سياسة

هل ينجح جيل “Z” في تحويل الغضب وقوته التعبوية إلى فعل سياسي؟

هل ينجح جيل “Z” في تحويل الغضب وقوته التعبوية إلى فعل سياسي؟

بعد عشرة أيام متواصلة من الاحتجاجات الشبابية التي ملأت الشوارع المغربية وأعادت النقاش حول دور الجيل الجديد في صناعة القرار، يطرح سؤال جوهري نفسه بقوة: هل يمكن أن يتحول هذا الجيل، المعروف بـ”جيل زد”، من قوة احتجاجية رقمية وميدانية إلى كتلة ناخبة مؤثرة في استحقاقات 2026؟

فبين من يرى في هذا الحراك تعبيرًا عن وعي سياسي متنامٍ، ومن يشكك في قابلية تحويل الغضب الاجتماعي إلى فعل انتخابي منظم، يظل مستقبل المشهد السياسي المغربي رهينًا بمدى استعداد هذا الجيل للمشاركة في رسم ملامح التغيير عبر صناديق الاقتراع.

وفي هذا السياق، قال عبد العالي سرحان، الباحث في العلوم السياسية، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، إن “جيل زد” في المغرب يعيش لحظة سياسية مختلفة تمامًا عن الأجيال السابقة، إذ خرج إلى الشارع مدفوعًا بوعي جديد تشكل في فضاء رقمي مفتوح، يتجاوز الوسائط التقليدية وأطر الوساطة الكلاسيكية.

وأوضح سرحان أن هذا الجيل لا يحمل بالضرورة الانتماءات الإيديولوجية القديمة، بل يتبنى مطالب تتقاطع حول العدالة الاجتماعية والكرامة والفرص، وهو ما يجعله فاعلًا سياسيًا محتملاً، لكنه لا يزال في طور البحث عن أدوات تمثله خارج القوالب الحزبية المعتادة.

وأضاف الباحث أن جيل زد يمتلك قدرة فريدة على التعبئة السريعة عبر المنصات الرقمية، إذ تحولت الوسوم ومقاطع الفيديو القصيرة إلى محركات للرأي العام، غير أن هذه السرعة قد تكون أيضًا نقطة ضعف، لأن الحماس الرقمي لا يكفي لبناء حركة انتخابية مستدامة.

وقال في حديثه للجريدة إن الانتقال من “الترند” إلى “الصندوق” يتطلب عملًا منظمًا، واستمرارية، وإيمانًا بالجدوى السياسية للمشاركة، وهي أمور لم تُختبر بعد بعمق داخل هذا الجيل.

وأشار سرحان إلى أن العلاقة بين جيل زد والمؤسسات السياسية ما تزال هشة، فالكثير من الشباب لا يجد نفسه ممثلاً في الخطاب الحزبي، الذي ما زال يعتمد لغة جامدة ومنفصلة عن واقعهم الرقمي والاقتصادي.

واعتبر أن هذه الفجوة في التواصل قد تُفقد الانتخابات المقبلة زخماً كبيراً إن لم تُدرك الأحزاب أن معركتها الحقيقية ليست في البرامج، بل في بناء الثقة واستعادة المصداقية.

ويرى الباحث في العلوم السياسية أن احتجاجات الأيام العشرة الأخيرة قد تكون مقدمة لتأسيس وعي انتخابي جديد، لأن التجربة الميدانية زودت الشباب بإحساس جماعي بالقوة والقدرة على التأثير، وهو إحساس قد يتحول إلى طاقة انتخابية إذا وُجد من يحسن تأطيرها سياسياً.

وختم سرحان تصريحه بالقول إن كل شيء يتوقف على ما إذا كان جيل زد مستعداً للانتقال من منطق الرفض إلى منطق الفعل، موضحًا أنه إذا استطاع هذا الجيل تحويل وعيه الاحتجاجي إلى وعي انتخابي، فسيكون أحد أهم المتغيرات السياسية في تاريخ المغرب الحديث، أما إذا ظل أسير الغضب واللاانتماء، فستبقى طاقته معلقة بين الشارع والمنصات دون أن تترك أثراً حقيقياً في صناديق 2026.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News