سياسة

خسارة بالملايين…هل يخوض المغرب حربا فلاحية ضد إسبانيا؟

خسارة بالملايين…هل يخوض المغرب حربا فلاحية ضد إسبانيا؟

عاد من جديد موضوع “حرب الطماطم” كما تصطلح عليه وسائل الإعلام الإسبانية، إلى البروز، بسبب صادرات المغرب نحو الاتحاد الأوروبي، إذ يزعم المزارعون الإسبان أن المغرب تجاوز حصصه وأغرق السوق بطماطمه الأقل كلفة وسعرا من نظيرتها الأندلسية، كنوع من الحرب على اقتصاد بلدهم في خضم الأزمة الدبلوماسية الحادة بين البلدين منذ أشهر بسبب إدخال ابراهيم غالي إلى بر المملكة الاسبانية بهوية “مزورة”.

وبحسب ما جاء في تقرير لجمعية المزارعين الإسبان بإقليم الأندلس ASAJA، فقد اختفى في الآونة الأخيرة، ما يناهز 2300 هكتار من الطماطم في الميريا وحدها، وتحولت الطماطم من كونها المحصول النجم في المنطقة إلى المرتبة الثالثة في القائمة، بعد الفلفل والبطيخ” وسط تخوفات من أن تلقى نفس مصير الفاصوليا الخضراء، وهو منتج آخر تم إيقاف زراعته بسبب صادرات الدول الافريقية”.

وفي غضون ذلك، يقول تقرير مزارعي إقليم الأندلس أن المغرب لا يتوقف عن إغراق السوق الاسبانية والأوروبية بالطماطم الآخذة نحو النمو بطريقة مثيرة للاستغراب وفيها “استهداف واضح للسوق المحلية” بحسب التقرير الذي يقول أنه ‘في العام 2019 دخل 285 طنًا من الطماطم المغربية إلى اسبانيا، فيما وفي العام الموالي 2020 دخل بالفعل 500 طن، أي ضعف تقريبًا” بحسب التقرير الذي لم يضع أرقاما محددة بالنسبة لـ 2021 نظرا لكون التقديرات الرقمية توضع بعد انتهاء الموسم الفلاحي.

من جهة أخرى، أعرب المزارعين الإسبان عن استياءهم الكبير من استمرار دخول المنتجات الفلاحية المغربية بطريقة مضاعفة، معتبرين أنها “حرب جديدة فلاحية يخوضها المغرب ضد الدول الأوربية وخاصة إسبانيا بعد الأزمة الدبلوماسية المستمرة التي أعقبت دخول إبراهيم غالي إلى البلد بهوية مزورة”.

ويرى المزارعون الإسبان أن “المغرب يضغط على الاتحاد الأوربي بورقتين الأولى مسألة ملف الهجرة، ثم ورقة ضغط أخرى تتعلق بالفلاحة وإغراق السوق بمنتجاته كما حدث بالنسبة للبطيخ بعد انتهاء الموسم الفلاحي”.

المزارعين، نددوا أيضا بتجاهل حكومة سانشير والاتحاد الأوربي لهذه المسألة والتساهل معها، معتبرين أن “الحكومة تنظر إلى الاتجاه الآخر في سعيها إلى كسب ود المغرب، واستعادة ثقته والعلاقة معه دونما اكتراث لما يعانيه مزارعو البلد، بسبب هذه الحرب التي يخوضها المغرب” يقول أحد المزارعين مضيفا:” المنتج الذي تأتي من بلد مثل المغرب، أساسا غير عادلة أبدا بحيث يتم استخدام منتجات ومواد غير مسموح بها هنا، ويتم استغلال العامل وتكلفة إنتاجه أقل بنحو 15 مرة، ولا يتم طلبها بنفس القدر هنا”.

وبسبب كل هذا، ذهب العديد من المزارعين في جنوب إسبانيا إلى زراعة الفاكهة الاستوائية، فبعد أن كانت جبال غرناطة أو مالقة تنتج الأفوكادو أو المانجو حسب الرغبة لم يعد الأمر كذلك بسبب لتكلفة، كون هذا النوع من الفاكهة هو الآخر يتطلب أيضًا كمية من المياه أكبر بكثير من المحاصيل المحلية، مما يترجم إلى ارتفاع ضغط الهيدرولوجيا، وعلى هذا الأساس لجأ آخرون في ألميريا إلى زرع البابايا”.

وشدد المزارعون، على أن الفاكهة في إسبانيا بدورها في خطر على غرار الخضر” بالرغم من كونها ذات جودة أعلى من تلك القادمة من المغرب والدول الافريقية، لأننا نلتزم بالمعايير، لكن في نفس الوقت لا يمكننا منافسة تلك الأسعار التي يقدمها المغرب”؛ يشرح المزارعون، مبرزين أن ” البديل في كثير من الأحيان للمنتجين هو التحول إلى الفاكهة الاستوائية، التي تتطلب قدرًا أكبر من الموارد المائية، و في غضون ذلك، تمتلئ أرفف المتاجر بالفاكهة من المغرب والسنغال”.

ولا يقف الأمر عند ”حرب الطماطم” فقط، بل خرج فلاحو منطقة ألميريا الإسبانية ليدقوا ناقوس الخطر محذّرين حكومة سانشيز، والاتحاد الأوروبي مما أسموه “الحرب الجديدة للمغرب ضد إسبانيا”، والتي ترتب عنها “خسارة فادحة في الموسم الفلاحي الإسباني، في غفلة من المسؤولين والسياسيين” على حد تعبيرهم.

وتكبّد مزارعو البطيخ في ألميريا الإسبانية خسائر فادحة خلال الموسم الفلاحي الحالي كلفتهم ما يزيد عن 75 مليون يورو، وهو “الوضع المزري” الذي تدخلت فيه “عدة عوامل على رأسها المنافسة غير الشريفة” التي يقوم بها المغرب في هذا المجال، على حد تعبيرهم، خاصة بعد الأزمة السياسية بين البلدين في الأشهر الأخيرة والتي شملت تداعياتها الموسم الفلاحي أيضا.

وفي ذات السياق، ظهرت مجموعة من الصور التي تداولها الإعلام الإسباني لفاكهة البطيخ ملقاة على الأرض، بعدما انتهى موسمها الفلاحي دون تحقيق أدنى نسبة من الربح بالنسبة للفلاحين، الذين شددوا على أن هذه الخسارة هي سابقة تعد الأولى من نوعها في تاريخ البلاد وهو ما يفسر أيضا الأسعار المنخفضة التي شهدتها الفاكهة “بسبب المنافسة الوحشية وغير العادلة التي تقوم بها دول مثل المغرب أو السنغال من خلال تصدير الفاكهة بشكل متزايد إلى أوروبا، حيث تختلف معايير الجودة الخاصة بها بشكل كبير عن تلك الموجودة في أوروبا”، على حد تعبير أحد الفلاحين المنتمين لجمعية المزارعين الشباب في المنطقة.

ويرى الفلاحون الإسبان أنه موسم “الإحباط” للفلاحة الإسبانية جاء بسبب درجات الحرارة المنخفضة التي شهدتها البلاد إلى جانب المنافسة الكبيرة مع دول جنوب البلاد، خاصة مع تزايد كمية المنتجات الأجنبية المستوردة، وهو ما يستوجب بحسبهم “التدخل العاجل للاتحاد الأوروبي من أجل حلحلة الأمر بصفة فورية وبشكل صارم باعتباره المتحكم في دخول المنتجات من قبل الدول في العالم الثالث” في مواجهة الوضع الحالي، مشدّدين على أنهم متشائمون من المستقبل ذلك أن الدول المعنية تشهد نموا فلاحيا متزايدا، على غرار المغرب.

وارتفعت نسبة استيراد البطيخ من المغرب في عام 2021 بأكثر من 3 بالمائة مقارنة بعام 2020، وبنسبة 27.5 بالمائة في القيمة المادية التي وصلت 16.5 مليون يورو، هذا يفترض متوسط ​​سعر 0.91 يورو / كيلو. غير أنه وفي غضون ذلك، انتهى موسم البطيخ في ألميريا بأسعار “بخسة جدا”، وهو ما دفع المزارعين إلى التخلص من أطنان الفاكهة.

وحذّر فلاحو ألميريا الحكومة مما يحدث أمام أنظارهم، مشدّدين على أن الخسارة التي تكبّدها موسم البطيخ ستمتد أيضا لمحاصيل أخرى قد تختفي في البلاد، على غرار الخيار أو الطماطم، وهو ما دفع مزارعين إلى اتخاد قرار التوقف عن زراعة هذه المنتجات مخافة أن ينتهي بهم الأمر بخسائر مادية كبيرة، كما حدث مع البطيخ، حيث تم تسجيل خسارة 6000 يورو للهكتار في المتوسط ​​من محاصيل هذه الفاكهة.

وأورد الفلاحون في تصريحات صحفية، أن زراعة البطيخ تزامنت مع بداية الأزمة المغربية الإسبانية، عقب دخول إبراهيم غالي زعيم البوليساريو إلى بر المملكة الإسبانية بهوية مزوّرة، وهو ما جعل المغرب بحسبهم “يضع هذه الخطة، لتمتد الأزمة إلى القطاع الزراعي، من خلال إغراق سوق البلد بمنتجاتهم، وبالتالي يكبد الفلاحة الإسبانية خسائر بالجملة”.

ويرى المزارعون أن الحل الوحيد الآن هو حماية منتج البلدان من طرف الاتحاد الأوروبي، خاصة وأن “تكلفة الإنتاج ستكون كبيرة مقارنة مع دول الجنوب، لأنها ملتزمة بمعايير الجودة من حيث الأسمدة وغيرها… وهي أمور لا يلتزم بها في المغرب الذي راهن بقوة على فلاحته واستثمر فيها أموالا طائلة من خلال إنشاء شبكة مياه في جميع أنحاء البلاد”.

وشدد الفلاحون على أن المنافسة مع المغرب في المجال الفلاحي “غير عادلة” بالنسبة لهم، ذلك أن المملكة بحسبهم تستخدم الأراضي الصحراوية حتى تنمو زراعتها للبطيخ، وهو الأمر الذي لم يكن في اتفاقهم مع الاتحاد الأروبي وبالتالي “هم لا يمتثلون للقواعد التي تفرضها أوروبا علينا كفلاحين، ويجب على سياسيينا أن يفهموا أن هذا أمر غير مقبول، إنها حرب.” على حد تعبير أحد الفلاحين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News