“الوردة” يستبق تعديلات الحكومة بوضع مقترح لتجريم “الإثراء غير المشروع”

في سياق الجدل الذي أثاره قرار الحكومة سحب مشروع القانون الجنائي من البرلمان، أعلن الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، عن تقدمه بـ”مقترح قانون يتعلق بالإثراء غير المشروع” ويتوخى تكريس الآليات الفاعلة لتعزيز منظومة النزاهة والشفافية، ووضع حد لمظاهر الثراء الفاحش وغير المشروع الذي يظهر على بعض الأشخاص الذاتيين والمعنويين، بمناسبة قيامهم بمهامهم.
وأوضح عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، ضمن ندوة صحفية اليوم الأربعاء، أن تقديم مقترح قانون جديد يتعلق بالإثراء غير المشروع، يأتي في إطار تصور حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لاستراتيجية حقيقية وذات فعالية لمحاربة الفساد، تتضمن إجراءات وتدابير ملموسة، بعيدا عن التصريحات والتعابير الحكومية التي تعتبر في أغلبها مجرد إعلان عن النوايا.
وكان وزير العدل عبد اللطيف، لوّح بالتزامن مع الجدل الذي رافق سحب الحكومة لمشروع القانون الجنائي، بعد أكثر من 6 سنوات على إحالته على البرلمان، بإمكانية حذف مقتضى “الإثراء غير المشروع” من مشروع القانون رقم 10.16 المتعلق بتتميم وتغيير مجموعة القانون الجنائي.
وقال وهبي “إذا ارتأيت أن الإثراء بدون سبب، له قيمة قانونية وسيعلب دورا اجتماعيا مهما سأحافظ عليه وأنص عليه ضمن مشروع القانون الجنائي، الذي سحبته الحكومة من البرلمان”، مضيفا و”إذا ارتأيت أنه لا ينص على ذلك، سأسحبه بكل جرأة وشجاعة، لأن هذه قناعة مطلقة وأنا هنا في هذا الموقع لأعبر عن رأيي ورأي حكومتي”، واستدرك “لكن إذا رأى رئيس الحكومة أن يحافظ على الإثراء غير المشروع فسأقوم بتنفيذ ما يطلبه مني لأنه رئيس الحكومة”.
وجاء في المذكرة التقديمية لمقترح قانون الفريق الاتحادي، أن “مشروع قانون رقم 10.16 يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، الذي عملت الحكومة على سحبه مؤخرا، حاول تنظيم جريمة الإثراء غير المشروع، مختزلا ذلك في فصل يتيم ضمنه ضمن الفرع 4 مكرر، تحت رقم 256 – 8 ”
واعتبر المقترح الذي يتضمن 31 مادة، أن “جريمة الإثراء غير المشروع من بين أبرز جرائم الفساد التي تؤثر سلبا على المنظومة التنموية لبلادنا”، مسجلا أن القصور القانوني يمكن صاحبها من الإفلات من العقاب، في ظل غياب منظومة قانونية ترتكز على الحكامة الجيدة ومحاربة الفساد وتفعيل مبدإ ربط المسؤولية بالمحاسبة. “وهو ما يجعلها جريمة خطيرة تساهم في تخلف البلاد، وتقهقر مسارها التنموي.”
وأكد الفريق الاشتراكي، أن وضع منظومة قانونية لمواجهة هذه الجريمة وآثارها، لا يمكن أن يكون بفصل وحيد من جهة، كما لا يمكن سحبه وتركها دون تجريم من جهة ثانية، بل يتعين تنظيمها بقانون متكامل”، مضيفا “وهو ما يمكن التقاطه من عدة تجارب دولية فضلى، منها التجارب العربية كالأردن ولبنان وتونس، حيث تزايد الاهتمام بقواعد النزاهة العمومية، في إطار الحكامة الجيدة، وهو ما أدى في الكثير من الأنظمة إلى بروز منظومات قانونية متكاملة خارج قوانينها الجنائية.”
وشدد المصدر ذاته على أن “الارتقاء بالمنظومة التنموية لبلادنا، تنطلق أساسا بوضع حد نهائي وقطعي لمختلف أشكال الفساد، والعمل على إرجاع الثقة للمواطنات والمواطنين عبر تطبيق القانون في مواجهة أخطبوط الفساد بمختلف تلاوينه”، داعيا إلى “وضع منظومة قانونية قائمة على الحكامة الجيدة، باعتبارها أحد مظاهر تدبير الدولة الحديثة، والتوجه نحو اعتماد الكفاءة في المسؤوليات، وربط هذه الأخيرة بالمحاسبة.”
وأشار الفريق الاشتراكي، إلى أن “هذا التوجه، كان حاضرا وباستمرار، خلال حكومة التناوب، إذ سبق أن أكد عبد الرحمان اليوسفي في مراسلة موجهة إلى أعضاء الحكومة بتاريخ 26 ماي 1998 على التصريح بممتلكات الوزراء والقضاء على أشكال التبذير”، مبرزا أن “حكومة التناوب أولت أهمية كبرى للمنظومة القانونية، التي تستهدف من ورائها محاربة الفساد وتكريس النزاهة العمومية، من بينها على سبيل المثال، القانون المتعلق بحرية الأسعار والقانون المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة”.
ولفت المصدر ذاته، إلى أنه سبق في إطار المبادرة الاتحادية المناهضة لمختلف أشكال الفساد، أن قدم الفريق الاشتراكي بمجلس النواب عدة مقترحات قوانين تؤسس لمنظومة قانونية فاعلة، من بينها مقترح قانون يرمي إلى إحداث هيئة قضايا الدولة من أجل وقاية مرافقها من المخاطر القانونية، وتمكينها من آليات مركزية في مجال محاربة الفساد وتبذير المال العام.