سياسة

الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تستنكر تحوّل المندوبية الوزارية لـ”دركي حقوقي”

الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تستنكر تحوّل المندوبية الوزارية لـ”دركي حقوقي”

استنكرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بيان المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان المعنون بـ”حتى لا تصبح الوصولات مشجبا أو ذريعة للمظلومية”، معتبرة أنه يتضمن هجوما وتجريحا صريحا للجمعية ولعملها، مؤكدة أنها لا يمكنها السماح به أو السكوت عنه.

وسطرت الجمعية في بلاغ لها مجموعة من التوضيحات ردا على المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، من بينها: “تحول المندوبية، على العكس من الأدوار المنوطة بها، إلى مؤسسة تمارس دور الدركي الحقوقي، من خلال إعطاء نفسها الحق في وضع تصنيفات للمنظمات والجمعيات الحقوقية، وتوزيع النعوت بناء على ذلك، دون أن تجشم نفسها عناء دحض ما تحمله تقاريرها وبلاغاتها من حقائق وبيانات”، مشددة على  أن العمل الحقوقي ليس لا “إصلاحيا” ولا “راديكاليا” أو “ثوريا”، إنما  “فعل يروم ترسيخ وتوطيد احترام وحماية وتعزيز كرامة الإنسان في كل مكان وزمان، لا تسويغ الانتهاكات وتبريرها بحجة “التدرج والتراكم”.

واعتبرت الجمعية أن المندوبية لم تجد ما تسند به دعاويها الواهية والمثيرة للشفقة، بخصوص “حشر الجمعية داخل معجمها الذي يصنفها في خانة: الاتجاه الراديكالي الذي يتخذ لبوسا حقوقيا، في جهل تام بالهوية الحقوقية للجمعية التي صهرتها السنون، وضعف معرفة بحياتها الداخلية”، ساخرة من اتهامها بكونها “رجع صدى” لمنظمة حقوقية دولية غير حكومية؛ وهي التي لا زالت تعد، بفضل شبكتها الواسعة من المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، مرجعا موثوقا في تحري المعطيات، وتوثيق الانتهاكات وتقييم أوضاع حقوق الإنسان ببلادنا، رغم ما قد يحتمله هذا من نقص أو يعتريه من عيوب.

وأضافت الجهة ذاتها: “تزعم المندوبية دون أي دليل أن الجمعية لم تقم، في أي يوم من الأيام، بتقديم ملف متكامل عما تتعرض له من منع وتضييق وحرمان من وصولات الإيداع، التي ليست بالمناسبة ما يضفي الشرعية القانونية على أية جمعية تشكلت بإرادة مؤسسيها؛ والثابت أن الجمعية قامت بذلك في اللقاءات التي جمعتها بوزير العدل والحريات، قبل أن تُنْشَأ وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان، ولم يسبق أن طلبت منها أية جهة أخرى موافاتها بهذا الملف وتخلفت عن القيام بذلك”.

وتابعت الجمعية: “كان حريا بالمندوبية ألا تنزلق، في مقاربتها لموضوع الجمعيات من منظور سياسة حقوق الإنسان، نحو تقديم تأويل يجزم بـ’وجود فراغ بَيِّن’، يمكن أن تعزى إليه تصرفات السلطات الإدارية عند رفضها تسليم وصولات الإيداع للعديد من الجمعيات والمنظمات التي لا تحظى بالرضى، وليس للجمعية وحدها؛ وهو ما يجافي الواقع وتكذبه الممارسات”، وفق البلاغ.

وواصلت الجمعية في إطار توضيحاتها، أنه “طيلة عقدين ونيِّف من الزمن، كانت فروع الجمعية، مع بعض الاستثناءات، تضع ملفات التأسيس أو التجديد، وتتسلم عنها وصولات الإيداع المؤقتة أو النهائية، ولم يصبح الوضع على خلاف ذلك، إلا ابتداء من سنة 2014، وخصوصا بعد تصريح وزير الداخلية آنذاك بالبرلمان، حيث بدأت السلطات تتدرج من رفض تسليم الوصولات إلى الامتناع عن تسلم الملفات دون أي تعليل، رغم استيفائها لجميع الشروط، مما يعني أننا أمام قرار سياسي وليس مجرد تصرفات إدارية معيبة”.

واستحضر المصدر ذاته، القانون المنظم للجمعيات، الذي لا يخوّل للسلطات الإدارية، تحت أي ظرف من الظروف، سلطة تقديرية تسمح لها بالامتناع عن استقبال ملفات التصريح، أو الحق في رفض إعطاء وصل عنها عند وضعها، وأجاز لها فقط، بعد أن تسلم وصلا مختوما ومؤرخا في الحال لواضعي التصريح، أن “توجه إلى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية المختصة نسخة من التصريح المذكور وكذا نسخا من الوثائق المرفقة به، وذلك قصد تمكينها من إبداء رأيها في الطلب عند الاقتضاء”، كما أنه أباح لها “إجراء الأبحاث والحصول على البطاقة رقم 2 من السجل العدلي للمعنيين بالأمر فيما جعل الاختصاص بالتصريح ببطلان الجمعية أو حلها لوجودها في وضعية مخالفة للقانون حصريا بيد القضاء متمثلا في المحكمة الإدارية”.

وخلص البلاغ، إلى أن المكتب المركزي، للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، يعرب عن استعداده لمد كل الجهات الحكومية والمؤسسات العمومية، بما فيها المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، بكل ما يسعفها على الإحاطة بالملف الخاص بوضعية الوصولات، وبشتى صور المنع والتضييق التي تتعرض لها الجمعية فروعا ومركزا، وضمنها نماذج من الأحكام الصادرة عن القضاء الإداري لفائدتها، حتى تتمكن من إعداد رأي موضوعي حول هذا الموضوع.

وكانت المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان قد أكدت أنه لا يجب اتخاذ موضوع الوصولات المتعلقة بتأسيس الجمعيات “مشجبا أو ذريعة للمظلومية”، مصنفا الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ضمن التيار الردايكالي في مجال حماية حقوق الإنسان، ينتقد بغاية التنديد والتشكيك من منظور أقصى المعارضة.

وأوضح المصدر ذاته أن صواب ذلك يتأكد، مرة أخرى، تبعا لما تم التعبير عنه في بلاغ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الصادر مؤخرا حول موضوع الوصولات ، ومن تعبيراته، “السلطويات ومؤسساتها الحقوقية الهجينة”، “ما تشهده حرية التعبير والحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات من تقييد وحصار يصل حد الحظر والمنع الصريح، وما يتعرض له الحيز المدني من تضييق وانكماش عز نظيره حتى في ظل سنوات الرصاص”.

وسجلت المندوبية الوزارية أنه “لا شك، أن أصحاب هذا الخطاب، وليس كبار مناضلي الجمعية الذين رسموا تاريخها في زمن مضى، لا يعرفون لا سنوات الرصاص ولا التضحيات التي تطلبت القطيعة معها ولا الجهود المطلوبة للحفاظ على المكتسبات”.

وتابعت “وحيث أن وصف هذا الاتجاه بالراديكالي الذي يتخذ لبوسا حقوقية، ليس تحاملا أو تهجما، بل وصف واقع. وفي جميع الأحوال، فإن من بين مكتسبات بلادنا، التي تستوجب التثمين، وجود آراء من أقصى المعارضة، تعبر عن مواقفها بحرية، وتتحمل تبعا لذلك مسؤولية اختياراتها، بلا مظلومية”.

وأعربت المندوبية الوزارية ، في السياق ذاته، عن استغرابها لما ورد في البلاغ المذكور “من أن تصبح جمعية مغربية، رجع صدى لمنظمة دولية غير حكومية، منخرطة في حملة مضادة ضد بلدنا، والتي ندعوها بالمناسبة، لأن تولي الاهتمام للمنطقة، التي تشهد انهيار الدول وتفكك موروثات حضارية والفتك بحقوق الإنسان .وعسى أن ت س ع ف ها صفتها الدولية في تقديم العون العاجل لضحاياها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News