ما تزال حفلات الرباط عاصمة الثقافة الإفريقية، المنظمة من طرف وزارة الشباب والثقافة والتواصل على مدى ثلاثة أيام، والتي انتهت بفضيحة مغني الراب “طوطو”، تثير الجدل، حيث إن وثائق كشفت أن هذه التظاهرة كلفت حوالي 8 ملايير سنتيم.
وتشير الوثائق ذاتها، التي تتوفر جريدة مدار21 على نسخة منها، إلى أن وزارة بنسعيد مولت هذه التظاهرة بغلاف مالي ناهز 60 مليون درهم، أي ما يعادل 6 ملايير سنتيم، بينما تكلفت وزارة الداخلية بالجزء الباقي، لتصل التكلفة الإجمالية للتظاهرة إلى 8 ملايير سنتيم.
هذا المبلغ خصص جزء منه لدفع أجور عدد من المغنيين والفنانين، الذين أحيوا حفلات هذه التظاهر، بمن فيهم مغني الراب “طوطو”، الذي فجر غضب المواطنين المغاربة، وعبروا عن رفضهم واستيائهم لما جاء على لسانه في ندوة صحافية من تنظيم وزارة الثقافة بمناسبة مهرجان الرباط عاصمة الثقافة الإفريقية، بالإضافة إلى تلفظه بالكلام “النابي” على المنصة أمام آلاف من الشباب.
وحول دعم الحكومة لمثل هذه المهرجانات، سجل الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، اليوم الخميس ضمن الندوة الصحفية التي أعقبت انعقاد مجلس الحكومة الأسبوعي، أن “هذا الأمر ليس له علاقة بالبرامج التي تدبرها الحكومة أو القطاع الوصي على الثقافة، مشيرا إلى أن رئيس الحكومة أصدر منشورا يؤكد على التقشف في جميع النفقات العمومية التي لا فائدة منها والتي يمكن تأجيلها والاستغناء عنها، وأكد أن جميع أعضاء الحكومة حريصون على تطبيق هذا المنشور ويتقيدون بكل مقتضياته.
وأكد مصطفى بايتاس، أن الحكومة ترفض هذا النزوح نحو خدش الحياء وتعتبره سلوكا غير مقبول، مشيرا إلى أنه تحدث مع وزير الشباب والثقافة والتواصل مهدي بنسعيد حول هذا الموضوع.
وشدد الوزير، على أنه لا يمكن بأي شكل من الأشكال التطبيع مع خدش الحياء والقبول به، وأعلن الوزير، أنه سيتم العمل على اتخاذ كل الإجراءات من أجل ألا تتكرر هذه السلوكات غير المعهودة في المجتمع المغربي، خاصة في الفضاء العام، ويحث للمغاربة أن يستمتعوا به بمعية عائلاتهم.
وشدد الناطق باسم الحكومة، على على “ضرورة التقيد بالأخلاق العامة والاحترام اللازم في الفضاءات العامة، كما يعرفها المغاربة داخل أوساطهم العائلية والأسرية”.
وأوضح الوزير، هذا المهرجان الذي نظم في إطار اتفاقية تم إبرامهما مع مؤسسة مسؤولة على التنشيط، كان طبيعي أن تدخل الوزارة في شراكة مع هذه المؤسسة، مضيفا بما أن هذا المهرجان تزامن مع فترة الصيف والتي تعرف عددا كبيرا من الاحتفلات، فكان الهدف أن تساهم الوزارة الوصية، بتجربتها من خلال إشرافها على قطاع الفن والثقافة، وبالتالي فسح المجال أمام ساكنة العاصمة الرباط وباقي المناطق.
وكان المغني طه فحصي الملقب بـ”الغراندي طوطو” في الوسط الفني، قد أدلى بتصريحات في ندوة صحفية من تنظيم وزارة الثقافة، أثارت جدلا واسعا في منصات التواصل الاجتماعي، بشأن “تعاطيه” المخدرات خلال حفلاته.
ودافع “طوطو”، خلال الندوة المذكورة المنظمة من طرف وزارة الشباب والثقافة والتواصل، عن تعاطيه للمخدرات، متفاخرا بالقول: “كنكميو الحشيش ومن بعد”، مضيفا: “الحشيش أقتنيه من منبعه على بعد 300 كلم، ومعروف عالميا أن الحشيش في المغرب، وكاين اللي كيجي باش يكميه عندنا”.
وبخصوص تحريض الشباب على “تعاطي المخدرات” ووصفه بـ”القدوة السيئة لهم”، استشهد “طوطو” بالفنان العالمي “بوب مارلي”، الذي كان مؤثرا حقيقيا، ولديه شعبة كبيرة وفق تعبيره، متسائلا: “واش أنا كميت أكثر منه وأكثر من سنوب دوك”.
وواصل مغني الراب “طوطو” استفزاز الجمهور، بالتلفظ بكلام ناب على خشبة المسرح، مخلفا استياء وامتعاضا كبيرين من قبل معظم ممن تابعوا المقطع الذي جرى تداوله على نطاق واسع.
ودخل فريق حزب التقدم والاشتراكية على الخط، حيث وجه سؤالا كتابيا إلى وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد، بشأن تنظيم وزارته لنشاط سمح بترويج فكرة “التعاطي للمخدرات”.
وتساءل فريق حزب “الكتاب” بالبرلمان، عن معايير انتقاء الوزارة للمواد والأشخاص الجديرين بتنشيط الفعاليات والاحتفالات والمهرجانات التي تنظمها، إضافة إلى التدابير التي يتعين عليها اتخاذها من أجل إظهار التنوع والتميز الثقافي للبلاد، والابتعاد عن كل أشكال الابتذال والإساءة إلى صورة الفن والثقافة والإبداع.
بدوره محمد والزين، النائب البرلماني عن الفريق الحركي وجه أيضا، سؤالا كتابيا لبنسعيد حول ملابسات إقحام “سلوكات مشينة” في حفل فني عمومي برعاية الوزارة، متسائلا حول الإجراءات التي اتخذتها الوزارة بخصوص عرض منتوجات “يمكن اعتبارها تجاوزا فنية تدوس على القيم والاخلاق، علما أن اليافعين الذين حضروا الحفل بإذن من آوليائهم كانت تحدوهم الرغبة في الاستمتاع بالفن بدل تلويث ذوقهم الفني بالتصرفات الغريبة التي عرفها الحفل”.
وفي بيان استنكاري، ندد ائتلاف اليوسفية للتنمية بـ”حجم المهزلة والفضيحة التي سجلتها وزارة الثقافة والشباب والتواصل بالسماح لمن هب وذب باعتلاء منصة مهرجانات الرباط الكبرى المفروض أن الوزارة تنظمها في إطار برنامج الرباط عاصمة الثقافة الإفريقية”.
وحمّل ائتلاف اليوسفية للتنمية المسؤولية المباشرة للوزير المهدي بنسعيد الذي “أساء عن قصد أو غير قصد الاختيار وأساء للصورة وللأهداف المتوخاة من هذه المهرجانات الكبرى في الرباط وللرسالة الملقاة على عاتق الوزارة تجاه الشباب والقاصرين والمجتمع”. متسائلا عن “حجم التساهل مع الانحراف العلني والتطبيع معه من خلال توظيف كلام نابي من قاموس زنقوي مسيء من طرف رابور يتفاخر بالبوح به دون أية خطوط حمراء”.
وطالبت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية أيضا، بعقد اجتماع للجنة التعليم والثقافة والاتصال، بحضور وزير الشباب والثقافة والتواصل، وذلك لمناقشة النموذج الفني والثقافي للوزارة من خلال تنظيم ودعم المهرجانات.
اشترك الآن في القائمة البريدية لموقع مدار21 لمعرفة جديد الاخبار