سياسة

القضاء الدستوري يسحب الاختصاص من الحكومة للتشريع في التعويض عن حوادث الشغل

القضاء الدستوري يسحب الاختصاص من الحكومة للتشريع في التعويض عن حوادث الشغل

صرحت المحكمة الدستورية في قرار جديد لها، أن عدد من المواد التي تضمن القانون المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل تدخل في مجال القانون، و لايشملها اختصاص السلطة التنظيمية.

وأكدت المحكمة ضمن قرارها، أن المواد 10 و12 و13 و14 و15 و22 و25 و27 و33 و38 و39 و40 و41 و44 و54 و55 و81 و86 و106 و131 و133 و136 و139 و152 و154 و186 من القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.190 بتاريخ 6 ربيع الأول 1436 (29 ديسمبر 2014) تندرج في مجال القانون.

واعتبرت المحكمة الدستورية، ضمن قرارها الصادر تحت رقم   203/22 م.أن “ ما خول للسلطة التنظيمية اتخاذه من نصوص بموجب هذه المواد في صيغتها المعروضة وتطبيقا لمقتضياتها، يبقى مندرجا في المجال التنظيمي”.

وأمرت المحكمة بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، وبنشـره في الجريدة الرسمية.

ويأتي قرار المحكمة الدستورية، بعد اطلاعها على الرسالة المسجلة بأمانتها العامة في 30 نوفمبر 2022، التي يطلب بمقتضاها رئيس الحكومة من المحكمة الدستورية، التصريح بأن مقتضيات المواد 10 و12 و13 و14 و15 و22 و25 و27 و33 و38 و39 و40 و41 و44 و54 و55 و81 و86 و106   و131 و133 و136 و139 و152 و154 و186 من القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 190.14.1 بتاريخ 6 ربيع الأول 1436 (29 ديسمبر 2014)، لا تدخل في مجال القانون، بالرغم من ورودها في نص تشريعي من حيث الشكل، بل يشملها اختصاص السلطة التنظيمية، ويمكن، بناء على ذلك، تغييرها بمرسوم.

إن الدستور، خول للحكومة صون نطاق مجالها التنظيمي من تجاوز مجال القانون، بسبيلين، أولهما خلال المسطرة التشريعية، وذلك بأن تدفع، بموجب أحكام الفقرة الأولى من الفصل 79 من الدستور “بعدم قبول كل مقترح أو تعديل لا يدخل في مجال القانون”، وثانيهما، بعد صدور القانون، بمقتضى ما نص عليه الفصل 73 من الدستور من أنه: ” يمكن تغيير النصوص التشريعية من حيث الشكل بمرسوم، بعد موافقة المحكمة الدستورية، إذا كان مضمونها يدخل في مجال من المجالات التي تمارس فيها السلطة التنظيمية اختصاصها”؛

وحيث إنه، يعود لرئيس الحكومة، المبادرة بالتشريع، طبقا للفقرة الأولى من الفصل 78 من الدستور، متى تراءى للحكومة ما يدعوها إلى تغيير مقتضى تشريعي أو تتميمه؛

وقالت المحكمة الدستورية، إنها حين تبت في مدى اندراج مقتضى معروض عليها في مجال القانون أو في مجال التنظيم (الفصل 73 من الدستور)، فإنها تستند في ذلك، من جهة أولى، على أحكام الدستور والقوانين التنظيمية، وليس على قوانين تتقاسم معها ذات المرتبة والدرجة في التراتبية القانونية، وتراعي.

من جهة ثانية، ألا يؤدي تغيير درجة النص المعروض في التراتبية القانونية، إلى تجريد المبادئ والالتزامات ذات الطبيعة الدستورية من ضمانات قانونية، وتستحضر، من جهة ثالثة، ما يترتب عن أحكام الفقرة الأولى من الفصل السادس من الدستور، من متطلبات تسهيل الولوج إلى القانون، ومقروئيته، ووضوحه، وانسجامه، تفاديا لتضارب تأويل مقتضياته، وتعطيل نفاذ مضامينه وحسن تطبيقه.

وسجلت المحكمة، أن المواد المستفتى في شأنها لم تكن، إبان تقديم التعديلات المتعلقة بها، محل دفع بعدم القبول التشريعي من قبل الحكومة خلال المسطرة التشريعية التي أفضت إلى إقرار القانون رقم 18.12 المشار إليه؛

ووأشارت المحكمة،  إن الدستور، خص، بموجب صريح الفقرة الأولى من الفصل 71 منه، القانون، بالتشريع في ميدان: “…- …حوادث الشغل”، وألزم بمقتضى الفصل 31 منه، “الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية”، بالعمل “على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في : العلاج والعناية الصحية”، وأوجب، بمقتضى الفصل 34 منه، على السلطات العمومية السهر على “إعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية، أو حسية حركية أو عقلية”، و”تيسير تمتعهم بالحقوق… المعترف بها للجميع”؛

و يستفاد من هذه الأحكام، علاقة بالمواد المستفتى في شأنها، من جهة أولى، وفق قرار المحكمة الدستورية، أن الدستور أوكل إلى مجال القانون التشريع في ميدان حوادث الشغل، دون حصر نطاق ذلك في نظامها أو مبادئها أو قواعدها أو توجهاتها، وذلك خلافا لميادين أخرى تم التنصيص عليها في الفقرة الأولى من الفصل 71 المذكور.

ومن جهة ثانية، أكدت المحكمة، أن مجال التنظيم في ميدان حوادث الشغل، يتحدد، تبعا لذلك، متى مارس المشرع كامل صلاحيته التشريعية، فيما ارتأى هذا الأخير أن يسند أمر تطبيقه إلى نصوص تنظيمية، ومن جهة ثالثة، فإن ضحايا حوادث الشغل، هم، بمقتضى أحكام الدستور، أصحاب حق في العلاج والعناية الصحية، وإعادة تأهيل عند الاقتضاء، وأن التشريع يعد إحدى سبل إنفاذ هذا الحق وكفالته، مما تكون معه الضمانات المتعلقة بهذه الفئة، مندرجة في نطاق الحقوق التي يختص القانون بالتشريع فيها طبقا للفصل 71  السالف الذكر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News