بوز: حالة الاستثناء لا تلغي البرلمان وتجميد سعيّد “غريب”

اعتبر الخبير الدستوري أحمد بوز أن “تجميد” اختصاصات البرلمان الذي قرّره الرئيس التونسي قيس سعيّد بالارتكاز على حالة الاستثناء المنصوص عليها بالفصل 80 من دستور الجمهورية يبقى مفهوما غريبا من الناحية الدستورية، كما أن حالة الاستثناء نفسها في معظم الدول، بما فيها تونس، لا يترتب عنها حل البرلمان.
وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد أعلن الأحد الماضي حالة الاستثناء بالبلاد مقرّرا، بناء عليها، تجميد جميع اختصاصات مجلس نواب الشعب ورفع الحصانة عن النواب وإعفاء رئيس الحكومة وترؤس النيابة العامة.
وفي حديث ل”مدار21″، يرى أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط أن “جوهر الإشكال الدستوري لا يتمثل في لجوء الرئيس إلى حالة الاستثناء وإنما في ما رتبّه عنها من آثار وقرارات من مثل تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب، و”الحال أن هناك مقتضيات دستورية واضحة ودقيقة تنظم مثل هذه التدابير”.
فمثلا، يواصل الخبير الدستوري المغربي، هناك فصول أخرى في الدستور التونسي تنظم شروط وحالات رفع الحصانة إضافة إلى حل البرلمان حيث تربط ذلك بتنظيم انتخابات سابقة لأوانها.
وأوضح الأكاديمي المغربي أن الوظيفة الرئيسية لحالة الاستثناء، التي يبقى للرئيس الحق في إعلانها، تتناقض مع وضع حد لعمل المؤسسات، كما أن تجميد عمل مجلس النواب الذي له صلاحية المنازعة في تمديد حالة الاستثناء أمام المحكمة الدستورية إضافة إلى غياب هذه المحكمة نفسها في الواقع الفعلي لتونس “يضعنا أمام حالة دستورية شاذة”.
ويعطي الدستور التونسي للمحكمة الدستورية صلاحية البت بعد أجل 30 يوما من إعلان الرئيس لحالة الاستثناء في وقفها أو تمديدها بعد طلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو ثلاثين نائبا من أعضائه، وهو الأمر المتعذر حاليا بتونس في غياب هذا الجهاز القضائي.
وتابع بوز بأن هدف المشرع الدستوري من وضع هذه القيود الرقابية والزمنية يفسر بكون حالة الاستثناء في جوهرها تعد امتيازا يمنح للجهاز التنفيذي ورئيس الجمهورية عادة، ما يعطيه امتيازات قضائية وتشريعية وتنفيذية تبقى حدودها خاضعة لسلطته التقديرية، ما يجعل “قيس سعيّد عمليّا يحتكر حاليا السلط الثلاث”.
وفي السياق، اعتبر منسق ماستر الأداء السياسي والمؤسساتي بكلية الحقوق السويسي بالرباط أن اجتهاد الجمعية التونسية للقانون الدستوري في بيان أصدرته حول القرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية بناء على الفصل 80 من الدستور سليم بهذا الخصوص.
وكانت الجمعية التونسية للقانون الدستوري اعتبرت أن تجميد جميع اختصاصات مجلس نواب الشعب لا يدخل ضمن التدابير الاستثنائية التي يمكن اتخاذها بناء على الفصل80، وذلك لأن هذا الأخير ينص على بقاء المجلس في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة، الأمر الذي يتناقض مع تجميد اختصاصاته.
كما ذكرت سعيّد بوجوب استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإلى إعلام رئيس المحكمة الدستورية، منبهة إلى أن تعمّد عرقلة إخراج المحكمة الدستورية لحيز الوجود مما يجعل هذا الإعلام إجراء مستحيلا.