مجتمع

وسط أزمة الغلاء..مبادرة برلمانية تطالب بتقنين دور “السماسرة” وإحداث وكالة لمحاربة الاحتكار

وسط أزمة الغلاء..مبادرة برلمانية تطالب بتقنين دور “السماسرة” وإحداث وكالة لمحاربة الاحتكار

وسط أزمة الغلاء التي ألهبت جيوب المغاربة تزامنا مع حلول شهر رمضان، تقدم فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب بمقترح قانون يقضي بإحداث الوكالة الوطنية لتوزيع المنتجات الغذائية بغاية وضع آلية مُبتَكَرة ومندِمِجة لتسويق المنتجات الفلاحية، وتأطيرها تشريعيا للحد من غلائها.

ودعا الفريق النيابي، إلى  اعتمـاد سياسـة عمومية جديدة تنصب على تأهيـل وتنميـة أسـواق الجملة، ومعالجة ما يتصل بها من المظاهر التي تعد اليوم من العوامل التي أدت إلى ارتفاعا الأسعار، بالإضافة على الجفاف والتصدير وتجليات الاحتكار وتعدد الوسطاء والمضاربة، وعدم إخضاعهم للمراقبة، يؤدي إلى تفاقم الأوضاع.

وأصدر المجلسُ الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مؤخرا مذكرة أكد من خلالها على استعجالية إعادة تنظيم سلاسل التسويق وتقنين دور الوسطاء، وبرر ذلك بغاية التخفيف من ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية، وإعادة التوازن إلى منظومـة تسـويق المنتجـات الفلاحية، التـي تعتريهـا جملـة مـن مَواطـن الهشاشـة والاختـلالات التنظيميـة والوظيفيــة في بلادنا، والتي تعتبر أحــد الأســباب التــي ســاهمت فــي ارتفــاع أســعار المنتجــات الغذائيــة الأساســية على موائد فئات واسعة من المغاربة.

وسجل فريق “الكتاب” ضمن المذكرة التقديمية لمقترحه البرلماني، تواصل المنحنى التصاعــدي لهذه الظرفيـة الاسـتثنائية، والتي جعلت نســبة التضخــم تبلغ مســتويات مرتفعــة لــم تســجل منــذ بدايــة ســنوات تســعينيات القرن الماضي، مضيفا ” وهو وضع كان متوقعا لاسيما بعد مراجعة بنك المغرب للسعر المرجعي لنسبة الفائدة”.

واعتبر فريق التقدم والاشتراكية، أن “ما ترتب عن ذلك، فاق كل التوقعات، ولن تستطيع التدابيــر الاســتعجالية التي اتخــذتها الســلطات العموميــة، رغم أهميتها، من الحد من تأثيــر ذلك علــى القــدرة الشــرائية للمواطنــات والمواطنيــن”.

وأمــام هــذا الوضــع المقلق،  دعا المجلسُ الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بوضع إطــار حكامــة شــامل ومندمــج لمسلســل تســويق المنتجــات الفلاحيــة، والحد من اسـتمرار الاختلالات فـي تنظيــم الأســواق، لاسـيما أسـواق الجملـة والأسـواق الاســبوعية، فضــلا عــن انتشــار نشــاط المســارات الموازيــة البيـع خـارج إطـار القطـاع المنظـم، وتعزيز قدرات الفلاحيـن الصغـار والمتوسـطين علـى تنظيـم أنفســهم مــن أجــل تســويق منتجاتهــم فــي ظــروف جيــدة، ورقمنــة مسلســل تســويق المنتجــات الفلاحيــة وتثمينهــا.

كما سجل المجلسُ الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الحجــم المفــرط للوســطاء، ووقف عند عــدم خضوعهــم لمــا يكفــي مـن المراقبـة، وهـو الأمـر الـذي يذكـي المضاربـة ويـؤدي إلـى تعـدد المتدخليـن ويضـر بمصالـح المنتجيـن، كمـا يؤثـر ســلبا علــى جــودة المنتجــات بالنظــر لتســببه فــي إطالــة مسـار قنـوات التسـويق، ليـؤدي فـي نهايـة المطـاف إلـى ارتفــاع ســعر البيــع للمســتهلك النهائــي، وقــد يتضاعــف معه سـعر المنتـوج أحيانـا ثـلاث أو أربـع مـرات قبـل أن يصـل إلـى المســتهلك.

وينص مقترح الفريق النيابي التقدمي، على  إحداث “الوكالة الوطنية لتوزيع الغذائية” كمؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي، ويحدد مقر الوكالة بالرباط، ويمكن إحداث تمثيليات لها على الصعيد الترابي بقرار من مجلس الإدارة.

ويراد في مدلول مقترح هذا القانون بـ “المنتجات الغذائية”:المواد الموجهة للاستهلاك الغذائي البشري ذات المصدر الزراعي، وتشمل الخضر والفواكه والتمور في حالتها الطبيعية غير المصنعة، سواء كانت مغلفة أو في أكوام، إضافة إلى  المنتجات الغذائية الأخرى من أصل حيواني أو بحري، والتي تحدد قائمتها بنص تنظيمي.

وحسب المقترح النيابي، تخضع الوكالة لوصاية الدولة التي يكون الغرض منها العمل على احترام أجهزتها المختصة لأحكام هذا القانون، ولا سيما تلك المتعلقة بالمهام المنوطة بها، وبصفة عامة الحرص على تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالمؤسسات العمومية.وتخضع الوكالة أيضا، للمراقبة المالية للدولة المطبقة على المؤسسات العمومية، طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.

المهام والاختصاصات

وتُكلف الوكالة، وفق مقترح التقدم والاشتراكية، بتنفيذ التوجهات العامة لسياسة الدولة الرامية إلى ضمان السيادة والأمن الغذائيين، وتوفر المنتجات الغذائية في الأسواق الوطنية، وذلك مع مراعاة الاختصاصات المخولة، بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، للقطاعات الوزارية والمؤسسات والهيئات الأخرى المعنية،

وتتولى الوكالة القيام بتنسيق عمليات إعداد السياسة الوطنية للتوزيع وتنفيذها وتتبعها وتقييمها، وتدبير المخزون الوطني من المنتجات الغذائية، والحفاظ على توزان العرض والطلب، إضافة إلى مراقبة سلسلة التوزيع والتموين، والحرص على اشتغالها الطبيعي، وتحديد كميات المنتجات الغذائية التي تحتاج إليها السوق الوطنية؛ والتدخل، بناء على ذلك، لوقف مؤقت أو دائم للتصدير والاستيراد.

وتضطلع الوكالة، حسب المقترح البرلماني، بالسهر توفر المنتجات الغذائية بكميات تكفي استهلاك سكان المملكة، وضمان جودتها وسلامتها، والإسهام في تطوير الصناعة الغذائية، وتوجيه المستثمرين إلى هذا القطاع، فضلا عن اقتراح تحيين قائمة المنتجات الغذائية الأخرى ذات الأصل الحيواني أو البحري، إعداد مذكرات يقظة دورية حول وضعية السوق الوطنية، وتحليل المخاطر التجارية في مجال المنتجات الغذائية، وتوجيه التوصيات للسلطات العمومية بشأن قواعد الاحتراز الواجب تبنيها.

من أجل الاضطلاع بالمهام المذكورة، تقترح المبادرة التشريعية، أن تسهر الوكالة  على احترام النصوص التشريعية والتنظيمية ذات الصلة بقطاع التوزيع والتسويق، و على تنظيم ومراقبة الأسواق، وضمان تموينها المنتظم بالمنتجات الغذائية، والتأكد من صدقية المعلومات المتعلقة بها، إضافة إلى القيام بقوة القانون بعمليات مراقبة وتفتيش الأسواق ومخزونات المنتجات الغذائية.

كما تعنى الوكالة، حسب المقترح البرلماني، بمراقبة المدخرات الاحتياطية من المنتجات الغذائية لضمان التموين العادي للسوق، وتأهيل أسواق الجملة الحالية، وتحديث أنظمة عملها، وإحداث أسواق جديدة للجملة للمنتجات الغذائية، ووضع قواعد سير هذه الأسواق، وضمان شفافية العمليات التجارية داخلها، والتصدي لعمليات المضاربة والاحتكار.

وتسهر الوكالة التي يقتح فريق التقدم والاشتراكية إحداثها، على الحفاظ على أمن وسلامة التجار وسلعهم ووسائل عملهم، والتأكد من السلامة الصحية للمنتجات الغذائية وفق التشريعات الجاري بها العمل، لاسيما الظهير الشريف رقم 1.10.08 صادر في 26 من صفر 1431 (11 فبراير 2010) بتنفيذ القانون رقم 28.07 المتعلق بالسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.

ويمنح للوكالة،حق مصادرة كل منتوج موجه للاستهلاك لا تتوفر فيه شروط السلامة الصحية للمنتجات الغذائية، بعد إخبار للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، مع مكافحة المسلك غير القانوني للمنتجات الغذائية.

وتستفيد الوكالة، لأجل إنجاز غرضها، من حق نزع الملكية من أجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت لأملاك الخواص طبقا للتشريع الجاري به العمل.كما تستفيد الوكالة من جميع الحقوق والامتيازات الواردة في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل لفائدة المستثمرين أو تجار أسواق الجملة، سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو معنويين.

وعملا بأحكام المادة 5 من هذا القانون، يلغى ابتداء من تاريخ نشر هذا القانون بالجريدة الرسمية “نظام المربعات” المعمول به حاليا في أسواق الجملة للخضر والفواكه، ويخضع الأشخاص المستفيدون منه للتشريعات الجاري بها العمل فيما يتعلق بعلاقة الأفراد بالجماعات، لاسيما للمقتضيات المنصوص عليها في قانون الجبايات المحلية، على أن تطبق أحكام هذه المادة، بشكل تدريجي، في أسواق المحددة قائمتها بمرسوم وفق أحكام الفقرة الأخيرة من المادة أعلاه.

محاربة المضاربين والوسطاء

هذا، وانطاقــا مــن مختلــف عمليــات التشــخيص والتحليــل التــي قــام بهــا المجلــس الاقتصــادي والاجتماعــي والبيئــي منذ سنة 2017، فقد أوصى بتبني جملـة مـن التدابيـر الإجرائيـة تمكـن مـن تنظيــم مســارات تســويق المنتجــات الفلاحية والحــد مــن مضاربــة الوســطاء.

ودعا مجلس الشامي، إلى إصــدار نصــوص تنظيميـة توضـح السـير الداخلـي لهـذه الأسـواق، وشـروط أهليــة المتدخليــن لاشــتغال فيهــا، والكيفيــات الجديــدة لأداء الرســوم، وتطويـر قنـوات التسـويق القصيـرة ذات الطابـع التعاونـي، وتشـجيع تجـارة القـرب لا سـيما عبـر العمـل علـى تشـجيع الفلاحيــن الصغــار والمتوســطين علــى الانتظــام فــي تعاونيـات فلاحيـة، مـع ترصيـد المقاربـات المعتمـدة علـى مســتوى سلســلتي إنتــاج الســكر والحليــب.

كما دعا وضــع إطــار قانونــي لتقنيــن مجــال تخزيــن المنتجــات الفلاحية بمــا يســمح بتأطيــر التخزيــن الاستهلاكي أو التخزيــن لأغــراض فلاحيــة ومكافحــة التخزيــن الاحتــكاري، مشددا على ضرورة وضــع إطــار تنظيمــي محــدد ومُلــزم مــن أجــل تقنيــن وإعـادة النظـر فـي دور ومهـام الوسـيط وتحديـد حقوقـه وواجباتــه علــى مســتوى سلاســل التســويق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News