بلغ 5.5 بالمئة.. الاقتصاد المغربي يسجل أعلى نمو منذ جائحة “كوفيد-19”

سجل الاقتصاد الوطني نمواً بلغ %5,5+ خلال الفصل الثاني من عام 2025، محققاً بذلك أعلى وتيرة له منذ مرحلة التعافي ما بعد كوفيد في عام 2021. وقد رافق هذا الأداء تحسن أكثر اعتدالاً في سوق الشغل، مع تقدم التوظيف المؤدى عنه بنسبة %1,4، على أساس التغير السنوي، خلال نفس الفترة، مقابل %3,4 في الفصل الاول.
ويعزى ذلك بالأساس الى توجه الشركات في قطاعي الخدمات والصناعة إلى تعديل قائم على رفع إنتاجية العمل بدل التوظيف الجديد، في سياق تميز بارتفاع التكاليف الأجرية، خاصة بالنسبة للمستخدمين بالحد الأدنى للأجور.
وتوقعت المندوبية السامية للتخطيط أن تستمر مرحلة التنامي للاقتصاد الوطني، التي انطلقت نهاية عام 2023، خلال النصف الثالث من عام 2025. وعلى الرغم من تسجيلها انخفاضاً في وتيرة تطورها مقارنة بالقفزة التي حققتها في الفصل الثاني من عام 2025، فإن دينامية الفروع الثانوية والثالثة ستظل مهمة، مما سيساهم في رفع النمو الاقتصادي الإجمالي إلى %4,3 و %4,7 على التوالي، على أساس سنوي، خلال الفصلين الثالث والرابع.
ومن المنتظر ألا يسفر هذا الأداء عن إحداث ضغوط كبيرة على الأسعار، حيث يُرجّح أن يظل التضخم الكامن عند مستويات معتدلة أقل من %2 خلال الفترة ذاتها، وفقا لمذكرة الظرفية الاقتصادية الصادرة عن المندوبية أخيراً.
وأشار المصدر ذاته إلى أن دورة النمو الجديدة للاقتصاد الوطني دخلت فصلها السادس، مسجلة ارتفاعاً في النشاط غير الفلاحي بمتوسط سنوي قدره %4,8 في الفصل. وقد أتاح هذا الزخم، الذي مكن من سد الفجوة في النشاط الناجمة عن الأزمة الصحية لكوفيد-19 بالكامل، ارتفاع معدل النمو الاقتصادي.
وتعززت الدينامية الاقتصادية لتصل إلى %5,5 في الفصل الثاني من عام 2025، بفضل انتعاش امتد ليشمل غالبية فروع النشاط. وقد شهدت الصناعات التحويلية والاستخراجية والبناء والإيواء تطورا مهما، مؤمّنة ما يقرب من %40 من النمو الاقتصادي الإجمالي.
وأفضت الدينامية المتواصلة للطلب الداخلي، خلال نفس الفترة، إلى تطور حجم واردات السلع والخدمات بنسبة %15,7. غير أن تحسن شروط التبادل التجاري، الناجم عن التطورات المتباينة لأسعار الصادرات والواردات وارتفاع سعر الصرف، ساهم في كبح ثقل فاتورة المدفوعات الخارجية، مما مكن من تخفيف تأثيرها على توسع النشاط.
ويرجح أن يعرف الاقتصاد الوطني عملية إعادة توازن خلال الفصل الثالث من عام 2025، بعد الطفرة القوية التي سجلها في الفصل السابق. ويُرجّح أن تشهد القيمة المضافة الأولية بعض التسارع، بينما ستشهد باقي فروع الإنتاج، في العموم، اعتدالاً في وتيرة نموها.
وسينتقل تنامي الفروع الثانوية الى نسبة %4,4 عوض %7,4، على أساس سنوي، رغم دينامية قطاع البناء. كما يرتقب ان تسجل الأنشطة الثالثية تباطؤاً طفيفاً، بنمو قدره %4,4، مقارنة ب %4,8 في الفصل السابق. وفي هذا العموم، يرجح أن يبلغ النمو الإجمالي للاقتصاد %4,3، مقارنة بـ %4,8 و%5,5 المسجلين في الفصلين الأول والثاني على التوالي.
ويُعزى هذا التباطؤ في النمو بشكل أساسي إلى بيئة دولية أقل مواتاة. ففي منطقة اليورو، ينتظر ان يتعرض النشاط الاقتصادي للكبح بسبب تباطؤ الصادرات خارج اوروبا وفتور استهلاك الأسر، بسبب استمرار ارتفاع معدل الادخار وتصاعد حالة عدم اليقين.
وفي ظل ذلك، سيشهد حجم الصادرات الوطنية من السلع والخدمات تراجعاً في معدل نموه عقب ارتفاع بلغ %8,5 في الفصل الثاني من العام. وفي الوقت ذاته، ينتظران تسجل الواردات نمواً أسرع من الصادرات، رغم تراجع ديناميتها مقارنة مع الفصل الثاني، مما سيساهم في تفاقم العجز التجاري واستمرار التأثير السلبي للتجارة الخارجية على النمو (3,7– نقطة).
كما من المُنتظر أن يُسجّل الاقتصاد الوطني استعادة نسبية للنشاط خلال الفصل الرابع من عام 2025، ليُحقق نمواً قدره %4,7 على أساس سنوي. حيث تشير التوقعات الى تطور أكثر إيجابية للطلب الأجنبي مقارنة بالفصل الثالث، تحت تأثير التخفيف التدريجي المُنتظر لأسعار الفائدة على الاستهلاك والاستثمار في كل من أوروبا والولايات المتحدة.