اقتصاد | حوارات

خبير لـ”مدار21″: المغرب قادر على التفوق في الطاقات المتجددة وتجارب النرويج وألمانيا مفيدة

خبير لـ”مدار21″: المغرب قادر على التفوق في الطاقات المتجددة وتجارب النرويج وألمانيا مفيدة

في الوقت الذي يسعى فيه العالم للبحث عن بديل للوقود الأحفوري بالتحول إلى الطاقة المتجددة، برزت الطاقات المتجددة في المغرب ضمن أفضل ثلاث أسواق واعدة في جذب الاستثمارات، وذلك في ظل خطة البلاد الطموحة لتعزيز الطاقة الإنتاجية للطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر.

وصنف تقرير حديث، تدور رحاه حول مؤشر جاذبية الدولة للطاقة المتجددة، الذي أصدرته شركة الاستشارات العالمية “إي واي” المغرب والدنمارك واليونان، من بين أفضل 3 دول ذات أداء أعلى من التوقعات بالنسبة لللحجم الاقتصادي.

ويحظى القطاع باهتمام ملكي، حيث ترأس الملك في 23 نونبر الفارط جلسة عمل دعا فيها إلى تسريع وتيرة تطوير الطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من أجل تعزيز سيادته في مجال الطاقة وتقليص كلفتها. وأوضح البيان أن تسريع وتيرة أعمال التطوير يتضمن “إنجاز المشاريع الثلاثة للطاقة الشمسية نور-ميديلت وتحلية مياه البحر والقطاع الواعد للهيدروجين الأخضر واستخداماته”.

وأفاد بيان للديوان الملكي بأن العاهل المغربي ترأس جلسة عمل “خُصصت لتطوير الطاقات المتجددة والآفاق الجديدة في هذا المجال” وكذا “التثمين الأمثل لتنافسية المغرب من أجل استقطاب مزيد من الاستثمارات الوطنية والأجنبية في هذا القطاع”.

في هذا الحوار المقتضب، يتحدث الخبير في اقتصاد الطاقة، محمد جواد مالزي، لجريدة “مدار21” عن الطموح المغربي في الطاقات المتجددة والتحديات التي تواجهه.

بداية، هل اعتماد الطاقات المتجددة “ضرورة أم ترف” بالنسبة للمغرب؟

ليس ترفا بطبيعة الحال، وذلك لعوامل عدة، لعل أبرزها الاستقلال الطاقي التي يطمح له المغرب، نظرا لأن الأخير يستورد حاليا أكثر من 90 بالمئة من احتياجاته من الطاقة، كما تعتمد السوق  الوطنية بصفة كبيرة على محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم، والتي توفر أكثر من ثلثي الناتح الإجمالي، مما يشكل ضغطا كبيرا على ميزانية الدولة.

إضافة إلى ارتفاع تكاليف الفحم، بسبب ضريبة الكربون التي سيشرع الاتحاد الأوروبي في فرضها ابتداء من يناير الجاري، على جميع الواردات، ومن ضمنها الواردات المغربية، والتي تهدف إلى الحد من استخدام الوقود الأحفوري وخفض انبعاثات الكربون، على اعتبار أنها الوسيلة الأنجع من أجل التخفيف من آثار الانبعاثات الغازية على البيئة والمناخ.

وكذلك ارتفاع الطلب الداخلي، يفرض استغلال الطاقات المتجددة، لأن المغرب محظوظ بموقعه الجغرافي، وبالتالي طاقة شمسية مهمة وريحية مهمة، مما يحتم الاستفادة منها لمواكبة الإكراهات، وسط دعوات محاربة التغير المناخي العالمية وارتفاع ادراجات الحرارة، نظرا لما له من انعكاسات سلبية على النظام البيئي، وبالتالي على الإنتاجية وطريقة العيش.

ماذا يحتاج المغرب لضمان استقلاله الطاقي وضمان الريادة الدولية في مجال الطاقات المتجددة؟

المغرب يحتاج إلى تفعيل واستغلال الطاقات الوطنية المتوفرة في البلاد، وذلك سيتم عبر تطوير إنتاجية الموارد عن طريق تطوير التكنولوجيا والبحث العلمي وتطوير اليد العاملة، وتشجيع البحث العلمي في مجال الطاقة، لضمان أسعار تنافسية، وكذلك يحتاج تطوير الأبحاث في مجال التخزين، والتي يمكن اعتبارها إشكالية عالمية وليست وطنية فقط.

والمغرب مطالب أيضا بوضع استراتيجية واضحة، مصحوبة بذكاء اقتصادي لضمان مواكبة المستجدات العالمية في مجال الطاقة.

ما هي الدول التي يمكن للمغرب الاستفادة منها في المجال؟
العديد من الدول يمكن للمغرب الاستفادة منها ونهج نهجها، خاصة الدول الأوروبية، أبرزها ألمانيا والنرويج لأنهما مثالان يحتذى بهما في مجال الطاقات المتجددة، كما يمكن الاستفادة من الصين، باعتبارها مركز التكنولوجيا وخاصة المتطورة منها (التورربيات الريحية والألواح الشمسية).

لذلك أعتقد أن المغرب إذا نجح في استغلال التجربة الأوروبية والتكنولوجيا الصينية لصالحه، إضافة للبحث عن شركاء لتمويل هذه الاستثمارات التي تتطلب رؤوس أموال كبيرة، سيحقق طموحه في هذا المجال.

ما تأثير مشروعات الطاقة المتجددة في الاقتصاد المغربي؟

لا شك أن تأثيرها سيكون تأثير إيجابيا، إذا كانت هذه الطاقات محلية الصنع، فإنها ستؤثر على كلفة إنتاج العديد من المواد، وخاصة في المجال الصناعي، مما سيساهم في تطوير الصادرات وتنويعها، كما ستجعل الاقتصاد المغربي يجد مكانه ضمن الاقتصاد الأخضر التي توصي به المنظمات العالمية، والتي تشجع التطوير الاقتصادي الذي يرافقه تطور بيئي.

ما هي التحديات التي يمكن للمغرب أن يواجهها في هذا المجال؟

هي تحديات معروفة، أولها التحديات التكنولوجية، نظرا لأن المغرب لا يتوفر على تكنولوجيا عالية تستخدم في مجالات الطاقة المتجددة، إضافة إلى التكلفة الضخمة التي تحتاجها الاستثمارات في القطاع.

وسيواجه المغرب أيضا تحدي اليد العاملة المؤهلة، وخاصة في مجال الصيانة التي تتطلب كفاءة وتكوينا عاليين، وكما ذكرت سابقا، سيواجه أيضا تحدي التخزين، والذي يعد تحديا عالميا، وتجاوزه يتطلب الانخراط وتشجيع البحث العلمي وطنيا ودوليا.

هل يستطيع المغرب أن يتفوق في إنتاج الهيدروجين الأخضر كما هو مخطط له؟

المغرب يتوفر على كامل المؤهلات للتفوق في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر كما هو مخطط له، وذلك عن طريق استغلال نقاط قوته، فكما تعلمين الهيدروجين الأخضر ينتج من خلال تحليل كهربائي لجزيئات الماء، يؤدي إلى تفكيكها وفصل ذرات الهيدروجين عن ذرات الأوكسيجين. وتؤدي عملية التحليل الكهربائي للماء إلى الحصول على كل من الديوكسيجين (O2) وثنائي الهيدروجين (H2)، وبالتالي إذا استطاع المغرب أن يصنع كهرباء متجددة وإدارة أزمة الجفاف ونقص الموارد المائية بذكاء، فهو قادر حتما على التفوق في إنتاج الهيدروجين.

ونظرا لأن القليل من الدول لها إمكانيات الموقع الاستراتيجي التي يتوفر عليها المغرب، والتكنولوجيا والكفاءة، فإن المملكة قادرة بالتأكيد على التفوق في إنتاج الهيديروجين (للإستهلاك الداخلي وأيضا الموجه للتصدير)، خاصة أنه تمت الاستقادة من الخبرات الدولية، وخاصة مع ألمانيا، التي عبرت عن رغبتها في عقد شراكة مع المغرب، من خلال توقيع اتفاقيات طموحة، وأيضا الاستفادة من التقارب مع الاتحاد الأوروبي عن طريق الاتفاق الأخضر.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News