صحة

ممارسات تدليسية وفواتير تعسفية وغموض يلف سوقها.. مجلس المنافسة يعري المصحات الخاصة

ممارسات تدليسية وفواتير تعسفية وغموض يلف سوقها.. مجلس المنافسة يعري المصحات الخاصة

كشف مجلس المنافسة، في رأيه حول وضعية المنافسة داخل السوق الوطنية للرعاية الطبية المقدمة من لدن المصحات الخاصة والمؤسسات المماثلة لها، عن وجود ممارسات تدليسية تحول دون المنافسة داخل القطاع، واستمرار الاعتماد على شيك الضمان غير القانوني والفواتير التعسفية، وكذا الغموض الذي يلف سوق الرعاية الطبية المقدمة من قبل المصحات الخاصة.

كما أبرز التقرير، الذي اطلعت عليه “مدار21″، اللجوء غير القانوني للمصحات الخاصة لموظفي القطاع العام، استمرار حواجز الدخول إلى سوق الرعاية الطبية المقدمة من قبل المصحات الخاصة، والتوزيع الجغرافي غير المتكافئ، وغياب إطار قانوني معني بالمصحات الخاصة وتقادم النصوص التشريعية والتنظيمية المؤطرة له.

ممارسات تدليسية وفواتير تعسفية

أوضح تقرير مجلس المنافسة “استمرار الممارسات التدليسية التي تحول دون ضمان حسن السير التنافسي لسوق الرعاية الصحي المقدمة من قبل المصحات الخاصة، مضيفا أنه رصـد عـدة ممارسـات تدليسـية، تتعلـق أساسـا باتفاقيـات لاسـتقطاب العملاء أو المرضـى، وتشـمل اتفاقيات حصريــة وحســومات تمنــح بيــن المصحــات والمكلفيـن بالنقــل (ســائق ســيارات الإســعاف والأجــرة وغيرها)، وتتعلـق هـذه الممارسـات بحسـومات تمنـح لصالـح أطبـاء القطاعيـن العـام والخـاص. ويقـوم هـؤلاء بتوجيـه أو حتـى رفــض اســتقبال المرضــى لصالــح مصحــات توفــر حســومات أعلــى علــى شــكل أجــور غيــر مدرجـة فــي فاتــورة العلاجـات وغيـر مصـرح بهـا لـدى الإدارة الجبائيـة، ويتحملهـا المرضـى.

ولفت مجلس المنافسة إلى أن المصحـات تلجأ إلـى الممارسـة المتعلقـة بشـيك الضمـان، المحظـورة بموجـب القانـون الجنائي، مشيرا كذلك إلى أن موضـوع أداء خدمـات غيـر مدرجـة فـي فاتـورة العلاجـات يشكل موضـوع شـكايات مقدمـة من قبـل المرضى، حتـى لـو كان يتعلـق بالأطباء أكثـر مـن المصحـات. وفـي معظـم الحـاالت، مضيفا أن الطبيـب يطالب باعتمـاد هـذا النـوع مـن الأداء علـى أسـاس تقديـري، زيـادة علـى الأتعاب التـي تدفعهـا لـه المصحـة مقابـل خدماتـه.

ولوحـظ، وفق المجلس، توجـه إلـى فـرض فواتيـر تعسـفية مقابـل الرعايـة، موضحا “فـي الواقـع، ثمـة عوامـل تفاقـم بشـدة فواتيــر الاستشفاء، وتشــمل تعــدد الفحوصــات المفروضــة علــى المرضــى، والإفراط فــي استشــارة رأي الأطباء المتخصصيــن مــن طــرف زملائهم، وقبــول الدخــول غيــر المبــرر للمرضــى إلــى غــرف الإنعاش، وزيــادة فاتـورة المبيــت ليلا، عـلاوة علــى تكاليــف المبيــت، وفوتــرة الأدوية غيــر المســتهلكة”، مؤهذه الممارسات إلى إرساء نظام محاسبة مزدوج من قبل المصحات الخاصة.

“سرقة” موظفي القطاع العام

سجل مجلس المنافسة وجود ندرة بنيوية في الموارد البشرية الطبية وشبه الطبية التي تدفع المصحات الخاصة إلى اللجوء غير القانوني لموظفي القطاع العام، مشيرا إلى أن هـذه النـدرة أفضت إلـى عـدة علـل، مـن ضمنهـا عـدم إحـداث مصحـات خاصـة فـي عـدة جهـات فـي المملكـة، وجعـل المـوارد البشـرية شـبه الطبيـة وأطبـاء القطـاع العـام يعملـون خـارج نظـام الوقـت الجزئـي المعـدل، وغيرهـا.

وأوضح التقرير أن خـروج المــوارد البشــرية الطبيــة وشــبه الطبيــة التابعــة للقطــاع العــام عــن نطــاق العمــل المنظــم إلــى لا يفضي إلى تحريـف سـير المنافسـة فـي سـوق الرعايـة الصحيـة المقدمـة مـن قبـل المصحـات الخاصـة فحسـب، بـل يتسـبب كــذاك فــي تغييــر كبيــر فــي فعاليــة اســتخدام البنيــات التحتيــة الاستشفائية العموميــة.

غموض سوق الرعاية الطبية

أكد تقرير مجلس المنافسة وجود غموض يلف شوق الرعاية الطبية المقدمة من طرف المصحات الخاصة بالمغرب، مشيرا إلى أنه “على الرغــم مــن وزنهــا وثقلهــا، مــن حيــث عــرض العلاجات والاستهلاك الطبــي علــى حــد ســواء، لا تخضــع المصحـات الخاصـة إلـى تتبـع منتظـم مـن طـرف السـلطات العموميـة. ومـن تـم، لا يتوفـر المغـرب علـى هيئـة أو بنيـة داريـة (مصلحـة أو قسـم أو مديريـة) تابعـة لـوزارة الصحـة، مختصـة بتتبـع والنهـوض بالمصحـات الخاصـة، وجمـع المعلومـات المرتبطـة بهـا.

وأورد التقرير أنه “مـن أجـل سـد هـذا الفـراغ، اضطـرت مصالـح مجلـس المنافسـة إلى إجـراء تحقيـق ميدانـي، أنجـزه مكتـب دراسـات أنيطـت بـه هـذه المهمـة. وتمثـل الهـدف منـه فـي جمـع المعلومـات ذات الصلـة ببنيـة هـذه السـوق، وببنيـة تكاليـف المصحـات الخاصـة، والإكراهات الرئيسـية التـي تواجههـا مـن حيـث حواجـز الدخـول، وغيرهـا”.

توزيع جغرافي غير متكافئ

سجل مجلس المنافسة كذلك وجود توزيع جغرافي غير متكافئ وغير المتوازن للمصحات الخاصة بالمغرب، مشيرا إلى أن “تطــور التوزيع الجغرافي للمصحات الخاصـة بالمغــرب وفــق التنميــة الاقتصادية للجهــات وبمسـتوى انتشـار المـوارد البشـرية الصحيــة. وإلــى حــدود اليــوم، يتســم هــذا التوزيــع بعــدم التكافــؤ وغيــاب التــوازن”.

وأشار التقرير إلى أن خمــس جهــات تستحوذ على 79 في المئة من المصحـات الخاصــة و82 في المئة مــن الأسرة المتاحــة بالقطــاع الخــاص. ويتعلــق الأمــر بجهـات الــدار البيضاء-ســطات والرباط-سـلا-القنيطرة وطنجة-تطوان-الحســيمة وفاس-مكنـاس ومراكش-آسـفي.

وأكد التقرير أنه “فـي هـذه الجهـات، يحتـوي القطـاع الخـاص علـى 25 إلـى 50 في المئة مـن الطاقـة السـريرية لمجمـوع التـراب الوطنــي، مشيرا إلى معاناة جهــات الجنــوب والجنــوب الشــرقي باســتمرار مــن خصــاص فــي هــذه البنيــات الاستشفائية.

غياب الإطار القانوني وتقادمه

أكد مجلس المنافسة “غياب إطار قانوني معني بالمصحات الخاصة وتقادم النصوص التشريعية والتنظيمية المؤطرة له”، مشيرا إلى ذلك يشـكل أبـرز الخلاصـات التـي توصـل إليهـا المجلـس بشـأن سـوق الرعايـة الصحيـة، بالرغـم مـن أهميتهـا فـي العـرض الوطنـي للعلاجات الطبيـة.

وأشار المجلس إلى أن المقتضيــات القانونيــة الحاليــة المتعلقــة بهــا تظــل مشــتتة مــن حيــث عــدة نصــوص تشــريعية وتنظيميــة المؤطـرة للمنظومـة الصحيـة الوطنيـة، مؤكدا أن السـلطات العموميـة تعتبر المصحـات الخاصـة مكونـا بسـيطا مـن مكونـات هـذه المنظومـة.

وتتسـم النصـوص التشـريعية والتنظيميـة، وفق المجلس، بالتقـادم، وجـل نصوصهـا التطبيقيــة لــم يتــم نشــرها إلــى حــدود الســاعة، موضحا كذلك أن تقــادم الضوابــط التقنيــة ومعاييــر الجــودة، إلــى حــدود اليــوم، يعتبر أحــد العناصــر التــي تكتســي أهميــة خاصــة مــن حيــث أهميــة مخاطــر التقــاط عــدوى المستشــفيات التــي تحــدث فــي المنصــات التقنيــة التقليديــة وحتــى المتقادمــة.

وتشـهد سـوق الرعايـة الصحيـة المقدمـة مـن قبـل المصحـات الخاصـة تأخـرا فـي تجديـد بعـض المقتضيـات، مؤضحا أن هــذا التأخــر، المرتبــط باســتكمال الإطار التنظيمــي المتصــل بالمصحــات الخاصــة، يشكل مصدر اختلالات ونزاعـات، ويفضـي إلـى تغييـر فعاليـة ضبـط سـوق الرعايـة الطبيـة المقدمـة مـن قبـل المصحـات الخاصـة. كمـا يفضــي إلــى عــدة تجــاوزات التــي يتجرعهــا المرضــى، لاســيما المتوفريــن منهــم علــى التغطيــة الصحيــة والذيــن يســتمرون فــي تحمــل التكاليــف الملقــاة علــى عاتقهــم بطريقــة مترابطــة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News