دولي

سجون السودان خارج السيطرة والجيش متهم بـ”تهريب” قادة من النظام السابق يواجهون الإعدام

سجون السودان خارج السيطرة والجيش متهم بـ”تهريب” قادة من النظام السابق يواجهون الإعدام
أحدثت عملية هروب قيادات في النظام السوداني السابق من السجن ردود فعل شاجبة، ترافقت مع اتهامات للجيش بالاستعانة بكوادر النظام المخلوع في معركته مع قوات الدعم السريع، وهو ما سيؤدي إلى خلط الأوراق في المشهد السياسي والميداني العام.
وشكّل البيان الذي أصدره القيادي في حزب “المؤتمر” المنحل أحمد هارون مساء أول أمس الثلاثاء بعد هروبه من سجن كوبر، صدمة كبيرة للسودانيين الذين تعهدت لهم السلطات السودانية قبل يومين باستمرار حجزها لقيادات النظام البائد الموقوفين، بعد عملية الفرار الكبيرة التي شهدها السجن وعدد من السجون السودانية مطلع هذا الأسبوع.
مكان البشير

وفي ما بدا أنه محاولة لاستدراك تداعيات إعلان هارون هروبه، أكد الجيش السوداني الأربعاء أن الرئيس السابق عمر البشير لا يزال في مستشفى عسكري تحت حراسة الشرطة القضائية.

وقال في بيان: “توضح القوات المسلحة أن جزءاً من متهمي 30 يونيو من العسكريين كانوا محتجزين بمستشفى علياء التابع للقوات المسلحة نسبة لظروفهم الصحية وحسب توصيات الجهات الطبية بسجن كوبر قبل اندلاع التمرد” (في إشارة إلى الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع)، موضحاً أنهم “لا يزالون في المستشفى تحت حراسة الشرطة القضائية ومسؤوليتها، وتفاصيلهم كالآتي: عمر حسن أحمد البشير، بكري حسن صالح، عبد الرحيم محمد حسين، أحمد الطيب الخنجر، يوسف عبد الفتاح”، ولفت إلى وجود “مدني واحد هو علي الحاج محمد محتجز لتلقي العلاج في مستشفى أحمد قاسم بموجب توصية طبية من سلطة السجن وتقع مسؤولية حراسته على الشرطة”.

بيان هارون
وغادرت قيادات في نظام “الإنقاذ” أمس سجن كوبر إلى جهة غير معلومة، وكشف هارون في رسالة صوتية أن مغادرة السجن حصلت بسبب الأوضاع المأسوية التي يعيشها السجناء من انعدام الماء والكهرباء والغذاء.
وأشار إلى أن إدارة السجن طلبت خروجهم بشكل مؤقت بعد هروب نزلاء السجن الأحد الماضي. وأضاف أنه ورفاقه يتحملون مسؤولية قرار خروجهم و”نحن في كامل الاستعداد لحماية أنفسنا”، مؤكداً التزامهم بالمثول أمام الأجهزة القانونية متى ما طلب منهم باعتبار أن قضيتهم عادلة.
وقدم هارون خلال رسالة صوتية شكره للقوات المسلحة ودورها في حماية البلاد، ما جعل المراقبين يربطون بين ما حدث من تفلت في مختلف السجون، من قوات ترتدي أزياء مشابهة للباس “الدعم السريع”، وبين فرار قادة النظام البائد، حيث حذرت “قوى الحرية والتغيير” وقوات الدعم السريع من أن ما يجري من مواجهات تم بتحريض من النظام السابق.
الجيش يتبرّأ
وسارع الجيش عبر بيان إلى نفي علاقته بهروب هارون ورفاقه وأن مسؤولية إدارة السجون تقع تحت مسؤولية وزارة الداخلية، وألقى باللائمة على قوات الدعم السريع في هذه الفوضى.
وأوضح البيان أن الجيش “غير معني بأي بيانات تصدر من أي جماعة أو أفراد خرجوا من هذه السجون بتلك الطريقة، بما فيها بيان أحمد هارون المحتجز على خلفية بلاغات سياسية، والذي نستغرب جداً إشارته للقوات المسلحة، إذ لا علاقة لها بأحمد هارون ولا بحزبه السياسي أو بإدارة سجون البلاد التي تقع في نطاق مسؤولية وزارة الداخلية والشرطة السودانية”.
اتهامات للجيش
من جهتها، أصدرت قوات الدعم السريع بياناً اتهمت فيه قادة الجيش بالتبعية للنظام البائد وأن حربها هي “من أجل الشعب وثورته”، وقالت إن “قوى الردة المتمثلة بقيادات الانقلابيين وضعوا الخطط ورسموا السيناريوات لإشعال الحرب كغطاء لخلق مبررات أمنية لإخراج قيادات النظام البائد من السجن لاستكمال مشروعهم الإرهابي المتطرف من خلال العودة مجدداً إلى السلطة”.
وكذلك اتهمت “قوى الحرية والتغيير” في بيان النظام السابق بالضلوع في الحرب الدائرة الآن في السودان “في محاولة يائسة لإيقاف التحول الديمقراطي”، وأكدت أن “هدف رسالة قادة النظام السابق واضح من عنوانه، باختيارهم للمطلوب إلى المحكمة الجنائية الدولية بسبب جرائم الحرب والإبادة في دارفور (هارون)، ولذلك فإن وجودهم في مشهد الأحداث وخروجهم من السجن في هذا التوقيت بوصفهم مجموعة مارست من قبل أبشع الجرائم والحروب وقسّمت البلاد وقتلت وشردت الملايين من أهلها يعني زيادة اشتعالها، وهذا كان واضحاً في خطابهم بنيتهم في زيادة وتيرة إشعال الفتنة”، ودعت القوى الثورية “للوحدة والوقوف في وجه النظام البائد من أجل الحفاظ على السودان من التمزق”.
وقال المحلل السياسي معتز صديق إن “أحمد هارون استعجل في خطابه غير المدروس وأحرج جماعته من قيادات النظام السابق، حيث يمكن أن تؤدي هذه الخطوة إلى انقسام السودانيين الذين يساندون الجيش في هذه المعارك”.
“خدمة جليلة”
ووصف في حديث لـ”النهار العربي” الرسالة الصوتية بأنها “قدمت خدمة جليلة لقوات الدعم السريع التي تسعى جاهدة لإثبات أن هذه الحرب هي مع فلول النظام البائد داخل الجيش”.
وأضاف: “في ظل سيطرة الجيش بشكل تام على الأوضاع في البلاد منذ انقلاب أكتوبر 2021، يأتي تنصله من مسؤوليته عن هروب قيادات النظام السابق، كاتهام له بأنه سعى لتنفيذ ذلك عبر إثارة فوضى أدت إلى خروج المساجين في سجون عدة للتغطية على هروب مطلوبي النظام السابق، ورغم وجود عمر البشير ونائبه بكري حسن صالح واثنين لم يُفصح عن اسميهما بمستشفى السلاح الطبي حسبما أوردت السلطات، إلا أن هروب قيادات متهمة في قضايا تقويض النظام الديمقراطي التي تصل عقوبتها للإعدام وسط هذه الظروف، يدعو للشك بقوة أن ما حدث مُخطط له”.
ويرى مراقبون أن هروب قيادات النظام السابق، وإشارتهم للقوات المسلحة، سيكون لهما تأثير كبير في المشهد السياسي السوداني، وتداعيات على المشهد العسكري المُلتهب الآن، باعتبار أنها دعوة صريحة من النظام السابق لكوادره بالوقوف والقتال خلف القوات المسلحة، وهو أمر قد يثير إرباكاً ليس داخلياً فقط، بل حتى خارجياً لدى دول عدة ترى أن عودة الإسلاميين إلى السلطة في السودان أمر غير مقبول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News