رأي

القضاء الدستوري يجعل من مخالفة حالة الطوارئ الصحية موجبا لبطلان الانتخاب ؟

القضاء الدستوري يجعل من مخالفة حالة الطوارئ الصحية موجبا لبطلان الانتخاب ؟

أثار قرار المحكمة الدستورية رقم 179.22،بخصوص ملف عدد:21/196؛القاضي بإلغاء انتخاب السيدين نور الدين مضيان، و محمد الاعرج، عضوين بمجلس النواب، عن الدائرة المحلية الحسيمة؛ ردود فعل متعددة الأبعاد، و نقاشا عموميا واسعا، من طرف المحللين السياسيين و الدستوريين، و المتتبعين والمهتمين بالشان الانتخابي و البرلماني، عندما ارتأت المحكمة الدستورية ،في حيثيات اجتهادها بخصوص هذه النازلة، أ نه يعود إليها ان ترتب جزاء انتخابيا خاصا على مخالفة الأحكام المتعلقة بحالة الطوارئ الصحية، أثناء الاجتماعات العمومية، المنظمة خلال الحملة الانتخابية، بمناسبة الانتخابات العامة آلتي جرت يوم 8 شتنبر 2021 ،متى ترتب عن ارتكاب المخالفة مساس بالمساواة وتكافؤ الفرص بين المترشحي؛في الوقت الذي اعتبرت فيه نفس المحكمة، وفي أقل من شهر، في حيثيات قرارها رقم:22.170، إنه إذا كانت مقتضيات المرسوم بقانون المتعلق بحالة الطوارئ الصحية، قد رتبت جزاءات على مخالفة الأحكام المنافية لحالة الطوارئ الصحية، فليس للمحكمة الدستورية ،ان ترتب جزاء انتخابيا خاصا على مخالفة تلك  الأحكام ،بمناسبة الاجتماعات العمومية ،المنظمة خلال الحملة الانتخابية ،ما لم يقترن ذلك بمناورات تدليسية.

ولا شك أن هذا الاجتهاد القضائي الدستوري الاخير قد استندعلى مقتضيات المادة89من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، التي بمقتضاها ،لا يمكن الحكم ببطلان الانتخابات جزئيا أو مطلقا إلا في الحالات التالية:

1إذا لم يجر الانتخاب طبقا للاجراءات المقررة في القانون.

2إذا لم يكن الاقتراع حرا أو إذا شابته  مناورات تدليسية.

. إ3ذا كان المنتخب أو المنتخبون من الأشخاص الذين لا يجوز لهم  الترشح للانتخابات بمقتضى القانون أو بموجب حكم قضائي.

فهل اخذت المحكمة الدستورية، في حيثيات قرارها القاضي بإلغاء انتخاب السيدين نور الدين مضيان و محمد الاعرج عضوين بمجلس النواب عن الدائرة المحلية الحسيمة، هذا لإطار المرجعي، والسند القانوني الوحيد، الذي يجب اعتماده من طرف القضاء الدستوري المغربي ،على سبيل الحصر ،  ولا يمكن القيام باي اجتهاد خارجه، نصا وروحا؛ وبالنظر للسياق العام، وأسباب نزول هذا الإطار القانوني المرجعي، الذي جاء نتاج معركة  سياسية – تشريعية حقيقية خاضتها الأحزاب الوطنية الديمقراطية ،وفي مقدمتها حزب الاستقلال، بهدف تحصين العملية الانتخابية، بما افرزته  نتائج صناديق الاقتراع،  من إعادة ترتيب الخريطة السياسية عبر قرارات القضاء الدستوري منذ الغرفة الدستورية، واول انتخابات تشريعية عرفتها البلاد في 1963، خلال مراحل من التجارب النيابية ،والتي كانت تستهدف هذه الأحزاب السياسية؛ هذامع ضرورة الحرص الشديد على احترام تراتبية النصوص التشريعية، مادام هذا الإطار المرجعي ينص عليه القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، باعتباره مكملا للوثيقة الدستورية،كما حرص على ذلك الاجتهاد القضائي الدستوري في قراره رقم 170.22،عندما ارتآى عدم ترتيب جزاء انتخابي خاص على مخالفة احكام حالة الطوارئ الصحية، بمناسبة الاجتماعات العمومية المنظمة خلال الحملة الانتخابية، مالم يقترن ذلك بمناورات تدليسية، وذلك انسجامامع  مقتضيات البند 2 من المادة 89 السالفة الذكر؟

 

و بالرجوع إلى حيثيات قرارا لمحكمة الدستورية، التي بموجبها تم ترتيب جزاء انتخابي خاص على مخالفة احكام حالة الطوارئ الصحية، بمناسبة الاجتماعات العمومية المنظمة خلال الحملة الانتخابية بالحسبمة ،لكون هذه المخالفة تشكل اخلالا بمبداي المساواة وتكافؤ الفرص ،فإن هذه المخالفة لا يمكن إعتبارها مساسا بهذين المبدأين، الا في حالة ما إذا ثبت منع الطاعن من القيام بهذه التجمعات، على غرار بقية المترشحي في الحسيمة؛ مع العلم ان تدبير حالة الطوارئ الصحية يعتبر شأنا محليا،  موكولا للسلطات الإقليمية ،بمقتضى المرسوم بقانون الذي ينظم هذه الحالة، وبالتالي فإن مخالفة مقتضيات هذا المرسوم يبقى التعامل معها، وترتيب الجزاءات بشانها، سلطة تقديرية للسلطات العمومية، حسب مدى تأثير ذلك على الأمن الصحي للمواطنين، بما في ذلك المنع، كما حصل بالنسبة للامين العام لحزب العدالة والتنمية بمدينة الرباط، ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار بمراكش، بمناسبة تجمعات عمومية؛ ولا يمكن أن ترقى هذه المخالفة إلى مستوى بطلان الانتخابات، مالم تقترن بمناورات تدليسية كما جاء في قرار المحكمة الدستورية رقم 22.170 ،الذي كان من المفروض ان يشكل اجتهادا قضائيا مرجعيا في مثل هذه القضايا، من اجل ضمان استقرار الاجتهادات القضائية الدستورية وتعزيز مصداقيتها ،مادامت قرارات المحكمة الدستورية غير قابلة للطعن.

وفي هذا السياق ،استحضرت قرار المجلس الدستوري المثير للجدل، والذي بموجبه تم الغاء الانتخاب الجزئي الذي أجري بالدائرة الانتخابية المحلية مولاي يعقوب ،بتاريخ 3 أكتوبر 2013 ،واعلن على إثره انتخاب السيد الحسن شهبي عضوا بمجلس النواب، وذلك استنادا إلى المهرجان الخطابي الذي نظمه  المطعون فيه، بجماعة عين الشقف، ألقيت خلاله،  عبارات تضمنت السب والقذف والاستهزاء ،استهدفت النيل من سمعة الطاعن وسمعة الأمين العام للحزب الذي ترشح باسمه، وذلك بناء على مقتضيات المادة 118 من القانون رقم 57.11، المتعلق  باستعمال وسائل الاتصال السمعي – البصري العموميةخلال الحملات الانتخابية، باعتبار ان حظر هذه الممارسات يسري على جميع وسائل الاتصال المستعملة في الحملات الانتخابية، بما فيها التجمعات الانتخابية؛ الأمر الذي دعا إلى التساؤل :متى كان النيل من سمعة الطاعن وسمعة الأمين العام للحزب الذي ترشح باسمه موجبا لبطلان الانتخاب ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News