سياسة

“سرقة للأحلام وتعبئة بالتطرف”.. استمرار تجنيد الأطفال من طرف البوليساريو يستنفر الحقوقيين

“سرقة للأحلام وتعبئة بالتطرف”.. استمرار تجنيد الأطفال من طرف البوليساريو يستنفر الحقوقيين

انتهز عدد من الفاعلين الحقوقيين والمدنيين حلول اليوم الدولي لمكافحة استغلال الأطفال كجنود، الموافق لـ 12 فبراير 2023، لتسليط الضوء على معاناة الأطفال والطفلات في بؤر التوتر والصراعات المسلحة، وعلى الصعوبات التي تواجهها عملية إعادة إدماجهم(ن) في المجتمع، لا سيما وأن اليوم الدولي هذا العام يتزامن مع الذكرى الثالثة والعشرون للبروتوكول الاختياري لمعاهدة حقوق الطفل، والمتعلق بانخراط الأطفال في الصراع المسلح.

وأكد الائتلاف المدني للترافع من أجل حماية الاطفال بمخيمات تندوف، كشبكة مدنية مستقلة تضم أزيد من 120 منظمة تربوية وطنية تغطي فروعها جميع جهات واقاليم المملكة بالإضافة إلى فعاليات حقوقية وأكاديمية، في بيان له، أنه يعرب عن قلقه الشديد إزاء حجم وشدة وتكرار الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الاطفال في مخيمات تندوف.

وشدد الائتلاف على أنه “ليس من حق أحد أن يسرق أحلام الأطفال أو براءتهم. فمعاناة الأطفال المغاربة بمخيمات تندوف تعد وصمة عار على المجتمع الدولي، وبالتالي وجب علينا ضمان تمتع جميع الأطفال، بغض النظر عن مكان وجودهم، بطفولة خالية من العنف وتوفير التعليم لهم”.

أربعة أجيال بلا أحلام

وأضاف الائتلاف أنه “بحسب الخبراء، لا يزال مئات الأشخاص في هذه المخيمات، كثير منهم نساء وأطفال، وهم عائلات لأفراد من مقاتلي ينشطون ضمن ميلشيات البوليساريو حيث لا يزالون يعيشون في ظروف لا تطاق في مخيم الجحيم تندوف بجنوب شرق الجزائر، مضيفة أن البوليساريو كجماعة مسلحة تستمر “في انتزاع كرامة الأطفال وتدمير حياتهم ومستقبلهم. ومنع مئات منهم في الحصول على التعليم الجيد والرعاية الصحية، والحق في الاسرة والجنسية، والحق في اللعب والترفيه، كما تعرض أولاد وفتيات للاعتداء والاستغلال الجنسيين، وبيع بعضهم كرقيق وأجبرت أخريات على الزواج من مقاتلي الجماعة المسلحة. ويقع ذلك في غياب آليات المراقبة والتحقق والإبلاغ، بسبب عدم القدرة على الوصول إلى المنطقة والأطراف المعنية”.

وأشار الائتلاف نفسه إلى “استمرار أزيد من 4 أجيال من الأطفال سلبت منهم براءتهم وأحلامهم وحقهم الأصيل في الحياة والعيش الكريم، ينتج لديهم أعطابا نفسية وعقولا مشحونة بخطاب الكراهية والتفرقة والحقد…، فالأطفال يقومون بدور أساسي في بناء الحاضر والمستقبل لتحقيق السلم والسلام والتآخي، والآلاف من الأطفال المغاربة المحتجزون بمخيمات تندوف لم يعرفوا إلا لغة الحرب والشحن الإيديولوجي منذ أن خرجوا لهذه الدنيا ضدا على فطرتهم، وتحتم مسؤوليتنا تمكينهم من أن يكونوا عوامل هذا التغيير وصناع للسلام”.

مسؤولية الجزائر

وفي هذا السياق قال محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، في تصريح لـ”مدار21″، أن “ما يكرس ظاهرة تجنيد الأطفال بتندوف هو تنصل الدولة الجزائرية من المسؤوليات القانونية والأخلاقية والسياسية الملقاة على عاتقها إزاء حماية من يفترض أنهم “لاجئون” داخل ترابها الإقليمي بحسب دعايتها السياسية، فالجزائر تتنصل من حماية قاطني مخيمات تندوف بمبرر تفويض غير قانوني لسلطاتها على تلك المخيمات لجماعة مسلحة تنشط خارج القانون هي جماعة البوليساريو”.

وأفاد سالم عبد الفتاح أن “عدم إعمال الجزائر لولايته القانونية والقضائية على المخيمات يجعل قاطني تيندوف فريسة سهلة ولقمة سائغة في يد البوليساريو ومجالا لارتكاب مختلف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مقدمتها تلك التي تستهدف الفئات الهشة من الأطفال والنساء، وبالتالي تكريس مختلف هذه الظواهر التي تستهدف الأطفال وفي مقدمتها ظاهرة تجنيدهم، إضافة إلى تسفيرهم خارج القانون وبيعهم ضمن ما يسمى عمليات أوطان السلام التي يتم تقديمهم من خلالها للتبني داخل الأسر في إسبانيا وعديددول الغرب الأخرى لأجل استدرار تعاطف الأسر في تلك الدول”.

وأورد سالم عبد الفتاح أن “تداعيات ظاهرة تجنيد الأطفال لا تقف حدودها عند الوضع الحقوقي في مخيمات تيندوف، ولكن تمتد لتشمل الوضع الأمني في مختلف دول جوار الإقليمي الجزائر بحكم ارتباط هذه الظاهرة بعديد الأنشطة بظواهر انتشار الجريمة المنظمة من طرف الجماعات المسلحة”.

استفادة الجماعات المسلحة

وأضاف المتحدث نفسه أن “استمرار هذه الظاهرة يكرس قدرة التنظيمات المسلحة المتطرفة المنتشرة في منطقة الساحل على التجنيد والتأطير داخل مخيمات تندوف بحكم أن استمرار هذه الظاهرة تنتج أجيالا من الأطفال والشباب الذين تنعدم لديهم القدرة على الاندماج في الأوساط المدنية، ويجعلهم ملقنين بخطاب التطرف والحض على الكراهية ويجعلهم لقمة سائغة في يد الجماعات المسلحة وعصابات الجريمة المنظمة”.

وقال سالم عبد الفتاح أن تخليد هذا اليوم “فرصة لتسليط الضوء على المعاناة والحرمان الذي يعيشه القاصرون في مخيمات تيندوف بسبب ممارسات البوليساريو، حيث تعرض معظم الأطفال ممن نشؤوا في المخيمات أو التحقوا بالبوليساريو في فترات سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي إلى فرض التجنيد الإجباري عليهم وإشراكهم في قوات البوليساريو التي كانت تخوض حربا في تلك الفترة، كما تم حرمان الكثير منهم من حضنهم الأسري ومن حقهم في  استكمال التعليم الذي يحفظ هويتهم و يضمن تأهيلهم لسوق الشغل، فكان يتم تحويلهم للتدريب والاختصاصات العسكرية سواء في تيندوف أو في عديد الدول الداعمة للبوليساريو”.

وأفاد أن هذه الممارسات “لا تزال تداعياتها قائمة، حيث يجد المجندون في صفوف الجبهة أنفسهم بدون مؤهلات تمكنهم من تحقيق ذواتهم، والاندماج في الأوساط المدنية في البلدان التي ينتقلون للعيش فيها، بسبب اقتصار معرفتهم وخبراتهم على التخصصات العسكرية، فيما لا يزال الكثير منهم متأثرا بدعاية وفكر البوليساريو المتطرف الذي تلقاه في معسكرات الجبهة، حيث يروجون لخطاب الكراهية إزاء المخالفين وينخرطون في مجموعات منغلقة بناء على عصبيات ضيقة من شأنها أن تهدد وحدة المجتمع وتقوض السلم والاستقرار بسبب امتداد العصبيات القبلية التي يوظفونها في كافة بلدان المنطقة”.

دعوات لتدخل المنتظم

ودعا الائتلاف المدني المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولية “بناء نظام مستدام لحماية جميع الأطفال في كل الأوقات”، مشددا على ضرورة تفعيل التزامه بالعمل على منع تجنيد واستخدام الأطفال في الصراعات وتأمين إطلاق سراحهم وضمان إعادة إدماجهم.

وناشد الائتلاف المدني للترافع من أجل حماية الاطفال بمخيمات تندوف الأمم المتحدة والمنتظم الدولي وهيئات المجتمع المدني وحماة حقوق الإنسان وكل الضمائر الحية من أجل “بذل جهد أكبر لحماية الأطفال في النزاعات المسلحة، ودمج كافة أحكام حماية الطفل في جميع مفاوضات السلام واتفاقات وقف إطلاق النار، بما في ذلك التركيز على حقوق ورفاه الأطفال ومصلحتهم الفضلى”.

وفي هذا السياق دعا “الائتلاف المدني للترافع من أجل حماية الأطفال بمخيمات تندوف”، في بيان بالمناسبة، إلى “التدخل العاجل لحماية الأطفال والطفلات بتندوف، من العنف والاستغلال، خاصة التجنيد العسكري بكل أشكاله، ووضع حد لهذه الممارسات التي تتنافى مع اتفاقية مناهضة التعذيب لسنة 1987 واتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 وبروتوكوليها الاختياريين، لاسيما المتعلق منهما بإشراك الأطفال والطفلات في النزاعات المسلحة لعام 2000، إلى جانب ما دعت إليه اتفاقية جنيف لسنة 1977 وبروتوكولاتها الاختيارية والميثاق الإفريقي لحقوق ورفاهية الطفل، وكذلك ما نصت عليه اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لسنة 2006، والاتفاقية الدولية لحماية كل الأشخاص من الاختفاء القسري لسنة 2006، وهي الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق التي تشكل أرضية تنطلق منها المنظمات المدنية والهيئات الدولية لحماية الأطفال وتجنيبهم كل أشكال العنف والحرمان والاستغلال وضمان المساواة وعدم التمييز في الكرامة والحقوق والحريات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News