“ضمير”: واقع الصحة العمومية يهدد ورش تعميم الحماية الاجتماعية

أعربت حركة “ضمير” عن قلقها العميق إزاء تدهور مستوى الرعاية الصحية في المستشفيات العمومية، التي كشفت عنها الاحتجاجات الشعبية في عدد من مدن البلاد، والتي تُبرز الفجوة الصارخة بين التصريحات الرسمية وواقع المرضى الذين يواجهون خدمات متعثرة، وتجهيزات غائبة أو غير صالحة للاستعمال، وغياب بعض الأطباء المتخصصين المنجذبين نحو القطاع الخاص.
ونبهت الحركة، التي عقد مكتبها التنفيذي اجتماعه الدوري أمس الأربعاء، الحكومة إلى المخاطر التي تهدد الورش الملكي المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، والذي تشكل الصحة العمومية أحد أعمدته الأساسية. مذكرة بأن هذا الورش لا يمكن اختزاله في مجرد تحويلات مالية أو خطابات جوفاء، وداعية إلى اعتماد حكامة مسؤولة وشفافة، مقرونة بتوفير الموارد الملائمة لحجم الطموحات المعلنة، مع ضمان تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
من جهة أخرى أدان المكتب التنفيذي الحملات الإعلامية المغرضة ضد مؤسسات المملكة، مؤكدا تمسك حركة ضمير بحرية الصحافة واحترام استقلالية الخط التحريري، قائلاً إنه “يدين بشدة الحملات العدائية والسموم الإعلامية التي تصدر عن بعض المنابر الأجنبية، والتي تستهدف مؤسسات السيادة الوطنية للمغرب. إن هذه الحملات المبنية على خلفيات إيديولوجية،وخلط فج، ومعطيات زائفة ومصادر غير موثوقة، لا تندرج في إطار إعلام مهني مسؤول بقدر ما تهدف إلى زعزعة الاستقرار ومحاولات التشويش”.
وأضاف في بلاغ اطلعت “مدار21” على نسخة منه أنه من الضروري، في أي نظام ديمقراطي، ضمان الشفافية والنزاهة في التواصل الحكومي. “فهاتان القاعدتان أساسيتان لإخبار المواطنات والمواطنين بمسؤولية حول فعالية السياسات العمومية والحصيلة الفعلية لعمل الجهاز التنفيذي. إن الحق في الوصول إلى المعلومة، الصحيحة والحقيقية، يعد وسيلة جوهرية لتعزيز الثقة في المؤسسات، وتحفيز المواطنين على الانخراط في الحياة الديمقراطية للبلاد”.
“غير أنه بدل أن تكون المقابلة الأخيرة لرئيس الحكومة مع القناتين الوطنيتين لحظة متميزة للحوار الديمقراطي ولمساءلة السياسات العمومية، تحولت إلى مناسبة لترويج مزاعم مناقضة للواقع وتغليط الرأي العام. لقد امتلأت هذه المقابلة بعدة مغالطات، بينما عجز الصحفيان المسيران للحوار عن تصحيحها أو على الأقل مساءلتها. ومن بين هذه المغالطات: مسألة تضارب المصالح وخاصة في قطاع المحروقات والماء؛ مقترحات القوانين المتعلقة بتفويت أصول مصفاة “سامير” إلى الدولة وتسقيف أسعار المحروقات؛ موضوع تخليق الحياة العامة؛ أرقام خلق فرص الشغل (91.000 منصب شغل صاف منذ 2022 وليس 600.000 كما ادعي)؛ معدل النمو؛ السنة المرجعية للحكومة (2021 وليس 2020)؛ عجز الميزانية (من دون احتساب التمويلات المبتكرة)؛ الدين العمومي (وليس فقط دين الخزينة)؛ عجز الميزان التجاري (أكثر من 300 مليار درهم)؛ تقييم مخطط المغرب الأخضر؛ سياسة التصنيع؛ تقديم 13 مليار درهم كمنح لمستوردي اللحوم الحمراء؛ خرق بنود دفتر الشروط في صفقة وحدة تحلية مياه الدار البيضاء… وغيرها” يضيف البلاغ.
ودعت الحركة رئيس الحكومة إلى نشر كل العناصر الواقعية ومصادر المعطيات التي يعتمد عليها في تصريحاته، وإلى الإجابة عن الأسئلة المشروعة للرأي العام بكل شفافية ومسؤولية وأخلاقية. “إن الوصول إلى المعلومة الصحيحة حق غير قابل للتفاوض بالنسبة للمغاربة. كما تؤكد الحركة أن تنظيم مناظرات علنية بين ممثلي الأغلبية والمعارضة واجب على الإعلام الوطني، وإلا سنكون أمام مهزلة ديمقراطية يصبح فيها المواطن، مرة أخرى، ضحية سلوكيات فاسدة من طرف طبقة سياسية معينة ومنابر إعلامية منحازة”.
وفي ما يتعلق بإصلاح التعليم العالي؛ “ترى حركة ضمير أنه بعد أكثر من عشرين سنة من تطبيق القانون 01.00، أصبح من الضروري الانخراط في إصلاح منظومة التعليم العالي والبحث العلمي، لمواكبة التحولات الأكاديمية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية. غير أن مشروع القانون 59.24 كما أعدته الحكومة يثير قلقاً عميقاً وانزعاجاً واسعاً بسبب: نهج الوزارة الوصية مساراً أحادياً دون إشراك الفاعلين الأساسيين (الأساتذة، الطلبة والنقابات)؛ تقويض دور التمثيليات الطلابية في الحياة الجامعية؛ إشكالات الحكامة الجامعية الناتجة عن تداخل المسؤوليات وغموض توزيع الاختصاصات وضعف التنسيق المؤسساتي؛ إضعاف الاستقلالية الإدارية والبيداغوجية للجامعة عبر الإفراط في التعيينات المباشرة وإحداث مجالس استشارية ذات مهام شكلية؛ مخاطر تسليع الخدمة الجامعية العمومية وتقويض مبدأ تكافؤ الفرص ومجانية الجامعة؛ توجهات تدعم الخوصصة المفرطة للتعليم العالي وصعود المؤسسات الخاصة الربحية؛ وتفاقم الفوارق الاجتماعية والمجالية”.
وأضاف و”إذ تؤكد حركة ضمير أن هذه التوجهات الليبرالية تهدد وجود الجامعة العمومية المغربية، فإنها تدعو إلى إعادة النظر في هذا المشروع من أساسه، في إطار حوار وطني جاد وشامل، يضم جميع الأطراف المعنية ويضمن شروط إصلاح طموح وعادل”.
وأكد المكتب التنفيذي في بلاغه على “مركزية حقوق الإنسان وأهمية الحريات الجماعية والفردية باعتبارها ركائز أساسية لأي مجتمع ديمقراطي. وترى أنه من الضروري ضمان حرية التعبير عن الآراء والقناعات الشخصية، وحرية الضمير والمعتقد، في إطار القانون واحترام مشاعر المجتمع الوطني. وتدعو إلى فتح حوار مفتوح وبناء، يقوم على احترام الحقوق والحريات الأساسية واحترام الأشخاص، وتقترح إحداث فضاءات للنقاش المجتمعي-الديني، تكون إطاراً هادئاً ومسؤولاً لمعالجة القضايا المجتمعية، بمشاركة ممثلي الهيئات الدينية والفاعلين المدنيين والأكاديميين والخبراء”.
كما أعلن عن مبادرة حركة ضمير لتعزيز شفافية الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2026، مذكراً بأن حركة ضمير كانت قد التمست، في شهر غشت الماضي، عقد لقاء مع وزير الداخلية من أجل عرض مقترحاتها المتعلقة بالانتخابات التشريعية لسنة 2026، وذلك انسجامًا مع التوجيهات الملكية بشأن الإعداد لهذه الاستحقاقات «في إطار مشاورات سياسية واسعة مع مختلف الفاعلين«.
و”إذ لم تتلقّ الحركة أي رد إلى حدود اليوم، فإن هذه المبادرة كانت ترمي إلى الإسهام في ضمان انتخابات حرّة وشفافة وذات مصداقية، وإلى ترسيخ شرعية مؤسساتنا التمثيلية، وتعزيز ثقة المواطنات والمواطنين في المسار الانتخابي”.
وتشدد حركة ضمير على مسؤولية الحكومة في توفير إطار ديمقراطي شامل، كما تعلن عن تقديمها قريبًا لمذكرة مفصلة إلى المواطنات والمواطنين، تعرض من خلالها رؤيتها لـ «نموذج سياسي جديد» في إطار ثوابت الأمة. وستتضمن هذه المذكرة المبادئ المؤسسة، والتوجهات العامة، والإصلاحات الهيكلية، وكذا الترتيبات العملية لهذا النموذج السياسي الجديد.
وفي ختام البلاغ، عبرت حركة ضمير عن بالغ استنكارها إزاء المأساة الإنسانية في فلسطين، ولا سيما في غزة، حيث يتعرض المدنيون لمعاناة لا تُحتمل. “كما تدين الإبادة الجماعية التي ترتكبها دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، وكذلك العدوان الإسرائيلي على دولة قطر في انتهاك صارخ لسيادتها وللقانون الدولي”.
وجددت حركة ضمير تأكيد دعمها للشعب الفلسطيني وتضامنها مع الشعب القطري، وتدعو المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري من أجل وقف إطلاق النار، وحماية المدنيين، وضمان احترام القانون الإنساني الدولي. “كما تطالب المجتمع الدولي بقطع العلاقات مع إسرائيل، وإنهاء أشكال التعاون العسكري والاقتصادي معها، والعمل على تنفيذ أوامر التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق قادتها”.