مجتمع

تفاوتات واختلالات.. العدوي تُعرّي أعطاب الصحة وتحذر من نزيف هجرة الأطر

تفاوتات واختلالات.. العدوي تُعرّي أعطاب الصحة وتحذر من نزيف هجرة الأطر

حذّرت زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، من مخاطر استمرار “النقص الكبير”، في أعداد الأطباء والممرضين وتقنيي الصحة، مسجلة أن العجز سيتفاقم أكثر خلال السنوات المقبلة، وهي النتيجة التي يمكن استخلاصها من خلال قراءة لتدفق أعداد الخريجين من هذه الأطر.

وأكدت العدوي ضمن عرض قدمته اليوم الثلاثاء أمام مجلسي البرلمان، حول التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، برسم 2021، أن استمرار الوتيرة الحالية للتوظيف في قطاع الصحة لن يسمح بتغطية الحاجيات الناتجة عن توقعات المغادرة، وذلك اعتبارا من سنة 2028.

ونبّهت رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، أن تحليل توزيع الأطر الصحية حسب كل من شبكات العرض الصحي والمجال وكذا وفقا للمؤسسات الصحية، قد بيّن أن توزيعها لا يعتمد على معايير موضوعية، وهو ما أدى إلى ظهور تفاوتات ترابية واختلالات على مستوى تغطية السكان، فضلا عن ضعف الملاءمة بين البنيات التحتية والموارد البشرية المخصصة لها، بالإضافة إلى الاستخدام غير الأمثل للموارد البشرية المتاحة.

وكشفت العدوي أن تحقيق تغطية ملائمة للساكنة المتمثلة في 1.45 عاملا لكل ألف نسمة، كما حددت ذلك منظمة الصحة العالمية، “يبقى أمرا صعب التحقيق”، معتبرة أن الوصول إلى هذه العتبة يبقى مرهونا بقدرة منظومة تكوين العاملين الصحيين على المحافظة على الوتيرة الحالية لأعداد الخريجين واستبقائهم في المنظومة الصحية.

وأوضحت أنه خلال سنة 2021 بلغ عدد العاملين من موظفين وأطباء، وممرضين وتقنيين بالوزارة المكلفة بالصحة 59 ألفا و127 موظفا أو ما يعادل 10.4 بالمئة من مجموع الموظفين المدنيين بالوظيفة العمومية. وبلغت نفقات الموظفين ما يناهز 4 .10 ملايير درهم بنسبة تصل إلى أكثر من 44 بالمئة من الميزانية الإجمالية للوزارة أو ما يناهز 0.8 في المئة من الناتج الداخلي الخام.

وقد انتقل عدد الأطباء على المستوى الوطني من 19 ألفا و444 طبيا سنة 2011، إلى 27 ألفا و881 طبيبا سنة 2021، موزعين بين 13.682 طبيبا بنسبة 3 بالمئة في القطاع العام و14 ألفا و199 طبيبا في القطاع الخاص أي بنسبة 56.6 بالمئة، فيما انتقل عدد الممرضين وتقنيي الصحة في القطاع العام من 29.025 إلى 37.789 خلال نفس الفترة.

وبذلك ارتفع المعدل الإجمالي لكثافة العاملين الصحيين لكل 10.000 نسمة من 15.1 سنة 2011 إلى 17.1 بالمئة سنة 2021 بزيادة طفيفة قدرها نقطتين، وإذا كانت كثافة الأطباء، وخاصة أطباء القطاع الخاص قد ارتفعت نسبيا بـ1.3 نقطة بين 2011 و2020، فعلى عكس ذلك، تراجعت كثافة أطباء القطاع العام بـ0.3 نقطة.

وفيما يتعلق بتوزيع الأطر الطبية حسب شبكات العلاجات، وعلى أساس العدد الإجمالي للأطباء يشكل الأطباء الممارسون في المستشفيات سنة 2020، ما يقارب 52 بالمئة على مستوى شبكة مؤسسات الرعاية الصحية الأولية و16 بالمئة، على مستوى الهياكل الأخرى، ومن شأن هذه التركيبة أن تعيق تنزيل مخطط تنظيمي فعال لعرض العلاجات الصحية، يستند على قنوات الرعاية الصحية على اعتبار أن مؤسسات الرعاية الصحية الأولية تشكل البوابة الرئيسية لولوج المنظومة الصحية.

وترى العدوي، أن نقص الإلمام بديناميات التغيرات التي تعرفها الموارد البشرية الصحية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، أدى إلى تطورها خلال الفترة ما بين 2011 و2021 وفقا لاتجاهات لا تساعد على تنميتها وتقليل الفوارق على عدة مستويات، مسجلة أنه بالرغم من تزايدها بشكل عام، إلا أن هذا الارتفاع الطفيف لا يتيح تغطية فعّالة لاحتياجات السكان والمؤسسات الصحية، وهو ما يعكسه “هيمنة” الاختصاصات غير ذات الأولوية عدديا مقابل تراجع حصة الاختصاصات ذات الأولوية.

وشدّد تقرير المجلس الأعلى للحسابات على أن الوتيرة الحالية لتوظيف الأطباء على مستوى وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وتوقعاتها المستقبلية مقارنة بتوقعات أعداد المغادرين، خاصة المتقاعدين منهم، تشير إلى تراجع مستمر في أعداد العاملين الصحيين خلال السنوات المقبلة، منبّها من أن استمرار الوتيرة الحالية للتوظيف لن يسمح بتغطية الحاجيات الناتجة عن توقعات المغادرة، وذلك اعتبارا من سنة 2028.

وفي ما يخص توزيع وتطور العاملين الصحيين لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، وفي غیاب معايير محددة، حسب سلة العلاجات لكل مؤسسة صحية وفق مستواها المرجعي، يصعب تحديد مستوى التوافق بين أعداد الأطر الطبية المتوفرة والاحتياجات الصحية للساكنة وكذا احتياجات المؤسسات الصحية.

ولتجاوز هذه الصعوبات، أوصى المجلس الأعلى للحسابات بوضع سياسة حكومية متعددة القطاعات مكرسة للموارد البشرية في قطاع الصحة، مع مراعاة مختلف المعايير التي تؤثر على توافرها والحرص على تعزيز جاذبية المستشفى العمومي.

كما أوصى المجلس الوزارة المكلفة بالصحة باتخاذ تدابير فعالة لتعزيز هيئة الأطباء العامين، وضمان تطوير الاختصاصات ذات الأولوية وتوزيعها بشكل يتوافق مع الحاجيات الحقيقية للساكنة وخصوصيات مختلف مناطق المملكة، بالإضافة إلى ذلك، حث المجلس على اعتماد سياسة متعلقة بتوظيف وحركية الموارد البشرية الصحية، من شأنها تعويض أعداد المغادرين وضمان توزیع متوازن لهذه الموارد بين الجهات وكذا تصحيح التفاوتات والاختلالات بشكل مستمر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News