رياضة

هل يُنهي “رفع يد” الجامعة على التحكيم هجوم الجماهير على لقجع و”قضاة الملاعب”؟

هل يُنهي “رفع يد” الجامعة على التحكيم هجوم الجماهير على لقجع و”قضاة الملاعب”؟

ككل موسم، أبت حليمة ألا تقطع عادتها القديمة بالملاعب الوطنية، لتستمر معها عواصف الانتقادات اللاذعة الموجهة إلى قضاة الملاعب، لكن بدرجة أولى للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، التي كانت تتحمل مسؤولية ورش تطوير الصافرة المغربية.

وأحدث قرار “جامعة لقجع”، في 20 مارس الفارط، رجة داخل منظومة كرة القدم المغربية، بعد تبرُّؤها الكامل من كل ما له علاقات بالدوريات الوطنية بجميع أقسامها، ملقية بذلك “جمرة” التحكيم والتأديب في ملعب العصبة الاحترافية والعصب الجهوية، في محاولة للانفلات من سهام جماهير الأندية.

وأعلنت جامعة كرة القدم تحويل جميع اختصاصاتها السابقة في ما يخص تدبير التحكيم الوطني، من خلال مديرية التحكيم، ومعاقبة الأندية، عن طريق لجنتي التأديب والاستئناف، إلى العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية، لتتفرغ لأربعة أوراش فقط تتعلق بتطوير البنيات التحتية، التكوين وتطوير كرة القدم، المنتخبات الوطنية والعلاقات الدولية.

اتخاذ الجامعة لقرار من هذا الحجم منتصف الموسم طرح العديد من علامات الاستفهام، سيما أنه جاء بعد أسابيع من إطلاق فئة من جماهير الرجاء الرياضي حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب رئيس الجامعة بالرحيل وتتهمه فيها بـ”الفساد” استنادا إلى ما وصفته بـ”التحيز لفرق دون أخرى” إضافة إلى “خروقات” طبعت تعامل جامعة الكرة مع بعض الملفات “الحارقة” أبرزها أخطاء الحكام المتكررة حسب مناصري “القلعة الخضراء”.

مديرية التحكيم.. اعتراف بالفشل!

بيد أن عبد العزيز البلغيتي، المحلل والناقد الرياضي، رفض في تصريح لـ”مدار21″ أن تكون قرارات الجامعة الأخيرة فرضتها الحملة التي شُنّت مؤخرا من طرف بعض الجماهير على رئيس جامعة الكرة، إذ يرى أنها خطوة أخرى في مسار التحوّل الكبير الذي تشهده كرة القدم المغربية.

فوزي لقجع، أثناء إعلان القرار، لم يخف انزعاجه من تعليق أخطاء الحكام على شماعة جامعة الكرة، إذ قال في اجتماع للمكتب المديري للجاهز الذي يرأسه، في تأكيد أن مديرية التحكيم تشتغل في استقلالية تامة: “أنا شخصيا ألتقي بهم مرة كل 6 أشهر فقط”، مبررا قرار حل مديرية التحكيم وتكليف العصبة الاحترافية بتكوين لجنة مستقلة، بأنه “لا يمكن أننا اليوم نتوفر على مديرية تشتغل على التحكيم وعندما يُعلن حكم ما عن رمية شرط في مكان ليس مكانها يُحمّلون الجامعة المسؤولية ورئيسها، وهذا أمر غير ممكن وغير مقبول”.

وأكد البلغيتي في تصريح للجريدة أن إقالة “حدقة تدخل في إطار ورش كبير أطلقته الجامعة منذ سنوات، إذ كانت سباقة لإصلاح ورش التحكيم المغربي على مستوى البطولة الوطنية”، مضيفا أن ذلك لم يوقف الجدل المتكرر بعد مباريات كثيرة ما “أفضى إلى احتجاجات متواصلة للأندية، سيما التي تلعب على الألقاب ولديها ضغط النتائج للمنافسة على درع الدوري وكأس العرش الغالية على جميع الأندية”.

“الفار”.. الاستثناء المغربي

رغم أن تقنية الفيديو المساعدة للحكام، المسماة اختصارا “فار”، تدخل عامها الرابع داخل المنافسات الوطنية، فالاعتماد عليها أعطى مفعولا عكسيا بالمغرب، على النقيض من نتائج تطبيقها في مختلف الدوريات العالمية، وحتى العربية.

فبدل تقليص هامش أخطاء الحكام وإطفاء غضب الجماهير والأندية، أصبحت التقنية الجديدة شاهدا على “فضائح” تحكيمية مع سبق الإصرار، تباركها مديرية التحكيم في اجتماعها الأسبوعي بمبررات تزيد من شدة الاحتقان الجماهيري.

يقول عبد العزيز البلغيتي بهذا الصدد: “قبل حلّ مديرية التحكيم، كانت هناك احتجاجات كبيرة على التحكيم، خصوصا في بعض الحالات التي تدخلت فيها تقنية الفيديو المعتمدة منذ سنوات بالمغرب وأعطت بعض النتائج الإيجابية، لكن وفق خبراء التحكيم فهي لم تصل بنا إلى المُبتغى والمستوى الذي كنا نريده للتحكيم”.

وتابع المحلل الرياضي انتقاده للطريقة التي يتعامل بها الحكام المغاربة مع “الفار” قائلا: “كانت هناك مباريات قوية وندية شهدت بعض الحالات التحكيمية غير الواضحة وحوّلت قرارات الحكام مجرى تلك المواجهات، خصوصا عندما نتحدث عن مباراة الرجاء وأولمبيك آسفي.. إضافة إلى بعض الحالات التحكيمية في مباريات أخرى أثارت جدلا في الأسابيع القليلة الماضية أبرزها احتساب ضربات جزاء لم تكن واضحة رغم العودة إلى تقنية الفيديو”.

وشدد المتحدث على أن “الحكام في بعض الحالات يستعينون بـ’الفار’ لكن يكون هذا الأمر مضيعة للوقت بسبب استغراقهم وقتا طويلا قد يصل إلى خمس دقائق، وهذا يضر بإيقاع المباراة وتنافسية اللاعبين”.

وأكد البلغيتي أن “العديد من الهفوات تداخلت وتضافرت لتفرز لنا جدلا محتدما حول التحكيم المغربي، ما دفع جماهير الرجاء، إضافة الى جماهير الكثير من الأندية على غرار الوداد الجيش، للاحتجاج بقوة على أداء حكام البطولة الاحترافية، خصوصا بوجود تقنية الفيديو التي كان من المفروض أن تقلص هامش الخطأ”.

فشل تحكيمي.. إلى متى؟

تعد الاستقلالية عنصرا رئيسا في نجاح الجهاز التحكيمي في أي دوري، ليس كشعار، وإنما ثقافة تسير بها مختلف الأجهزة واللجان المتقاطعة في تدبير شؤون كرة القدم أهدافها الاستراتيجية.

وفي المغرب، دائما ما يتم اتهام مسؤولين كرويين بعينهم؛ رئيس الجامعة أو رئيس العصبة الاحترافية أو بعض رؤساء الأندية، بالتدخل في التعيينات لاختيار حكام لمباريات بعينها، وهذا يعود بالأساس إلأى خلط قد يكون بقصد أو بدونه للجماهير بين اشتغال مديرية التحكيم سابقا وازدواجية المهام لبعض المسؤولين في الجامعة والعصبة الذين يترأسون فرقا وطنية.

ولا يبدو أن هذا الواقع سيتغير بانتقال تدبير شؤون التحكيم من الجامعة نحو العصب، فالأخيرة بدورها مُشكّلة من رؤساء فرق وأعضاء ينتمون إلى مكاتب مسيرة لبعض الأندية، ما سيبقي جدل “التدخل” المزعوم قائما في متخيّل الجماهير، رغم أن فوزي لقجع، أكد أن لجنة التحكيم المنتظر أن تشكل بالعصبة الاحترافية ستكون مستقلة.

وأوضح رئيس الجامعة “القرار الآن بيد العصبة الاحترافية للقيام بما يلزم، ولتجلب مديرا إن شاءت من إنجلترا أو سويسرا (لقيادة لجنة التحكيم)، كما أن اللجنة المركزية للتحكيم التي يرأسها جمال الكعواشي سنحلها أيضا ولتعيّن فيها العصبة من أرادت.. ليجتمعوا ويقرروا”.

كلمات لقجع كانت أشبه برفع راية الاستسلام أمام ورش التحكيم الذي لم يبارح مكانه رغم الجهود المبذولة والميزانيات المرصودة. ويرى عبد العزيز البلغيتي أن “لقجع دائما كان يحث، في تصريحاته، على تطوير منظومة التحكيم بالنقاش وعقد جلسات تكوين للحكام وتبادل الخبرات مع حكام آخرين لتفادي الأخطاء أو تكرار الوقوع فيها”، مستدركا “لكن الأوضاع لم تكن على ما يرام في الآونة الأخيرة”.

وتابع موضحا “هناك ضغط كبير من الجماهير والأندية على الحكام، لكن حينما تسأل الحكام، كما قال المدير السابق لمديرية التحكيم يحيى حدقة، عن الضغط يقولون إنهم يعملون بلا ضغوط وقرارتهم يحكمها ما يرونه فوق أرضية الملعب لا غير أو بعد الرجوع إلى تقنية الفيديو.. وبالتالي هناك أمور صعبة لتُحدد بطريقة علمية”.

الأخطاء.. جزء من اللعبة أم أزمة كفاءة؟

ورغم توفر الظروف الملائمة والإمكانات المادية واللوجيستية لتطوير التحكيم، ظلت الانتقادات العنوان الأبرز لأغلب جولات الدوري الاحترافية، ما وجه أصبع الاتهام لجودة التكوينات التي يتلقاها “قضاة الملاعب” وكفاءتهم.

وقد تكون الفترة الانتقالية التي يمر منها التحكيم المغربي عاملا مُفسّرا للوضع الذي تعيشه الصافرة المغربية، مع صعود حكام شباب يفتقدون الخبرة اللازمة لإدارة مباريات من مستوى عال، ما سيجعل تولي العصب المسؤولية الكاملة للتحكيم آخر خطوات المسار الانتقالي الجديد.

بداية الموسم الجاري، كشف المدير السابق لمديرية التحكيم، يحيى حدقة، أن الرهان اليوم ينصب على تشبيب “قضاة الملاعب” لإعداد الخلف، وقال بهذا الصدد: “نسعى اليوم إلى إعطاء فرصة أكبر للحكام الشباب، وقد منحنا الفرصة لحكام من مواليد 1994 و1995 الذين كانوا في أقسام الهواة وصعدوا إلى النخبة لأنهم يستحقون ذلك وتحفيزا لهم ولباقي العناصر”.

وأوضح البلغيتي في تصريحه لـ”مدار21″ أن “فعلا أخطاء الحكام واردة وهي جزء من اللعبة وعلى مدار التاريخ شاهدنا أخطاء كبيرة فازت بها أندية ومنتخبات بألقاب ونذكر هنا بهدف مارادونا باليد في مونديال 1986، ولمسة يد تيري هنري التي أهدت التأهل لفرنسا لنهائيات كأس العالم سنة 2010”.

وأضاف “الأخطاء جزء من اللعبة، لكن في ما يتعلق بهيكلة التحكيم فهو شأن يدخل في ورش إصلاح كرة القدم الوطنية مع إعطاء صلاحيات كبيرة للعصب الجهوية واستقلالية مالية وإدارية”.

وسواء تعلّق الأمر بأزمة كفاءة أو مرحلة انتقالية أو فشل هيكلي، فالاحتقان الجماهيري في الملاعب وخارجها بسبب زلات الحكام في المنافسات الوطنية أصبح حالة مرضية تستدعي تدخلا عاجلا لإنقاذ “جسد تحكيم عليل”.

تعليقات الزوار ( 1 )

  1. راكم غير تبردو على قلوبكم من نجاح لفجع في رفع شأن كرة القدم المغربية بكل المقاييس .
    تكذبون و الواقع عكس ما تقولون : لقجع محبوب من طرف أكثر من %90 من الجماهير الرياضية المغربية .
    استمرو في كذبكم ، القجع مستمر في أنحازاته …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News