سياسة

“الواجب الأخلاقي” يجمع ألباريس ودي ميستورا.. هل تغيّر إسبانيا موقفها من ملف الصحراء؟

“الواجب الأخلاقي” يجمع ألباريس ودي ميستورا.. هل تغيّر إسبانيا موقفها من ملف الصحراء؟

من المرتقب أن يلتقي وزير الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، اليوم الجمعة في مدريد، المبعوث الأممي الخاص للصحراء المغربية، ستافان دي ميستورا، في خطوة جديدة لدبلوماسية مدريد من أجل تبديد الأزمة “غير المسبوقة”، منذ أبريل الماضي مع المغرب، والتي فجّرها دخول إبراهيم غالي بهوية مزوّرة إلى بر الجارة الشمالية.

محاولات حثيتة ومتتالية

وأعلن ألباريس في ندوة صحافية عقدها بواشنطن عن لقائه مع ستافان دي ميستورا، مشددا على أن هذه الزيارة تنضوي ضمن مساعي الدبلوماسية الإسبانية لحلحلة ملف الصحراء المغربية.

وأكد ألباريس من واشنطن، أن بلده ستعمل على تحقيق اتفاق فعلي بشأن ملف الصحراء المغربية “المفتعل” والذي طال أمده، واصفا الأمر بأنه “واجب أخلاقي”.

وبالمناسبة ذاتها، عادت الدبلوماسية الإسبانية إلى اعتماد خطاب التودد للمغرب، في سعي منها إلى طي صفحة الخلاف المستمر “أبديّا”، على حد تعبير وزير الخارجية خوسي مانويل ألباريس، الذي أعرب عن رغبته الشديدة في تلقي إشارة إيجابية من الرباط تتمثل في عودة سفيرة المملكة، كريمة بنيعيش، إلى مدريد.

وقبل ساعات قليلة من هذه التصريحات التي أدلى بها ألباريس في لقائه مع الصحافة بواشنطن، كان العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس، قد زار الرواق المغربي بالمعرض الدولي للسياحة بمدريد “فيتور 2022″، في لفتة تصالحية أخرى، وهي الإشارات الإيجابية التي تعبّر عن رغبة الجارة الشمالية في مد يد الصلح إلى المغرب.

ولعل زيارة العاهل الإسباني رفقة عقيلته، للرواق المغربي وبقائه لفترة طويلة حيث تحدث إلى العارضين المغاربة، والتقط صورا تذكارية مع مسؤولي الرواق، تعبير ملكي عن حالة “التوافق التام” مع رسائل حكومة سانشيز وسياستها الخارجية بحسب ألباريس، ويأتي في سياق مؤشرات إيجابية متتالية للجارة الشمالية من أجل تقريب وجهات النظر بينها وبين المملكة المغربية.

وبهذا الخصوص، قال رئيس الدبلوماسية الإسبانية، إن الزيارة الملكية للرواق المغربي “أكثر شيء طبيعي في العالم بين الجيران والشركاء مثل إسبانيا والمغرب”.

بلوان لـ”مدار21″: إسبانيا تسعى لكسب ود المغرب

ويرى المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية، حسن بلوان، أن اختتام الزيارة الأولى لدي ميستورا، المبعوث الأممي إلى الصحراء المغربية، بلقاء مع وزير الخارجية الإسباني بعد سلسلة من لقاءات بدأت بالرباط وشملت باقي المناطق المرتبطة بالنزاع المفتعل هو “مهم جدا” في مسار الملف.

وتكمن أهمية هذه الزيارة، بحسب بلوان، “باعتبارها الأولى التي يقوم بها مبعوث أممي بعد سنوات من الجمود في مسلسل التسوية الأممية، كما أنها تأتي بعد سلسلة من المتغيرات طالت الملف لصالح القضية الوطنية بدءا بالاعتراف الأمريكي وصولا إلى التطورات الميدانية في الكركرات”.

المحلل السياسي، وفي تصريح خص به “مدار21″، شدد على أهمية تزامن هذا اللقاء مع تحركات إسبانية نشيطة وإعلان دعمها التام لجهود المبعوث الأممي دي ميستورا، بالإضافة إلى لقاء جمع وزيري الخارجية الإسباني والأمريكي الذي تناول التسوية السياسية لقضية الصحراء.

ويرى بلوان أن هذه الدينامية التي تنهجها الجارة الشمالية لكسبِ ود المغرب، تُظهر محاولتها الاضطلاع بدور أكبر في قضية الصحراء، كما يمكن أن يظهر منها أن الموقف الإسباني من الملف ستطاله تغييرات مهمة تقترب أكثر من الموقف الأمريكي والفرنسي والألماني، خصوصا بعد تصريحات وزير الخارجية التي شدّد فيها على أنه “من غير المعقول أن يستمر مشكل الصحراء لخمسين سنة أخرى”.

محاولات إسبانية لاستعادة المبادرة في ملف الصحراء

ويعتقد الخبير في العلاقات الدولية، أنه يمكن النظر للقاء المبعوث الأممي للصحراء مع وزير الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، وفق عدة محددات رئيسية أولها، أن “إسبانيا تحاول استعادة المبادرة بلعب أدوار مهمة في ملف الصحراء خاصة بعدما تم تهميشها في الإعلان الأمريكي المعترف بسيادة المغرب على أراضيه الجنوبية”.

اللقاء يأتي، بحسب المصدر ذاته، “بعد مجموعة من الإشارات الإيجابية التي تبادلها المغرب وإسبانيا من أعلى المستويات حول إذابة الجليد وتطبيع العلاقات بين البلدين”، يقول المتحدث، مشددا على أن العلاقات “تعرف أيضا أن المغرب لن يتساهل فيما يتعلق بوحدته الترابية، لذلك نتوقع موقفا إسبانيا أكثر توازنا في قضية الصحراء المغربية”.

من جهة أخرى، يرى المحلل السياسي أن “إسبانيا اقتنعت كباقي القوى المؤثرة بأن هذا النزاع طال أمده ولا بد أن يعرف طريقه للحل، لكنها تُناور حفاظا على مصالحها وعلى التوازن في غرب المتوسط”.

أي تأثير للموقف الألماني على تحركات الدبلوماسية الإسبانية؟

أما فيما يخص اتجاه المواقف الجزائرية نحو التصعيد والتعقيد وبعد افتعال أزمة الغاز، فسجّل بلوان أن “إسبانيا اقتنعت بأن هذه الاختيارات الجزائرية تقامر بالمنطقة وتتجه بها نحو المجهول، لذلك يبقى الطرح المغربي أقرب إلى المشروعية والواقعية”.

ويعتقد المحلل السياسي أن هذه المقاربة هي التي ستحكم الموقف الإسباني الجديد مع إدخال تعديلات تفاوض بها إسبانيا في ملفات أخرى كالأمن والهجرة وسبتة ومليلية وباقي الجزر المغربية المحتلة.

وكان تغيُّر موقف ألمانيا بشأن قضية الصحراء المغربية، واعترافها بمقترح الحكم الذاتي الذي يتبناه المغرب، قد عزل الدبلوماسية الإسبانية، وأظهر أنه ليس من التعقيد اتخاذ خطوات في هذا الاتجاه خاصة بعد اعتراف الولايات المتحدة بمغربية للصحراء وإقامة علاقات مع إسرائيل، اللذان يعدان حليفان لهما أهمية كبيرة في الخارطة السياسية العالمية.

الدبلوماسية المغربية تنتظر “طموحا ووضوحا” أكبر

من جانبها، تكتفي الدبلوماسية المغربية حاليا بالصمت إزاء كل هذه المتغيرات بما فيها التحركات الدبلوماسية الإسبانية وتوددها المستمر للرباط.

وعلى هذا الأساس، اكتفى رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، ببضع كلمات في حوار تلفزي بمناسبة مرور 100 يوم على توليه تدبير الحكومة الحالية، متجنبا بالمطلق الإشارة بشكل مباشر إلى إسبانيا في معرض كلامه، مكتفيا بتقييم إيجابي للموقف الذي اتخذته الدول الأخرى، فيما يتعلق بالصحراء، وهي القضية التي تتطلب بحسبه كثيرا من “الطموح والولاء”.

من جانبه، دعا الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، مساء أمس الخميس، الحكومة الإسبانية إلى “الكثير من الوضوح” من أجل النهوض بعلاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، مستحضرا مضامين الخطاب الملكي لعيد العرش الأخيرة، عندما أعرب الملك عن رغبته في بدء صفحة جديدة مع إسبانيا بعد الأزمة “غير المسبوقة” بين البلدين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News