سياسة

صفقات “كورونا” تشعل مواجهة حادّة بين البرلمان ووزارة الصحة

صفقات “كورونا” تشعل مواجهة حادّة بين البرلمان ووزارة الصحة

رفضت المهمة الاستطلاعية البرلمانية حول الصفقات التي أبرمتها وزارة الصحة خلال فترة الجائحة، الاتهامات التي كالتها وزارة الصحة لأعضائها، حيث أصدرت المهمة التي يرأسها رشيد العبدي رئيس فريق “البام” بمجلس النواب، بلاغا شديد اللهجة ترد من خلاله على ما وصفته وزارة أيت الطالب بـ “زيف هذه الأخبار المغلوطة والمتحاملة التي بنيت على تسريب غير مشروع وبشكل مخالف للمقتضيات القانونية التي تنظم عمل اللجان الاستطلاعية.

وسجلت المهمة الاستطلاعية، أنه “أمام التصريحات والبلاغات غير المسؤولة لبعض مسؤولي وزارة الصحة، والتي تمس بمبادئ دستورية واضحة تتعلق بفصل السلط وتوازنها وتعاونها، وتحاول تبخيس عمل اللجنة والتشكيك في مصداقية تقريرها، فإنها تعلن “رفضها القاطع للتشكيك في عمل اللجنة ومصداقية تقريرها من قبل وزارة الصحة، والذي يتناقض مع المبادئ الدستورية المتعلقة بفصل السلط وتوازنها وتعاونها، وبربط المسؤولية بالمحاسبة”.

وشددت المهمة البرلمانية، في بلاغ حصل عليه “مدار 21″، على  أن  تقريرها قد تمت المصادقة عليه بالإجماع، وتمت إحالته بشكل رسمي وفق أحكام النظام الداخلي لمجلس النواب، معبرة عن استغرابها “من محاولات تهريب النقاش العمومي من الفضاء الطبيعي داخل البرلمان، والذي يسمح بالمحاسبة السياسية داخل المؤسسات”.

وسجلت اللجنة البرلمانية، استياءها الشديد من تهرب وامتناع وزير الصحة عن الاستجابة لبرمجة مناقشة التقرير داخل لجنة القطاعات الاجتماعية، وهي المناسبة الدستورية لتقديم ملاحظاته وتبريراته لما تضمنه هذا التقرير، مستغربة “من خروج بعض مسؤولي وزارة الصحة عن واجب التحفظ المفترض فيهم بموجب النصوص التشريعية جاري بها العمل، خاصة وأن الأمر يتعلق بلجنة برلمانية رسمية تشتغل وفق أحكام الدستور”

وبعدما أكد المصدر ذاته، اعتزازه وتثمينه للمجهودات الجبارة للأطر الطبية العاملة في مواجهة آثار جائحة كوفيد، والتي تستحق من المؤسسة البرلمانية كامل التقدير والامتنان، كما تستحق عناية خاصة لدعمها وتشجيعها على كفاءتها وتفانيها في حفظ صحة المواطنين، عبر عن إدانته “لمحاولات تحريف النقاش العمومي ومحاولة صرف الانتباه عن مضامين تقرير المهمة الاستطلاعية عبر ادعاء مزعوم للإساءة للأطر الطبية العاملة في مواجهة كوفيد”.

وأوضح البلاغ، أنه “بالنظر لحجم وأهمية هاته الصفقات التفاوضية، والتي بلغت 333 صفقة باعتمادات مالية إجمالية فاقت 3,4 مليار درهم، فقد اطلعت اللجنة على المعطيات المتعلقة بحوالي 160 صفقة تتعلق بميزانية الاستثمار لوزارة الصحة، بمبلغ اعتمادات إجمالي  يصل إلى 1,5 مليار درهم، و 174 صفقة من الاعتمادات المالية الخاصة بالحساب الخصوصي لجائحة كوفيد، بمبلغ اعتمادات  مالية إجمالية تفوق مليار درهم. ”

وفي هذا الإطار، تؤكد اللجنة أن التقرير الذي أعدّته، قد تم اعتماده رسميا من قبل جميع أعضاء المهمة الاستطلاعية، وتمت المصادقة عليه بالإجماع بعد نقاش عميق وتدقيق لمختلف محاوره وعناصره وفقراته، وتمت إحالته بشكل رسمي وفق أحكام النظام الداخلي لمجلس النواب، مضيفة  أن “تشكيل لجنة للتدقيق في هاته الصفقات جاءت بعد نقاش عمومي وجدل إعلامي واسع حول اختلالات مفترضة في تدبير هاته الصفقات، وكان لزاما على عليها أن تعمل على استجماع المعطيات والوثائق، لتتمكن من تقديم أجوبة سياسية واضحة وتنوير الرأي العام الوطني بهذا الخصوص، وهو جوهر العمل الرقابي عبر هاته الآلية البرلمانية”.

وشددت المهمة البرلمانية الاستطلاعية على أن جميع الملاحظات المثارة بخصوص الصفقات التفاوضية التي أبرمتها وزارة الصحة مبنية على معطيات وبيانات ووثائق رسمية مثبتة، وكان على وزير الصحة الحرص على القدوم للبرلمان لمناقشتها وتقديم أجوبته بشأنها، مشيرة إلى أن جميع الملاحظات والخلاصات الواردة في التقرير ركزت بالأساس على ضمان احترام القانون وعلى حفظ صحة وسلامة وحياة الأطر الطبية وعموم المواطنين على حد سواء.

ولفت المصدر ذاته، إلى أنه بعد رفض تزويد اللجنة بالوثائق التي طلبتها وتسببت في تأخير البدء في عملها لما يزيد عن أربعة أشهر، سجلت امتناع وتهرب وزير الصحة من مناقشة التقرير بعد إحالته بشكل رسمي على مكتب مجلس النواب وعلى لجنة القطاعات الاجتماعية، معبرة في المقابل عن استهجانها واستغرابها من البلاغ الغريب الذي أصدرته وزارة الصحة بتاريخ 19 يوليوز 2021، والذي يعتبر سابقة خطيرة في مجال التدخل في أشغال لجنة برلمانية ذات استقلالية وسلطة رقابية.

إلى ذلك، سجلت المهمة الاستطلاعية، حول الصفقات التي أبرمتها وزارة الصحة خلال فترة الجائحة، أن “ما وقفت عليه من ملاحظات قد يمثل جزءا فقط من الاختلالات التي تحتاج لتعميق البحث والتدقيق وتفعيل الآليات الأخرى للرقابة البرلمانية، خاصة وأن عددا من الملاحظات المثارة قد تشكل ضربا لمبادئ الشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرص، كما قد تمثل تبديدا للمال العام”.

وكانت وزارة الصحة، نددت بما اعتبرته “اتهامات تمس بسمعة أطر ومسؤولي وزارة الصحة وتخدش صورة المقاولات الوطنية اعتمادا على تقرير مؤقت وغير نهائي للجنة الاستطلاعية البرلمانية التي شكلت لمراقبة تدبير صفقات اقتناء المعدات والمستلزمات الطبية لمواجهة جائحة كوفيد 19”.

واستنكرت وزارة الصحة في بلاغها الذي توصلت “مدار21” بنسخة منه، ما وصفته بـ “زيف هذه الأخبار المغلوطة والمتحاملة التي بنيت على تسريب غير مشروع وبشكل مخالف للمقتضيات القانونية التي تنظم عمل اللجان الاستطلاعية في إطار الدور الرقابي للبرلمان على عمل الحكومة طبقا لأحكام الدستور والقوانين التنظيمية ذات الصلة.”

واعتبرت وزارة أيت الطالب أن “هذا التقرير المؤقت يعاني في شكله الحالي من عدة نقائص تقلص من مصداقيته وتفرغه من محتواه وتبعده عن تحقيق الأهداف الأصلية التي كانت وراء تشكيل اللجنة الاستطلاعية، ومنها عدم استكماله لمسطرة المناقشة والمصادقة داخل اللجنة البرلمانية المكلفة وكذا عدم انتظار إدراج رد وزير الصحة على الملاحظات الواردة فيه، بشكل يجعله وجهة نظر البعض أكثر منه عملا مؤسساتيا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News