دولي

روسيا تستهدف مدينة ماريوبول لتوحيد جيشها مع القوات الانفصالية

روسيا تستهدف مدينة ماريوبول لتوحيد جيشها مع القوات الانفصالية

استأنف الجيش الروسي مهاجمة مدينة ماريوبول الساحلية الاستراتيجية أمس السبت وواصل التقدم في أماكن أخرى في أوكرانيا مع استمرار القتال العنيف حول العاصمة كييف.

وقالت وزارة الدفاع الروسية “نظرا إلى غياب الرغبة من الجانب الأوكراني في التأثير على القوميين أو تمديد وقف إطلاق النار، استؤنفت العمليات (العسكرية) عند الساعة 18:00 بتوقيت موسكو (15:00 ت غ)”.

وكان الأوكرانيون قد أرجؤوا قبل ذلك بساعات إجلاء المدنيين من ماريوبول المطلة على البحر الأسود ومدينة أخرى محاصرة، وبرروا ذلك بانتهاك القوات الروسية وقف إطلاق النار.

نتيجة لاستمرار القتال في أوكرانيا، تفاقمت الأزمة الإنسانية مع بلوغ عدد اللاجئين إلى خارج البلاد 1.37 مليون شخص منذ بدء الغزو في 24 فبراير، وفق أحدث إحصائيات الأمم المتحدة.

وأدى النزوح الجماعي إلى تعبئة سياسية قوية، لا سيما في الدول الحدودية مثل بولندا، حيث التقى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أمس السبت، نظيره الأوكراني، دميتري كوليبا، عند الحدود مع أوكرانيا في تعبير عن دعم واشنطن لكييف، ووعد بأن تصرف الولايات المتحدة مساعدات بقيمة 2.75 مليار دولار. بدوره، أبلغ كوليبا بلينكن بأن بلاده بحاجة لمقاتلات وأنظمة دفاع جوي.

في جنوب شرق أوكرانيا، ستكون السيطرة على مدينة ماريوبول التي قصفها الروس وحلفاؤهم لعدة أيام، نقطة تحول مهمة في اليوم العاشر من الغزو، بينما تستعد موسكو وكييف لجلسة تفاوض ثالثة الإثنين.

وستؤدي السيطرة على المدينة إلى التحام القوات الروسية القادمة من شبه جزيرة القرم التي استولت مؤخرا على بيرديانسك وخيرسون، والقوات الانفصالية والروسية في دونباس وتوحيد هذه القوات للتحرك شمالا.

وسيسمح ذلك للجيش الروسي بتشديد الضغط العسكري على وسط أوكرانيا وشمالها حيث يحتدم القتال، لا سيما في كييف وخاركيف.

وأعلنت بلدية ماريوبول إرجاء إجلاء المدنيين “لأسباب أمنية” لأن الروس “يواصلون قصف ماريوبول ومحيطها”.

من جهتها، أكدت موسكو أنها احترمت وقف إطلاق النار واتهمت “القوميين” الأوكرانيين بمنع المدنيين من مغادرة المدن المحاصرة مثل ماريوبول واستغلال الهدنة لتعزيز دفاعاتهم.

وبعد عشرة أيام من الحرب، بات من المستحيل التحقق من حصيلة الضحايا بشكل مستقل، وقد أبلغت كييف عن مقتل ما لا يقل عن 350 مدنيا وأكثر من 9 آلاف عسكري روسي من دون أن تذكر خسائرها العسكرية، وأعلنت موسكو سقوط 2870 قتيلا على الجانب الأوكراني و498 في صفوف قواتها.

من جانبها، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر السبت إن “المشاهد اليوم في ماريوبول وفي مدن أخرى مفجعة”.

وكانت هذه المدينة التي يناهز عدد سكانها 450 ألف نسمة قد قاومت عام 2014 هجمات القوات الموالية لروسيا القادمة من دونيتسك خصوصا.

وقال أحد أعضاء منظمة أطباء بلا حدود غير الحكومية التي ما زالت في ماريوبول: “الليلة الماضية، اشتد القصف وأصبح أقرب” مضيفا أن السكان يفتقرون إلى كل شيء، خصوصا الماء لدرجة أنهم يضطرون لجمع الثلوج وإذابتها من أجل الحصول على هذا المورد الحيوي، والطعام مع تدمير القصف العديد من المتاجر.

يأتي حصار ماريوبول مع اقتراب القوات الروسية من كييف في مواجهة مقاومة شديدة في بعض الأحيان وقصف طال مباني سكنية لا سيما في تشيرنيغوف على بعد 150 كيلومترا شمال العاصمة حيث قتل عشرات المدنيين في الأيام الأخيرة.

وشاهد فريق من وكالة “فرانس برس” زار تشيرنيغوف السبت، مشاهد دمار في أحياء المدنية التي تقول موسكو إنها لا تستهدفها، ويقطنها 300 ألف نسمة والتي تفرغ من سكانها وحيث يرتسم مشهد يخشى أن يتكرر في وسط كييف المطوقة بقوات روسية.

وقال سيرغي، وهو أحد الناجين من القصف “كانت الجثث منتشرة في كل مكان. كانوا ينتظرون في طوابير للحصول على علاج وقد ماتوا جميعا”.

وأقر وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف في منشور على فيسبوك صباح السبت بأن الروس تقدموا في اتجاهات عدة لكنه أكد أنهم لا يسيطرون إلا على “جزء صغير” من أراضي البلاد وأن المقاتلين الأوكرانيين “يتصدون لهم”.

واتهم موسكو بتغيير تكتيكها واستهداف المدنيين بعدما واجهت مقاومة أوكرانية عنيدة قال إنها تقوض الخطط الروسية لغزو مدن كبرى وإطاحة حكومة الرئيس فولوديمير زيلينسكي بسرعة.

وواصل الرئيس الأوكراني تحدي موسكو وأعلن السبت أن القوات الأوكرانية شنت هجوما مضادا حول خاركيف ثاني مدن البلاد التي شهدت بعض أعنف عمليات القصف منذ بداية الحرب.

وواصل الجيش الروسي قصف المنطقة المحيطة بكييف في الشمال الغربي والشرق على وجه الخصوص.

في أحد المستشفيات في شمال العاصمة، تحدث جنود أوكرانيون مصابون لوكالة “فرانس برس”، أمس السبت، عن قتالهم غير المتكافئ تحت وابل من النيران الروسية، فيما تعهدوا أنهم سيعودون إلى الجبهة بمجرد أن يصبحوا قادرين على القتال مجددا.

وروى الجندي موتيكا (29 عاما) الذي أصيب بشظية “كنا في وضع استطلاعي وصادفنا رتلا معاديا. قاتلناهم وقتلنا جنودهم المشاة لكنهم امطرونا بقذائف الهاون”، وقد خسرت الكتيبة الأوكرانية العديد من المقاتلين واضطرت للتراجع.

وفي مكان غير بعيد أيضا عن كييف، تعرض فريق من قناة “سكاي نيوز” التلفزيونية البريطانية لهجوم في وقت سابق من هذا الأسبوع وأصيب أحد الصحافيين بالرصاص.

خلال عشرة أيام من الغزو، حقق الروس تقدما كبيرا في الأراضي الأوكرانية، لكنهم لم يستولوا حتى الآن إلا على مدينتين رئيسيتين فقط هما بيرديانسك وخيرسون، على الساحل الجنوبي للبحر الأسود.

وبحسب السلطات الأوكرانية، ستعقد جولة ثالثة من المفاوضات مع الروس الإثنين. لكن فرص تحقيق تقدم تبدو ضئيلة جدا، فقد حذر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من أن الحوار مع كييف لن يكون ممكنا إلا إذا تم قبول “كل المطالب الروسية” بما في ذلك ضمان وضع أوكرانيا كدولة “محايدة وغير نووية” و”إلزامها بنزع سلاحها”.

وأشار بوتين أمس السبت إلى أن أي بلد سيسعى إلى فرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا ستعتبر موسكو أنه أصبح طرفا في النزاع، وأكد من جهة ثانية أن بلاده لا تعتزم فرض الأحكام العرفية.

وانتقد الرئيس الأوكراني حلف شمال الأطلسي بشدة لرفضه فرض منطقة حظر طيران، معتبرا أنه “أعطى الضوء الأخضر لمواصلة قصف مدن وقرى أوكرانية”. واعتبر وزير الخارجية الأوكراني السبت أن قرار الحلف “مؤشر ضعف”.

وبرر رئيس الأركان الأمريكي، الجنرال مارك ميلي، قرار الحلف قائلا إنه “إذا تم الإعلان عن منطقة حظر جوي، سيتعيّن على شخص ما فرضها… سيتوجب علينا إذا أن نذهب ونحارب القوات الجوية الروسية بفاعلية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News