مزور: إذا كانت البطالة مستفحلة بالمغرب فثمة قطاعات لا تجد عُمالاً

إذا كانت البطالة نقطة ضعف السياسات الحكومية في السنوات الأخيرة، بحيث فاقت في إحدى الفترات نسبة 13 في المئة، مع تجليات أوضح في صفوف الشباب وحملة الشهادات العليا، فثمة قطاعات صاعدة بحاجة ماسة ليد عاملة مؤهلة دون العثور عليها.
تلك كانت الملاحظة الأبرز التي أعرب عنها وزير التجارة والصناعة، رياض مزور، خلال كلمته برسم ندوة من تنظيم رابطة المهندسين الاستقلاليين، مساء أمس الخميس بالدار البيضاء، قائلاً إن “التحليل الخاطئ للواقع المغربي يؤدي بالضرورة لنتائج خاطئة، وأن الحاجة ماسة للانتباه لهذا النوع من التفاصيل”.
مزور الذي كان يُبدي وجهة نظره، المعاكسة للتيار على حد تعبيره، خلال ندوة رامت النقاش حول سبل الخروج من “مغرب السرعتين” الذي انتقده الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير قال؛ “تعلمون أن لدينا لجنة تجتمع كل سنة، وتضم جميع الوزارات، والقطاعين العام والخاص، ويجتمع الجميع لتشخيص الوضع، ومع ذلك لا نصل إلى النتائج المطلوبة”.
“أنتم تعلمون أننا اليوم نواجه مشكلة في التشغيل، ونحن نعلم ذلك، وفي الوقت ذاته لا نجد عمالاً لبعض القطاعات، بل في قطاعات كثيرة، وهذا الأمر يتفاقم يوماً بعد يوم.. إذن فلدينا مشكلة في التشغيل وفي جودة العمل “، يضيف الوزير الاستقلالي.
وتابع: “يُقال لنا إن هناك بطالة بين حملة الشهادات، وفي الوقت نفسه نرحب بتوسيع الفرص أمام من ليست لديهم شهادات. وهنا، عندما نخطئ في التشخيص، نخطئ في العلاج، ولهذا يجب أن نعمل بدقة وبحذر”.
وبخصوص ضعف المحتوى التشغيلي للاستثمار أو للنمو الاقتصادي، أورد مزور؛ “لقد بدأنا نرى استثمارات أكبر فأكبر، لكنها تخلق فرص عمل أقل فأقل. ماذا يعني ذلك؟ هل يجب أن نغيّر النهج؟ هل نحتاج إلى مقاربة مختلفة؟” ضارباً المثل في هذا الصدد بما حدث أثناء إرساء نظام الأداء على الطرق السيارة “جواز”.
تساءلنا “هل ينبغي اعتماد “جواز” رغم أنه يقلل الحاجة إلى الموظفين على الطرق السيارة؟ لأن وضع نظام كهذا يطرح السؤال: هل نحن بذلك ندمر فرص شغل أم نخلقها؟ وهذه هي المعضلة الحقيقية المرتبطة بالمحتوى التشغيلي للاستثمار”.
ومضى في نفس النهج؛ “هل نختار التكنولوجيا لنضمن استثماراً مستداماً ووظائف ذات جودة أفضل، حتى لو قلّ عددها؟ أم نتمسك بالأساليب التقليدية غير المستدامة التي تخلق مزيداً من الوظائف؟ إنه رهان حقيقي في مسار التنمية”.
وانتقد مزور في كلمته الخطابات التي تطلي اللوحة كاملة بالسواد؛ “لكي نعمل معاً ونقترح حلولاً حقيقية للمستقبل، لا ينبغي أن ننساق وراء الخطاب السلبي القائل بأن كل شيء يسير على نحو سيئ، ولا مع النماذج الجاهزة”.
“يقال إن الإنتاجية انخفضت، وهذا غير صحيح. لا يمكن القول إن إنتاجية العمل في المغرب تراجعت، حتى إن كانت الأرقام توحي بذلك. منطقياً، لا يمكن أن يكون الاستثمار يولّد مزيداً من الناتج المحلي والقيمة المضافة، ثم نقول إن الإنتاجية انخفضت، لأن الإنتاجية هي القيمة المضافة على عدد الوظائف”. مضيفاً: “نحن إذن نعمل ضمن دينامية فيها عناصر إيجابية وأخرى تحتاج إلى تحسين. هناك أمور يجب ربطها ببعضها، وأشخاص يجب جمعهم للعمل معاً، وقيم يجب تعديلها”.
ولفت إلى أنه “غالباً ما يُقال لنا: أنتم المسؤولون، أنتم الحكومة، أنتم من يجب أن يتحمل العبء. نعم، نحن نتحمل مسؤوليتنا كاملة، لكن المسؤولية جماعية أيضاً، على كل واحد منا أن يتحمل نصيبه”.
وخلص الوزير إلى أنه “إما أن نبقى في منطق “افعلوا أنتم ونحن نطالب”، أو نقرر جميعاً أن نتحمل المسؤولية سوياً، ونتساءل: ماذا يمكنني أنا أن أفعل لتحسين الوضع؟ ما الذي أحتاجه؟ ما الذي يمكنني تقديمه لتحسين وضع غيري؟”.





