مجتمع

منتدى الرباط العالمي لحقوق الإنسان يناقش العدالة الانتقالية والذاكرة والهجرة والتغيرات المناخية

منتدى الرباط العالمي لحقوق الإنسان يناقش العدالة الانتقالية والذاكرة والهجرة والتغيرات المناخية

ناقشت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان آمنة بوعياش، اليوم الجمعة، خلال منتدى الرباط العالمي لحقوق الإنسان المنعقد على مدى يومين، محاور رئيسية تتعلق بالعدالة الانتقالية والذاكرة، والهجرة والتغيرات المناخية، مبرزة أن المغرب يعتز بتجربته الفريدة والقوية في كل واحد من هذه الميادين.

واستهلت بوعياش كلمتها الافتتاحية التي ألقتها خلال هذا المنتدى بـ “إننا نستقبل اليوم العديد من الشخصيات البارزة، من آفاق مختلفة ودول عديدة،  بتنوع مساراتنا والتقائية آفاق اشتغالنا، نلتئم اليوم، في هذا الملتقى الدولي، الذي نريده خلوة للمدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، بهدف تجديد التزامنا بقيمنا المشتركة في مواجهة التحولات السريعة التي يمر بها العالم”.

وأردفت أن “اليقظة الدائمة والمتواصلة ضرورية واساسية من أجل دراسة التحديات وتحديد الأولويات وإعمال الاستراتيجيات، انطلاقا من كونية حقوق الإنسان لخدمة الشيء المحلي”.

وواصلت بوعياش حديثها بالقول: “لن أقف في كلمتي عند تجارب العدالة الانتقالية لكل دولة، بما في ذلك تجربة بلدي، ولا عند الأهمية التي نوليها لمحور الذاكرة، باعتبارها أولوية استراتيجية لدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان. الذي أحدث، منذ ما يقارب السنتين، وحدة خاصة بالحفاظ على الذاكرة والنهوض بالتاريخ بجميع روافده، في سياق تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. وفي إطار السعي المتواصل لتملكٍ أمثل للديناميات وما أفرزه ماضي الانتهاكات؛ سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي”.

وتابعت: “الذاكرة تيمة جوهرية وأولوية كبرى، ليس من السهل أحيانا إيجاد كلمات لتحديد ماهيتها أو حصر مختلف حيثياتها، لأنها رمز تمتلكه شعوب وأمم بأكملها. موضوع معقد للغاية تتطلب مقاربته إحاطة تامة بكافة تجلياته. كلنا أمل أن تنير نقاشات هذا الملتقى الدولي مساراتنا ومقارباتنا، انطلاقا من تجارب وخبرات كل فاعل من الفاعلين المشاركين في المنتدى”.

وأشارت بوعياش إلى أن قضايا الهجرة والتغيرات المناخية وعمقه وغناه، يشكلان موضوعان ذوا راهنية كبرى وترابط وثيق، لا سيما على مستوى إفريقيا وأمريكا اللاتينية.

وفي هذا الصدد، قالت إن “لقد كان اختيار نقاش هذين التحديين الرئيسيين في مجال حقوق الإنسان، هنا بمدينة الأنوار الرباط، بهذا الحضور المتميز، موفقا بامتياز. ذلك أن الدول التي توصف بـ”الديمقراطيات الناشئة” في جعبتها، دونما شك، الكثير بشأن هذا النقاش، كما ظهر جليا خلال لقاءات إعداد الميثاق العالمي للهجرة أو أثناء اعتماده خلال قمة مراكش”.

وعبرت عن الانشغال من عدم مصادقة، ولو دولة “غربية” واحدة، على الاتفاقية الدولية لحماية المهاجرين وأسرهم، في الوقت الذي تخضع فيه بلداننا طواعية للاستعراض والتقييم الشامل… وكأن لون بشرة معين أو معتقد ديني معين يملي كرامة الإنسان أو يجعل من صاحبه موضوع ظلم فطري متأصل.

وذكرت أنه “باسم مجموعة العمل المعنية بالهجرة، للشبكة الأفريقية للمؤسسات الوطنية، التي يترأسها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أغتنم هذه الفرصة من أجل التأكيد على زخم وتيرة عملنا المشترك ومبادراتنا داخل هذه المجموعة الإفريقية، من أجل حماية المهاجرات والمهاجرين وأسرهم في حقهم في التنقل وسنغتنم فرصة المنتدى لعقد اجتماع مجموعتنا”.

وأكدت بوعياش، أنه ب”الرغم من المسافة الجغرافية واختلاف اللغات والثقافات، فتاريخنا مشترك وواحد. فنحن نشترك في كوننا مستعمرات سابقة، مع كل التداعيات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لهذه الفترات الأليمة و التي نعرفها جميعا”، مبرزة أن مساراتنا المتنوعة  في مجال تعزيز سيادة القانون تتداخل ويغذي بعضها البعض. فـ”الديمقراطيات الناشئة”، كما يصفها البعض، تتقاسم الكثير من التجارب والممارسات تتشابه في بنياتها: من ماض انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ثم تجارب فريدة في مجال العدالة الانتقالية، فمساهمات متميزة في الاجتهادات الدولية في مجال جبر الأضرار وضمان عدم التكرار، ثم دينامية وزخم منقطع النظير على مستوى مجتمعاتها المدنية.

وأبرزت رئيسة المجلس، أنه من الصعب، تحديد مدى نجاح كل واحدة من هذه التجارب وحجم الجهود التي يتعين القيام بها، غير أن هذا لا يمنع من القول إنه في المغرب، كما هو الحال في العديد من الدول الأخرى، في مرحلة تنفيذ مفهوم المساءلة أو المسؤولية العرضانية horizontal accountability responsabilidad horizontal، للمفكر الأرجنتيني، Guillermo O’Donnell، مردفة: “أي أننا بعد مرحلة أولى من بناء المساطر ووضع الإجراءات والسياقات العامة – من انتخابات حرة وشفافة ودستور ديمقراطي واستقلالية القضاء – انتقلنا إلى مرحلة البناء المؤسساتي، ضمن شبكة فعالة قادرة على التقييم والإنذار والتدخل في حال المس بالحقوق الأساسية للمواطنات والمواطنين أو عند وجود احتمال وقوع انتهاك أو مس من هذا القبيل”.

وأفصحت المتحدثة ذاتها، أنه بصدد تدشين مرحلة جديدة من الإصلاحات، تهدف إلى جعل الدولة، مدافعة عن حقوق وحريات ومصالح المواطنات والمواطنين، وخاصة منهم الفئات الأكثر هشاشة، والتي يقصد بها الفئات الهشة اجتماعيا واقتصاديا، النساء والأطفال والمهاجرون واللاجئون، لذلك كان المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب حريصا أشد الحرص على اعتماد مفهوم فعلية الحقوق، ولا سيما الحق في الصحة والتعليم والفضاء المدني. كما أولينا اهتماما خاصا بالقضايا المتعلقة بحقوق النساء وحقوق الأطفال/ وفق تعبيرها.

وشددت على أن قرار الملك محمد السادس، بمراجعة قانون الأسرة، للمرة الثانية في أقل من 20 سنة، شكل خطوة كبرى وتقدم جوهري غاية في الأهمية بالنسبة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي ما فتئ يواصل باستمرار وإصرار حملاته بشأن هذه القضايا المعقدة للغاية والمتأصلة في تقاليد المجتمع المغربي، مهما كانت الضغوط الخارجية التي تمارس على المجتمع المغربي.

وعبرت عن حجم فخر المدافعات والمدافعون عن حقوق الإنسان بدول الجنوب،للنجاح في قطع مسافات وأشواط عديدة، بالرغم من مواجهة أقوى التحديات وأصعب التجارب وأقسى العقبات.

وأشادت بوعياش في هذه الجلسة الافتتاحية، بعمل المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان في إفريقيا ، أولا وأمريكا اللاتينية وباقي المناطق بالتزامهم ومبادراتهم من أجل حقوق الإنسان.

وتوجهت بالشكر، إلى فرق العمل، متعددة التخصصات ،على التفاني والاجتهاد والحرص على تفاصيل تنظيم هذا المنتدى، الذي يأتي قبل الدورة الثالثة للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان، والإشادة بيسر وسلاسة التعاون بين المؤسستين المنظمتين: المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب والمركز الدولي للنهوض بحقوق الإنسان بالأرجنتين.

وفي الختام، وجهت الدعوة للجميع، من أجل توحيد أصواتهم، من الرباط إلى بوينس آيرس، وما دونهما، قائلة: “دعونا نوحد أصواتنا في صوت واحد. صوت ضد التمييز والكرامة والعدالة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News