ثقافة | حوارات

مكاسب ومصاعب..فرانسوا بورغا يقرب مدار21 من قصته مع العربية 

مكاسب ومصاعب..فرانسوا بورغا يقرب مدار21 من قصته مع العربية 

فتح المفكر الفرنسي  فرانسوا بورغا سيرة بداياته في تعلم  اللغة العربية وما جناه من” أرباح” ومكاسب من تملك زمامها  وما واجهه من مصاعب وتحديات في سبيل ذلك، في دردشة مع مدار21  بمناسبة اليوم العالمي للغة المتنبي (18  ديسمبر).

وعاد الأكاديمي الفرنسي المتخصص بقضايا العالم العربي بذاكرته إلى سنوات بعيدة غمرته في إحداها “عاطفة جياشة” حين بدأ يفك سر كلمات عربية من “كوكاكولا” برسمها المتداخل على قنينة المشروب الغازي إلى “الجزائز” بعلامة مرورية.

وكشف أن ما جناه في الحقيقة من “أرباح” يتعدى هذا التهجي الأولي لأحرف العربية إلى بناء جسور مباشرة مع أشخاص “لم يكن ممكنا أن أتواصل معهم دونها”، بما يعنيه ذلك من تحرر من إسار الفرنكوفونية في دراسته للمجتمعات العربية.

“لم أدرس اللغة العربية  بشكل رسمي بالجامعة، لكن خلال رحلتي العلمية بالجزائر التي قضيتُ فيها سبع سنوات، اتضح لي أن العربية ركيزة لا بد منها لاستيعاب المجتمع الذي أعيش فيه بشكل يتجاوز طيف الفرنكوفونية “، يقول بورغا في حديثه لجريدة مدار21.

“فهمت بسرعة أن هناك جزائر فرنكوفونية أنيقة وجميلة غير أنها لا تمثل المجتمع الجزائري، وأن هناك طبقات وفئات مجتمعية لا يمكن الوصول إليها وفهمها إلا إذا توجهت إليها بلسانها وهو ما يتطلب بذل جهد لغوي لتحقيق ذلك”.

وقد بذل بورغا هذا الجهد عبر محطات بدأت أولاها بالجزائر ثم تواصلت بمصر  واليمن وسوريا ولبنان في رحلة مكنته من تكوين نظرة دقيقة عن واقع المنطقة وسمحت له أيضا بتحصيل مستوى جيد في هذه اللغة.

“ثمار هذا الجهد جاءت سريعا”، يواصل بورغا في حديثه مع مدار21، “وقد غمرتني عاطفة جياشة حين استطعت قراءة “كواكولا” على قنينة المشروب الغازي أو “تونس” أو “الجزائر” على علامة مرورية بالطريق، لكن طبعا ما حصّلته من أرباح يتعدى هذا الأمر إلى التواصل وتبادل أطراف الحديث مع أشخاص لا يتحدثون لغة أخرى غير العربية”.

ويعتبر بورغا التواصل مع هذه الفئة من ساكنة المجتمعات العربية “أحد أكبر الأرباح” التي جناها بعد الجهود الطويلة التي بذلها لامتلاك ناصية العربية.

ومن “عائدات” هذا الجهد اللساني أيضا، حسب المفكر الفرنسي، هو تمكنه من إلقاء محاضرات بالعربية والتفاعل مع الحضور بشكل مباشر، إضافة إلى الاطلاع على الأعمال والكتابات العربية (في صيغتها الأصلية).

وإذا كان فرانسوا بورغا يتحدث اليوم العربية بلا مشاكل ويشارك بها في برامج حوارية ويلقي بها محاضرات، فلم تكن بداية مشواره في تعلمها خالية من أسئلة الجدوى.

وبهذا الصدد يقول “من بين التحديات التي واجهتها في بداية تعلمي للعربية هو أني اكتشفت أن هناك نسبة كبيرة من العرب يتحدثون الفرنسية بشكل أفضل بكثير احيانا من العربية نفسها، وهو أمر كان محبطا بالنسبة لي، فقد كنت أرى أن الجهود التي أبذلها لم تكن تؤتي ثمارها”.

وهي رؤية سرعان ما ستعوضها رؤية أخرى أفسح وأوسع للعالم العربي ستكون فيها العربية عماد قراءات وتحليلات وحورات لبورغا تحظى بتقدير واسع بين مجتمع الباحثين.

ولا يخفي بورغا أنه لم يزل يجد صعوبة في الكتابة بالعربية على لوحة المفاتيح بالحاسوب، مؤكدا أنه يستعين في انتظار تجاوز هذا التحدي بخدمات الإملاء التي تتيحها برامج الكتابة المعلوماتية.

وخصص فرانسوا بورغا مسيرته العلمية لدراسة الحركات والأنظمة السياسية بالعالم العربي ودرّس بالجزائر والقاهرة وصنعاء ودمشق وبيروت منتجا مؤلفات مرجعية حول الثابت والمتحول في المجتمعات السياسية بالمنطقة.

وتنوعت القضايا التي تناولتها أبحاث ومؤلفات الأكاديمي الفرنسي بين دراسة تطورات الحركات الإسلامية ومآلات الربيع العربية والإسلام السياسي بالمغرب الكبير وتأثيرات الاستعمار على بعض دول المشرق وما شابهها من قضايا.

وقررت الجمعية العامة  للأمم المتحدة  في 18 ديسمبر من سنة 1973 إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة اعترافا ب”دورها الهام في حفظ ونشر حضارة الإنسان وثقافته” كما جاء في ديباجة القرار.

وبذاك القرار اقتحمت لغة المتنبي وأبي العلاء والمنفلوطي والكواكبي سجلات ووثائق ومنشورات هيآت ولجان وآليات الأمم المتحدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News