افتتاحية

حضور أمير المؤمنين.. التاريخ العريق للدولة المغربية

حضور أمير المؤمنين.. التاريخ العريق للدولة المغربية

في كل النقاشات المجتمعية تؤكد المؤسسة الملكية في المغرب أنها حريصة على التعاقد الذي يجمعها مع الأمة المغربية، سواء تلك التي ينص عليها الدستور صراحة من خلال وظائف الملك باعتباره أميرا للمؤمنين كما ينص على ذلك الفصل 41 من الدستور أو باعتباره رئيسا للدولة كما ينص على ذلك الفصل 42، أو تلك التي تحمل رمزية مستوحاة من البيعة الشرعية التي يقتدي بها المغاربة بما فعله الصحابة.
وإذا كان الملك سواء بصفته أميرا للمؤمنين أو رئيسا للدولة حريصا على المقتضيات الدستورية، فإن الارتباط الوثيق الذي يجمعه بالأمة من خلال المناسبات الدينية، يؤكد أن حضور أمير المؤمنين، في الفضاء العام هو مواصلة طبيعية للتاريخ العريق للدولة المغربية، وهو ما أكده ترؤسه للاحتفال بمولد النبي محمد عليه السلام.
في المقابل وكل مرة، في محاولة لجر المجتمع لنقاش غير ذي جدوى -دستوريا على الأقل- يفتح النقاش بحمولة ذات أجندات معادية تستهدف المغرب دولة ومؤسسات من خلال الرمز الأكثر تعبيرا عن وحدة الأمة.
ورغم ضرورة الإنتباه إلى خطورة الطرح الأول فإن جزء من النقاش حول حضور الملك قد يحتمل قراءة بريئة تعبر في النهاية عن طلب شعبي راسخ وهو حضور قوي للمؤسسة الملكية في قيادة السياسات والمشروع الوطني، وسط تحديات حارقة ومحيط اقليمي متوتر وتحولات عالمية متسارعة.
في الأصل ارتباط المغاربة بالملكية تاريخي، وهي بالنسبة إليهم ليس مجرد مؤسسة من ضمن المؤسسات، والنظر إليها غير مبني فقط على مقاربة وظيفية، بل هي رمز للسيادة والوحدة، والتعبير الأقوى عن تطلعات الأمة المغربية، وهي ضمانة للاستقرار والحريات.
هذه الحقيقة جزء من التاريخ العريق للدولة المغربية، وهي إحدى ثوابت التعاقد الدستوري، وعنوان الهوية السياسية للمغرب.
لقد أعاد دستور 2011 التأكيد على المشروعية الدينية والتاريخية للملك كأمير للمؤمنين، مرسخا اختصاصاته السامية كرئيس للدولة وكملك دستوري، ضمن مقاربة قائمة على تمفصل مع الصلاحيات الحكومية تسمح بانبثاق ملكية استراتيجية حريصة على تدبير ما يتجاوز الزمن الانتخابي.
الممارسة تؤكد أن وتيرة الاشتغال الطبيعي للمؤسسات، ضمن ما تسمح به خريطة توزيع الصلاحيات، تحتل داخلها المؤسسة الملكية موقع القيادة والتوجيه والاطلاع بتأطير الإصلاحات الهامة، ذات الأثر الاستراتيجي مثلا (أوراش كبرى كالحماية الاجتماعية..)، أو المتعلقات بلحظات اللايقين (تدبير سياسات جائحة كوفيد ..) أو ذات طبيعة مجتمعية (مدونة الأسرة ..)، كما اتضح خلال السنوات الماضية.
لكل ذلك فالاحتفاء بذكرى مولد النبي الكريم في سياقنا المغربي الخاص، مناسبة كذلك للوقوف على تأهب نسيجنا المؤسسي ويقظة القوى المجتمعية والتعبئة الجماعية وراء المؤسسة الملكية في قيادة المشروع الوطني بمساراته السياسية والاقتصاديه، وتحدياته الداخلية و الخارجية.

تعليقات الزوار ( 1 )

  1. من مِنَن اللّه تعالى على هذا القطر العربي الإسلامي العريق بحضارته المجيدة، التَّليد بماضي أسلافه الشُّمِّ الذين برهنوا،على اختلاف أطيافهم ومشاربهم وأعرافهم وأعراقهم،بالفعل والموقف والحال، عن مدى وفائهم وإخلاصهم للبيعة الشرعيّة التي أخذوها على أعناقهم تديُّناً لا تملُّقاً أو تزلُّفاً.. اعتقاداً منهم بأن الدين الإسلاميَّ والوحدةَ الترابيّة واللُّحمة الوطنية المجتمعيّة والوفاءَ للعرش العلويّ المفدّىَ ليس محلّاً للمزايدات السياسوِيّة والحسابات الفئويّة الضيّقة ولن تكون بحالٍ..
    ولا يزال المغاربة الأحرار، مهما تعدّدت توجُّهاتُهم وانتماءاتُهم، بحمد اللّه تعالى على أتمِّ اليقظة والحرص على الحفاظ على المكتسبات والوقوف في وجه التحديات التي تستهدف المسَّ بالنسيج المجتمعيِّ والأمن القوميّ والحِسّ الوطنيّ.
    فاللّهمّ أتمّ علينا النعمةَ بعِزّ الإسلام والسّلطان والأوطان ما تَعاقب المَلَوان.
    وصدق اللّه القائل:
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا “الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا” الآية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News