اقتصاد

حركة “معاً” تكشف أسباب مغربة التضخم وتطالب بالجرأة السياسية لزعزعة “البنيات الريعية”

حركة “معاً” تكشف أسباب مغربة التضخم وتطالب بالجرأة السياسية لزعزعة “البنيات الريعية”

كشفت حركة “معاً” أسباب تحول التضخم من كونه مستوردا إلى هيكلي داخل الاقتصاد المغربي، منتقدة الإجراءات الحكومية والتضارب في المعطيات بين المؤسسات، بما فيها الحكومة وبنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط، مطالبة بالجرأة السياسية لزعزعة البنيات الريعية.

وأبرزت “معاً”، ضمن تقرير حديث لها، أن “التضخم في المغرب صار هيكليا يعكس اختلالات الخيارات الاستراتيجية السابقة لضمان الأمن الغذائي للمواطنين المغاربة”.

وأفادت الحركة أن موجة التضخم بدأت بشكل تدريجي مع عودة النشاط الاقتصادي بعد جائحة كورونا وارتفاع الطلب العالمي على المواد الأولية عامة والطاقية خاصة، مما أنتج ارتفاعا في كلفة الإنتاج وارتفاعا في المستوى العام للأسعار، مشيرة إلى أن الموجة تفاقمت بعد اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية لارتباط أسواق النفط والغاز والغذاء العالمية بالمنتجين المتحاربين، واضطراب سلاسل التسويق إثر فرض العقوبات الغربية على روسيا.

وأورد التقرير أن الموجة التضخمية الأولى المستوردة تزامنت مع موسم فلاحي جاف وتراجع للقيمة المضافة لقطاع الفلاحة بما يناهز الثلثين مقارنة بسنة 2021، “مما أدى إلى انخفاض العرض الغذائي ليتحول التضخم من ظاهرة مستوردة إلى ظاهرة محلية الصنع تتكاثف العديد من العوامل في تشكلها واستمرارها، بل في تقويتها”.

وأجملت الحركة السياسية المنبثقة من المجتمع المدني أسباب وضعية الغلاء غير المسبوق في الأسعار في كون بنية التسويق المواد الغدائية تعاني من ممارسات احتكارية ومضاربات متتالية، إضافة إلى بنية التخزين وأسواق الجملة التي تمثل إشكالية بنيوية في تسويق الخضر والفواكه، بحيث أن 25% بدون بنية، و60% منها بنيتها ضعيفة، مما يؤدي إلى فقدان 40% من منتوج بعض المواد، وفق التقرير.

وفي السياق نفسه، توضح الحركة أن بنية التسعير عبر أسواق الجملة تخضع “لإضافة ريعية تعادل 7% من رقم المعاملات دونما موجب مساهمة في الإنتاج أو التسويق، بل يجسد الأمر تكملة للصورة القاتمة للبنية الريعية المتحكمة في مفاصل الاقتصاد الوطني”.

ومن الأسباب، ترصد الحركة توجه المخطط الفلاحي “المغرب الأخضر” نحو الزراعة التسويقية الموجهة نحو الأسواق الخارجية، مؤكدة أن نتائج المخطط ظلت محدودة على الفلاحة المعيشية. في المقابل أدى الاستنزاف الحاد للمقدرات المائية إلى اللجوء إلى موارد أعلى تكلفة كتحلية مياه البحر، مما سيؤدي إلى ارتفاع كلفة الإنتاج واستمرار هذه الموجة التضخمية، يشير التقرير.

ولفت التقرير إلى أن القطاع الفلاحي يعاني من ضعف الصناعة التحويلية المرتبطة به بحوالي 4% من إنتاج الخضر والفواكه الموجه نحو الصناعة الغذائية، مما يفقد السوق مقدرة كبيرة على استغلال هامش الضياع المقدر بـ40% كما ورد سابقا.

وعن التضارب في معطيات المؤسسات، قالت الحركة “نقف مشدوهين أمام التضارب في الأرقام بين الحكومة والمندوبية السامية للتخطيط وبنك المغرب، وهي مؤسسات عمومية يفترض فيها التكامل والثقة المتبادلة. وإذا كانت المندوبية السامية للتخطيط هي المؤسسة العمومية الموكول إليها احتساب مؤشر أثمنة الاستهلاك معدلات التضخم عبر استبيانات شهرية، فإن الترويج لأرقام مخالفة لأرقامها من طرف مؤسسات دستورية يؤكد التخبط الكبير الذي عشناه لسنوات طويلة مع الحكومات السابقة، ويفقدنا الثقة المهتزة أصلا، كمواطنين وفاعلين اقتصاديين في كل الأرقام والمعطيات الرسمية”.

وذهبت الحركة إلى أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة “لا تتعدى طابع البهرجة، ومحاولة للتخفيف من ظاهرة عميقة بدت غير قادرة على استيعاب عمقها”.

وأكدت الحركة أن “إصلاح بنية التسويق أولوية في السياسة الغدائية، ولن يستقيم الإصلاح إلا بتغيير النظام الحالي بتجاوز أسواق الجملة المتهالكة وخلق بنى عصرية تتيح للمنتجين تسويق منتوجاتهم دونما خضوع للوساطات والمضاربات، مما سيتيح وضوح في العرض والطلب ونظام التسعير”.

وأشارت “معاً” إلى أنه “رغم ارتفاع الدعم للأسعار الذي ناهز 2% من الناتج الداخلي الخام، فإن استمرار التشبث بالسياسات التنموية الخاضعة لمنطق التقلبات المناخية يهدر كل هذه الجهود، ويفتح بابا جديدا للاستفادة الريعية للشركات المعنية وللفئات غير المسحقة للدعم”.

واعتبرت الحركة أن “اختيار سياسة حرية التسعير يحتاج مؤسسات موازية تعمل على كبح المضاربات والتوافقات واللولبيات”، مضيفا أنه “إذا كان مجلس المنافسة مؤسسة دستورية يفترض فيها القيام بهذا الدور، فإن محدودية تأثير تقاريره تجعله مجرد ديكور يوحي ببنية اقتصادية حرة وتنافسية، ولعل تقرير شركات المحروقات أكبر دليل على الخلاصة المتوصل إليها”.

وشددت الحركة على أن الخلاص من أزمة التضخم “يحمل في طياته جرأة سياسية كبيرة من خلال زعزعة البنيات الريعية المستحكمة في الاقتصاد الوطني، والتي تسترزق وتراكم الثروات من جيوب البسطاء”، مضيفة أن “كل إجراءات خارج هذا التوجه تبقى مجرد محاولة تطهير خارجي لجرح عميق ومتعفن”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News