزب، عبد الإله بنكيران، إجراء مراجعات على التصورات المذهبية للحزب.

وأكد سكال أن حزب العدالة والتنمية كمناضلين، بل وكهيئة قد شارك بفعالية وقوة في حراك 20 فبراير وكانت له مساهمة وازنة فيه، سواء تعلق الأمر بدعوة وتعبئة المواطنين للمشاركة، أو تعلق بضبط سقف المطالب وطبيعة الشعارات، أو تعلق الأمر بالتنظيم والتأطير.

ورقة الحراك الرابحة

واعتبر الرئيس السابق لمجلس جهة الرباط، أن حزب العدالة والتنمية، “كان هو أكبر مستفيد، من داخل الحقل الحزبي، من حراك 20 فبراير، فلولا هذا الحراك، بعد الله عز وجل بطبيعة الحال، ما كان ليحقق النتائج التي حققها في استحقاقات نونبر 2011 ويتولى تدبير الحكومة لولايتين متتاليتين”، مسجلا أن توليه هذه المسؤولية تم في إطار دستور 2011، وهو ما يجعله أحد أهم الأطراف التي كان معولا عليها في تفعيل مقتضياته.

وفي وقت شكلت احتجاجات حركة 20 فبراير العامل الرئيسي في الإصلاحات الدستورية، وفي تنظيم انتخابات مبكرة منحت العدالة والتنمية المرتبة الأولى، ومكنته من تشكيل ائتلاف حكومي، فإن بنكيران ما فتئ يستعمل ورقة الحركة حسب المزاج السياسي للبلد، وحسب وضعه ووضع حزبه داخل المشهد السياسي المغربي.

ويحرص بنكيران في عديد المناسبات، آخرها احتفالات فاتح ماي، على تقديمه نفسه “المنقذ” للمغرب من الفوضى واحتجاجات حركة 20 فبراير، وأنه كان من أشد من وقف في وجه الحركة، وعارضها وعبّر صراحة عن اختلافه معها.

وقال زعيم العدالة والتنمية، إن “الشعب المغربي لم يخرج في احتجاجات 20 فبراير، خرج الشباب هذا صحيح، وبأعداد كبيرة وفي مدن كثيرة، ولكن الشعب والحمد لله لم يخرج، وماكنش عندو علاش يخرج”، مضيفا: “مخليناش العافية تشعل، والشعب والدولة اعترفوا لنا بهذا، وحصلنا بعدها على المرتبة الأولى في الانتخابات لمرتين متتاليتين”.

وعاد بنكيران، ليشدد وهو يشيد بموقف حزبه من الحراك المغربي، قائلا: “إذا كنت سياسيا حقيقيا، وتقف في وجه الحكام إذا ظلموا، عليك أيضا أن تقف في وجه التيارات والجماهير إذا كانت تسير في الاتجاه الخطأ، وبزاف لي تيفهمو هدشي مشي غير عبد الإله بنكيران، ولكن قليل لي عندهم الجرأة باش يوقفوا هذا الموقف. الناس تيجيهم ساهل يوقفوا في وجه الحكام، ولكن تيجيهم صعيب يوقفو في وجه الشعوب والجماهير”.

وضمن ورقة حملت عنوان: “حزب العدالة والتنمية وحركة 20 فبراير”، قال الرئيس السابق لجنة الأنظمة والمساطر داخل برلمان “المصباح”: “استمعت لكلمة عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، التي ألقاها في التجمع الخطابي لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بمناسبة فاتح ماي، حيث أعاد الحديث عن حركة 20 فبراير والدور الهام لحزب العدالة والتنمية في تجنيب المغرب المخاطر التي كان من الممكن أن تنتج عنها عبر اتخاذ موقف عدم المشاركة فيها. وهو الموقف الذي ما فتئ بنكيران يذكر به في العديد من مداخلاته”.

وأضاف في الورقة التي توصل بها “مدار21”: “وقد كنت كل مرة أسمعه فيها يتحدث في الموضوع أهم ببسط وجهة نظري فيه تم أؤجل ذلك. واليوم واستشعارا مني لخطورة اعتماد رواية شخصية وواحدة للتاريخ، خصوصا في غياب جهد جماعي لكتابته من داخل مؤسسة الحزب وصعوبة تحقق ذلك، أقدر أنه مطلوب ممن كانوا فاعلين في محطات هامة من تاريخ الحزب أن يبادروا لكتابة روايتهم. ولا ضير في أن تختلف التقديرات ففي ذلك إغناء للقراءة وإفادة للأجيال المستقبلية”.

نسف راوية بنكيران

وسجل سكال أنه “عكس ما قد يتبادر للذهن عند سماع رواية الأستاذ بنكيران من أن الحزب لم يشارك في مسيرات 20 فبراير، فالعكس هو الصحيح، بحيث ساهمت أعداد كبيرة من مناضلي الحزب في مسيرة 20 فبراير من ضمنهم عدد كبير من مسؤولي وقياديي الحزب في مختلف المدن التي عرفت تنظيم المسيرات، وهناك قيادات بارزة لم تشارك في مسيرة 20 فبراير شاركت في مسيرة 20 مارس”.

وأشار سكال إلى البلاغ الصادر عن الأمانة العامة ليلة المسيرة الأولى، أي يوم 19 فبراير، أعلن فيه عدم مشاركة الحزب في تظاهرة 20 فبراير، والذي أكد أن مشاركة أي عضو من الحزب مهما كان وضعه في الحزب لا يمكن أن تكون إلا مشاركة شخصية وعلى مسؤوليته ولا يمكن أن تعتبر تمثيلا للحزب بأي شكل من الأشكال.

ويرى القيادي السابق بحزب “المصباح”، أن “الحزب لم يمنع أعضاءه من المشاركة وترك لهم الإمكانية، فإن الصيغة كما وردت في البلاغ هي في الحقيقة إعلان براءة من كل من يشارك، أكثر منها سماح بالمشاركة”، وكشف أن ذلك “دفع ثلاثة من أعضاء الأمانة العامة (لم يذكرهم بالإسم) الموقعين على بلاغ المشاركة إلى تقديم استقالتهم من الأمانة العامة مباشرة بعد صدور بلاغها. وهي الاستقالة التي تراجعوا عنها لاحقا”.

وأوضح سكال أنه من خلال متابعته في حينه للحراك، فإن “عدم المشاركة في المسيرات بالنسبة لقياديي الحزب، وعموم المناضلين كانت هي الاستثناء”، مشددا على أنه “لم يكن لبلاغ الأمانة العامة كبير أثر على الأعضاء في حالة نادرة واستثنائية في تاريخ الحزب، استثنائية الحدث”.

ويرى القيادي السابق بحزب العدالة والتنمية، أن “المشاركة الكبيرة لمناضلي الحزب في المسيرات، وهم المناضلون المعروفون في مدنهم ووسط الفاعلين السياسيين، أكدت أن غالبية مناضلي الحزب كانوا منخرطين في ذلك الحراك”، لافتا إلى أنها “أكدت أن اتخاذ الأمانة العامة لموقف مساند لقرار الأمين العام الأحادي والسابق لم يكن له كبير أثر على انخراط مناضلي الحزب في الحراك”.

وسجل سكال أن المشاركة الوازنة لمناضلي حزب العدالة والتنمية في المسيرات وفي تأطيرها كان له دور مهم جد في ضبط سقف مطالبها وشعاراتها لتبقى في حدود مطالب الإصلاح في وقت كانت ترفع فيه شعارات إسقاط الأنظمة في بلدان أخرى، وكان هناك من يرغب ويتمنى أن ترفع في المغرب.

وزاد شارحا أن ” هذه المشاركة هي التي سمحت بأن يكون صوت ممثلي الحزب مسموعا ومحترما ومؤثرا، بينما بالمقابل فإن تحركات الأمين العام والأمانة العامة ومواقفهما في تلك الظروف كانت، وبدون مبالغة، غير ذات أثر سواء من حيث قدرتها على التعبئة أو التأثير”.

سقف الحراك ومخرجاته

وبخصوص تأثير الحزب على سقف الحراك ومخرجاته، شدد سكال على أن تكرار بنكيران الكلام أن الحزب كان له دور حاسم في تجنيب المغرب المآلات التي عرفتها دول مجاورة من خلال موقف الأمين العام آنذاك والأمانة العامة، “كلام غير صحيح وليس له ما يعضده من التجارب الأخرى”، مشيرا إلى أن “الدول ذات الأنظمة الملكية التي عرفت حراكا في تلك المرحلة لم تنهر، وهو ما كان عليه الحال في الأردن والبحرين، عكس ما عرفته بعض الأنظمة الجمهورية والعسكرية كتونس ومصر وليبيا”.

وأكد سكال أنه “عكس ما يسعى بنكيران إلى ترسيخه من أنحزب العدالة والتنمية لم يشارك في مسيرات 20 فبراير وأن ذلك كان له دور حاسم في تجنيب البلاد مآلات الله يعلم بها، فحزب العدالة والتنمية ساهم بجل قيادييه ومناضليه في حراك 20 فبراير، وكانت مساهمتهم أساسية وفاعلة فيه”.

وخلص القيادي السابق بحزب العدالة والتنمية أن “الأمر الجوهري الذي يتعين التركيز عليه اليوم من طرف قيادة الحزب والفاعلين ليس هو التذكير بدور الحزب في الحراك بشكل فيه الكثير من المبالغة، خاصة وأنه غير مفيد للحزب بالشكل الذي يتم به، بل هو التقييم الهادئ لتجربة الحزب منذ تشكيل حكومة بنكيران إلى حدود 8 شتنبر ودوره في تحقيق أو عدم تحقيق آمال حركة 20 فبراير وتفعيل مقتضيات دستور 2011”.

وفي وقت سابق، قال سكال إن القيادة الحالية لحزب العدالة والتنمية “ما تزال حبيسة فكر الثمانينات وترفض التجاوب مع مطالب عريضة داخل الحزب لإجراء مراجعات جوهرية حول التصورات السياسية لحزب العدالة والتنمية وفق مستجدات الراهن السياسي”.

ورفض سكال أن يظل حزب العدالة والتنمية سجين “الفكر القديم” من خلال التركيز على المرجعية الإسلامية في ممارسته السياسية، وقال إنه ليس “ضد المرجعية الإسلامية”، لكنه يرى بأنه يتعين التركيز في هذه المرحلة على أولوية الديمقراطية وسؤال التنمية والدفاع عنهما إلى جانب القوى الحية بالمجتمع.

وحمّل عضو الإدارة العامة السابق لحزب العدالة والتنمية، جزءا من مسؤولية النتائج التي حصل عليها الحزب في الانتخابات لعبد الإله بنكيران خلال تدبيره السياسي في المرحلة السابقة، فضلا عن المواقف التي كان يعبر عنها في عهد رئاسة سعد الدين العثماني للحكومة، وقال سكال إنه وقع “تضخيم” لعدد من القضايا من قبيل “قانون الكيف” وما سمي بـ”فرنسة التعليم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News